قال وزير الدفاع الكوري الجنوبي شين وون-سيك، إن بلاده ربما تتسبب في صدع لتحالفها مع الولايات المتحدة، وتُحدث هزة للأسواق المالية، إذا بدأت في تصنيع أسلحة نووية، رافضاً دعوات محلية متكررة لامتلاك ترسانة نووية لردع كوريا الشمالية.
وفي ظل سعي كوريا الشمالية لتوسيع قدراتها النووية والصاروخية بشكل سريع، دعا المزيد من المسؤولين الكوريين الجنوبيين، وقادة الحزب الحاكم المحافظ الذي ينتمي إليه الرئيس يون سوك يول خلال الأشهر الماضية إلى تطوير أسلحة نووية.
وتأجج الجدل في ظل احتمالية فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بولاية أخرى، إذ سبق أن اشتكى ترمب من تكلفة الوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية، وأطلق محادثات غير مسبوقة مع الشمال.
لكن شين أشار في مقابلة مع "رويترز"، إلى أن امتلاك ترسانة نووية محلية الصنع يهدد بعواقب مدمرة على المكانة الدبلوماسية والاقتصادية لكوريا الجنوبية.
وأضاف: "سنواجه صدعاً هائلاً في التحالف مع الولايات المتحدة، وإذا انسحبنا من معاهدة منع الانتشار النووي، فإن ذلك سيعقبه عقوبات مختلفة".
وأقر شين بأن النقاش بين السياسيين وخبراء السياسة الخارجية، كان مؤشراً على أن العديد من الكوريين الجنوبيين، ما زالوا قلقين بشأن الردع الأميركي الموسع؛ لا سيما قواتها النووية.
لكنه شدد على أن جهود الحلفاء لتعزيز هذا الردع هي الطريقة "الأسهل والأكثر فاعلية وسلمية" لمواجهة تهديدات الشمال.
"شرير عالمي"
وقال شين، إن تصاعد حدة المافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، والغزو الروسي لأوكرانيا أدى إلى "تحوّل شامل" في نموذج ما بعد الحرب الباردة، ما وضع كوريا الجنوبية بالقرب من مركز الاضطرابات وعقد حساباتها.
وأضاف شين، متحدثاً في مكتبه في سيول، "حتى في شمال شرق آسيا، هناك قوى تسعى علناً لتغيير الوضع الراهن بالقوة، ونحن في المقدمة، ونتأثر بشكل مباشر".
وأشار إلى أنه من خلال إبرام معاهدة شراكة استراتيجية مع روسيا هذا العام، انتقلت كوريا الشمالية من كونها "صداع في آسيا إلى شرير عالمي"، في حين "شوهت موسكو هيبتها الوطنية من خلال طلب المساعدة من بيونج يانج، وخيانة المجتمع الدولي بحربها ضد أوكرانيا".
وردت كوريا الجنوبية بالتحذير، من أنها ربما تفكر في تسليح أوكرانيا بأسلحة فتاكة، وهو تحول محتمل عن سياستها المتمثلة في التمسك بالمساعدات الإنسانية والاقتصادية، إذا زودت روسيا الشمال بتقنيات أسلحة متقدمة.
وقال شين إن كوريا الشمالية تلقت مساعدة روسية بمحرك صاروخي استخدم في محاولة فاشلة في مايو الماضي لإطلاق قمر صناعي للتجسس.
لكنه لم يعتبر ذلك تجاوزاً لـ"الخط الأحمر"، قائلاً إنه يركز بدلاً من ذلك على أي نقل للتكنولوجيا المرتبطة بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأسلحة النووية، فضلاً عن الأسلحة المضادة للطائرات والرادارات والدبابات والطائرات المقاتلة.
وقال شين إنه منذ العام الماضي وحتى الرابع من أغسطس الجاري، شحنت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف حاوية إلى روسيا، وهو ما يكفي لحمل نحو 5.6 مليون قذيفة مدفعية عيار 152 ملم.
وقال إن العدد الفعلي ربما يختلف، لأن كوريا الشمالية أرسلت 3 أو 4 أنواع من القذائف بأحجام مختلفة، بما في ذلك الصواريخ، كما زودت بشكل منفصل العشرات من الصواريخ قصيرة المدى.
في حين كانت إدارة الرئيس يون، أكثر انفتاحاً في ترديد دعوات واشنطن لـ"الدول متشابهة التفكير" للتكاتف في مواجهة التوتر مع الصين وروسيا، قال شين إن كوريا الجنوبية لم تناقش الانضمام إلى حلفاء وشركاء آخرين للولايات المتحدة في التدريبات البحرية في بحر الصين الجنوبي، حيث حدثت اشتباكات بين بكين وجيرانها بشأن مطالبات بالسيادة البحرية.
توتر على الحدود الكورية
وخلال الأسابيع الأخيرة، اشتعلت التوترات بين الجارتين بعد أن أطلقت كوريا الشمالية آلاف البالونات التي تحتوي على قمامة احتجاجاً على إرسال نشطاء من كوريا الجنوبية منشورات مناهضة لبيونج يانج.
واستأنفت سيول بثها الدعائي عبر مكبرات الصوت بالقرب من الحدود لأول مرة في عام 2018، حيث بثت الأخبار والموسيقى الكورية، التي وصفها شين بأنها شكل "فعال ولاذع" من الحرب النفسية.
وأرسلت بيونج يانج في الأسابيع الأخيرة، أكثر من 1600 بالون محملة بالنفايات مثل أعقاب سجائر وورق مراحيض أو براز حيواني باتجاه كوريا الجنوبية.
وتقول بيونج يانج، إن بالونات النفايات تأتي في إطار الرد على حملة دعائية مستمرة من منشقين من كوريا الشمالية وناشطين في كوريا الجنوبية يرسلون عبر الحدود بالونات تحتوي على منشورات مناهضة لحكومة بيونج يانج وأغذية وأدوية وأموال ووحدات تخزين USP محملة بمقاطع مصورة من موسيقى الكيه بوب والأعمال الدرامية.