هاجم محتجون الشرطة، وأضرموا نيران، الجمعة، في مدينة سندرلاند في شمال شرق إنجلترا، مع اتساع نطاق العنف وامتداده إلى المدينة بعدما أودى حادث طعن بحياة 3 فتيات في ساوثبورت، الاثنين الماضي.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، أن محتجين مناهضين للهجرة، رشقوا قوات مكافحة الشغب بالحجارة قرب مسجد في المدينة، قبل أن يقوموا بقلب المركبات وإضرام النار في سيارة، وإشعال حريق آخر بجوار مكتب للشرطة، وذلك بعدما انتشرت شائعات بشأن تورط "مسلم مهاجر" في الحادث، وهو ما نفته الشرطة البريطانية.
وأفادت صحيفة "الجارديان"، بأن مبنى واحداً على الأقل أُضرمت فيه النيران، كما انقلبت سيارة وأضرمت فيها النيران بينما كانت الشرطة تكافح للسيطرة على حشد يضم عدة مئات من المحتجين.
وكان بعض المحتجين يرتدون أقنعة وبعضهم الآخر يرتدون علم إنجلترا، وتعرّض ضباط الشرطة للرشق بعلب معدنية وحجارة في وسط المدينة ومسجد قريب على طريق سانت مارك.
وقال نيك لولز من منظمة حركة "أمل لا كراهية" (Hope Not Hate) المناهضة للعنصرية، في منشور على منصة "إكس" بشأن المبنى المحترق: "لقد بلغت الاحتجاجات اليمينية المتطرفة والعنصرية ذروتها بهذا. عار على كل أولئك الذين يواصلون تبرير هذه الاحتجاجات".
الحكومة تتوعد
ونقلت عن وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر قولها: "المجرمون الذين يهاجمون الشرطة ويثيرون الفوضى في شوارعنا سيدفعون ثمن عنفهم وبلطجتهم".
وأضافت الوزيرة: "تحظى الشرطة بدعم كامل من الحكومة لاتخاذ أقوى إجراء ممكن، وضمان مواجهتهم للقوة الكاملة للقانون. إنهم لا يمثلون بريطانيا".
فيما قالت هيلينا بارون، رئيسة شرطة نورثمبريا في بيان: "سلامة الناس هي أولويتنا القصوى، عندما علمنا أنه تم التخطيط لاحتجاج، حرصنا على زيادة وجود الشرطة في المدينة".
وأضافت: "خلال المساء، واجه أفراد الأمن مستويات خطيرة ومتواصلة من العنف، وهو أمر مؤسف للغاية".
وتابعت أن ثلاثة من أفراد الشرطة نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج، كما اعتقل 8 أشخاص حتى الآن بتهمة ارتكاب جرائم مثل الاضطرابات العنيفة والنهب.
وكان الاحتجاج في سندرلاند، واحداً من بين أكثر من 12 احتجاجاً، خطط لها محتجون مناهضون للهجرة في جميع أنحاء بريطانيا هذا الأسبوع، بما في ذلك في محيط مسجدين على الأقل في ليفربول، أقرب مدينة إلى حيث لقيت الفتيات مصرعهن. كما تم التخطيط لتنظيم عدة احتجاجات مناهضة للعنصرية.
تعزيزات أمنية
وقال مسؤولون إن الشرطة البريطانية، عززت وجودها في كافة أنحاء البلاد، الجمعة، كما عززت الإجراءات الأمنية حول المساجد.
ووجهت السلطات اتهامات بقتل الفتيات إلى فتى يبلغ من العمر 17 عاماً. ولقيت الفتيات الصغيرات حتفهن في هجوم بسكين خلال حفل راقص في مدينة ساوثبورت الساحلية التي عادة تتمتع بالهدوء. وأصابت تلك الجريمة البلاد بأسرها بالصدمة.
واندلعت أعمال عنف في ساوثبورت، ولندن، ومدينة هارتلبول في شمال شرق البلاد، ومناطق أخرى بعد انتشار معلومات على منصات للتواصل الاجتماعي تزعم أن المشتبه به في عملية الطعن مهاجر مسلم متطرف.
وفي محاولة لدحض المعلومات الكاذبة، قالت الشرطة إن المشتبه به أكسل روداكوبانا ولد في بريطانيا.
"عدالة سريعة"
في وقت سابق، الجمعة، أجرى رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، زيارة ثانية إلى منطقة ساوثبورت منذ وقوع جرائم القتل.
وقال في بيان: "كأمة، نقف مع أولئك الذين فقدوا أحباءهم بشكل مأساوي في الهجوم الشنيع في ساوثبورت، الذي مزق نسيج هذا المجتمع وتركنا جميعاً في حالة صدمة".
ووافق قادة الشرطة البريطانية، على نشر ضباط بأعداد كبيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع لردع العنف.
وقال جافين ستيفنز، رئيس مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، لإذاعة BBC: "ستكون لدينا قدرة متزايدة في استخباراتنا، وفي إحاطتنا الإعلامية، وفي الموارد المتاحة في المجتمعات المحلية".
وتابع: "سيكون هناك مدعون عامون إضافيون متاحون لاتخاذ قرارات سريعة، لذلك نرى عدالة سريعة".
وبدوره قال مدير هيئة الادعاء العام ستيفن باركنسون: "نأخذ حوادث الاضطرابات العنيفة الأخيرة على محمل الجد للغاية، ونحن مستعدون للاستجابة بسرعة".
وأضاف: "لقد نشرنا العشرات من المدعين العامين الإضافيين، الذين يعملون على مدار الساعة هذا الأسبوع، لدعم الشرطة، وعلى استعداد لاتخاذ قرارات اتهام فورية حتى يجري تحقيق العدالة بسرعة".
تأهب في المساجد
من جانبه، قال المجلس الإسلامي البريطاني، إن المساجد في جميع أنحاء البلاد في حالة تأهب قصوى أيضاً.
وقالت الأمين العام للمجلس زارا محمد، إن ممثلين من مئات المساجد وافقوا على تعزيز التدابير الأمنية خلال لقاء الخميس. كما أعرب العديد من الحاضرين في الاجتماع عن مخاوفهم بشأن سلامة المصلين بعد تلقيهم مكالمات هاتفية تتضمن تهديدات وإساءة.
وأضافت: "أعتقد أن هناك شعوراً داخل المجتمع بأننا لن نخاف أيضاً، لكننا سنكون يقظين وحذرين".
وقال رجال الشرطة في ساوثبورت، حيث هاجم متظاهرون الشرطة، مساء الثلاثاء، وأضرموا النيران في المركبات وألقوا الحجارة على مسجد، إنهم على علم بالاحتجاجات المخطط لها ولديهم "خطط واسعة النطاق وموارد شرطة كبيرة" للتعامل مع أي اضطراب.
وقالت الشرطة في إيرلندا الشمالية أيضاً، إنها تخطط لـ"استجابة شرطية متناسبة"، بعد أن علمت بخطط مجموعات مختلفة لإغلاق طرق وتنظيم احتجاجات ومسيرات إلى مركز إسلامي في بلفاست خلال عطلة نهاية الأسبوع.