أعلنت تركيا، الخميس، نجاحها في تنسيق أكبر عملية تبادل سجناء بين 7 دول من بينها الولايات المتحدة وروسيا في السنوات الأخيرة، شملت 26 سجيناً، بعد مفاوضات سرية وصفت بـ"المعقدة" استمرت أكثر من عام.
وقالت الخارجية التركية في بيان، إن "عملية التبادل التي جرت اليوم، هي الأكثر شمولاً في السنوات الأخيرة، إذ شملت تبادل 26 شخصاً كانوا في سجون 7 دول، هي الولايات المتحدة، وألمانيا، وبولندا، وسلوفينيا، والنرويج، وروسيا، وبيلاروس"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التركية "الأناضول".
وأشارت إلى أنه "ضمن نطاق عملية التبادل، تم نقل الأشخاص إلى تركيا على متن 7 طائرات، 2 من الولايات المتحدة وواحدة من كل من ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا"، لافتةً إلى "نقل 10 أشخاص أيضاً بينهم طفلان إلى روسيا، و13 شخصاً إلى ألمانيا و3 إلى الولايات المتحدة".
ومن بين الذين تمت مبادلتهم إيفان جيرشكوفيتش مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال"، وبول ويلان الجندي الأميركي الذي كان مسجوناً في روسيا.
كما يحمل أحد المحتجزين جنسية مزدوجة (روسي-بريطاني)، وهو المعارض للكرملين كارا مورزا، ومن بين السجناء أيضاً الصحافية الإذاعية الروسية الأميركية ألسو كورماشيفا. وتشمل القائمة المعارض الروسي إيليا ياشين، والمدافع عن حقوق الإنسان أوليج أورلوف.
"قرارات شجاعة"
من جهته قال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمة في البيت الأبيض وهو محاط بأفراد عائلات مواطنين ومقيمين أميركيين أطلق سراحهم من روسيا، إنه "مساء جيد جداً"، مشدداً على أن "المحنة التي مر بها السجناء الأميركيون انتهت، وهم الآن أحرار".
وأضاف: "اليوم نعيد إلى الوطن 3 مواطنين أميركيين، بالإضافة إلى مقيم، 4 جميعهم سُجنوا ظلماً في روسيا".
وأشار بايدن إلى أنه تحدث مع الأميركيين المفرج عنهم، وهم في طريقهم إلى الولايات المتحدة، معتبراً أن حلفاء واشنطن "اتخذوا قرارات شجاعة من أجل الصفقة".
وفي رده على سؤال أحد الصحافيين، قال بايدن إنه "ليس بحاجة إلى الحديث مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين" بشأن هذه الصفقة.
"احترام حرية التعبير السياسي"
ورحب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بإفراج روسيا عن عدد من السجناء من بينهم المعارض الروسي البريطاني فلاديمير كارا مورزا الذي حكم عليه بالسجن 25 عاماً بتهمة الخيانة.
وقال ستارمر على منصة "إكس": "أرحب بالإفراج عن عدد من السجناء الذين كانوا محتجزين في روسيا، ومن بينهم فلاديمير كارا مورزا وبول ويلان وإيفان جيرشكوفيتش"، متعهداً بـ"مواصلة دعوة روسيا إلى احترام حرية التعبير السياسي".
وتفاوضت إدارة بايدن على عملية التبادل المعقدة مع روسيا والعديد من الدول الأخرى، ووافقت على إعادة 8 سجناء محتجزين في الغرب إلى روسيا، بينهم فاديم كراسيكوف، الذي كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة لقتله معارضاً شيشانياً، ويحمل جنسية جورجيا أيضاً في برلين.
وتم التفاوض على العملية سراً لأكثر من عام، وهي تمثل إنجازاً كبيراً للأطراف، وستقدمها إدارة بايدن باعتبارها نجاحاً كبيراً في السياسة الخارجية مع دخول السباق الرئاسي الأميركي شهوره الأخيرة، بحسب وكالة "رويترز".
"لم يكن قراراً سهلاً"
أما الحكومة الألمانية فوصفت قرار إطلاق سراح كراسيكوف الذي كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في ألمانيا لقتله مهاجراً شيشانياً بالرصاص في حديقة ببرلين عام 2019، بأنه "لم يكن سهلاً".
وأوضحت الحكومة في بيان، أن كراسيكوف كان من بين الروس الذين أطلق سراحهم، مقابل 15 شخصاً مسجونين "ظلماً" في روسيا، وألماني حُكم عليه بالإعدام في بيلاروس، مضيفة أن "التزامنا بحماية المواطنين الألمان، وتضامننا مع الولايات المتحدة، كانا دافعين مهمين".
تأكيد روسي
وفي المقابل، أكد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، إعادة 8 روس كانوا معتقلين ومسجونين في عدد من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى وطنهم، على حد تعبيرهم.
وأضاف الجهاز الروسي في بيان، أن "عودة الروس إلى الوطن كانت ناجحة بفضل العمل المخطط للوكالات الحكومية المختصة والشركاء الأجانب"، لافتاً إلى أنه "نتيجة لعملية التبادل، أُعيد قاصرون أيضاً إلى روسيا".
وأشار الجهاز إلى أنه "تم استبدال الروس الذين عادوا إلى الوطن بمجموعة من الأشخاص الذين عملوا لصالح الدول الأجنبية على الإضرار بأمن روسيا".
وقال مصدر في إحدى الإدارات الروسية المختصة لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "أرتيم وآنا دولتسيف، وبافيل روبتسوف، وفاديم كوناششينوك، وميخائيل ميكوشين، ورومان سيليزنيف، الذين كانوا مسجونين في دول (الناتو)، عادوا إلى روسيا".
وذكر المصدر، أن "روسياً معروفاً باسم كراسيكوف، كان يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة في ألمانيا، وفلاديسلاف كليوشين، الذي كان مسجوناً في الولايات المتحدة، أُعيدا أيضاً إلى البلاد".
عملية تاريخية
وذكرت وكالة"الأناضول" في تقرير، أن عملية التبادل دخلت التاريخ باعتبارها الأكثر شمولاً بين الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا في السنوات الأخيرة، وتم إنشاء قنوات الحوار الخاصة بالعملية من قبل الاستخبارات التركية.
وتم جمع الأطراف بتركيا في يوليو الماضي، بإشراف الاستخبارات التركية، حيث جرت مفاوضات بشأن عملية التبادل التي سيتم تنفيذها بين المواطنين الروس المسجونين في الولايات المتحدة وألمانيا وبولندا والنرويج وسلوفينيا ومواطني الدول الغربية القابعين في سجون روسيا وبيلاروس.
وأشارت مصادر أمنية لـ"الأناضول"، إلى أن "الاستخبارات التركية هي التي أشرفت على إدارة ومراقبة عملية التبادل بين 7 دول منذ بداية عملية التفاوض وحتى لحظات التنفيذ الأخيرة". كما وفرت جميع التدابير الأمنية والمخططات والاحتياجات اللوجستية والاتصالات والتنسيق بين الأطراف المعنية".
وبعد الانتهاء من إجراءات المصادقة الخاصة بالدول الأطراف، وتوفير الفحوصات الصحية للمحتجزين والاحتياجات الأخرى المطلوبة، تم وضعهم على طائرات بلدان سيتوجهون إليها بموافقة وتعليمات الاستخبارات التركية، بحسب "الأناضول".
وتمت عملية عودة الطائرات التابعة للدول الأطراف إلى الأماكن المحددة أيضاً بموافقة من وحدات الاستخبارات التركية، وفقاً للوكالة.