تنفست الحكومة، والشرطة في بريطانيا الصعداء، الخميس، بعد تراجع جماعات يمينية متطرفة عن ارتكاب المزيد من أعمال الشغب خلال مسيرات خططت لها الليلة الماضية، وتجمع الآلاف من المتظاهرين المناهضين للعنصرية في الشوارع بدلاً من ذلك.
وشهدت بريطانيا سلسلة من أعمال الشغب بعدما أودى هجوم بسكين، بحياة ثلاث فتيات صغيرات في 29 يوليو في ساوث بورت شمال غرب إنجلترا.
وخرج متظاهرون مناهضون للعنصرية بالآلاف في المدن، والبلدات في جميع أنحاء البلاد، لمواجهة المظاهرات اليمينية المتطرفة، التي لم تنطلق مساء الأربعاء، ما شكل "استراحة" للبلاد التي تواجه أسوأ موجة من أعمال الشغب منذ أكثر من عقد، وفق "بلومبرغ".
وبدلاً من رشق الحجارة، وتعرّض ضباط الشرطة للهجوم، ومحاولة إشعال الحرائق في مواجهة أعمال الشغب اليمنية، عبرت الحشود الكبيرة عن رفضها للعنف، والنهب، وتدمير الممتلكات خلال الأيام الأخيرة.
ونظم متظاهرون مناهضون للعنصرية مسيرات، وهم يحملون لافتات تحمل شعارات مثل "اطردوا المتعصبين"، و"مرحبا باللاجئين"، و"لا للكراهية"، لم ترد تقارير عن أي مسيرات كبيرة لليمين المتطرف، فقط تجمع أعداد أصغر من المتظاهرين، وفي غضون ذلك، وقف ضباط شرطة العاصمة مرتدين قبعات البيسبول يراقبون الحشود في مناطق شرقي، وشمالي لندن.
أعمال الشغب في بريطانيا
من جانبه، قال مفوّض شرطة لندن مارك رولي، الخميس، إن الوجود الأمني المكثف في جميع أنحاء بريطانيا، و"إظهار الوحدة" من قبل المجتمعات المحلية، حال دون تكرار أعمال الشغب واسعة النطاق، التي شهدتها البلاد خلال الأيام القليلة الماضية والتي شملت هجمات عنصرية استهدفت مسلمين، ومهاجرين.
وقال رولي للصحافيين إن الليلة مرت "بهدوء تام" باستثناء بعض الوقائع الإجرامية، معرباً عن اعتقاده بأن "استعراض القوة من جانب الشرطة، وإظهار الوحدة من جانب المجتمعات المحلية، هزم التحديات التي رأيناها".
وأفادت الشرطة بأن العشرات ألقوا بزجاجات، وحاولوا إحداث فوضى في بلدة كرويدون بجنوب إنجلترا، بينما أُضرمت النار في صناديق للقمامة في بلفاست في إيرلندا الشمالية، وقالت السلطات إنها تعاملت مع عدد من وقائع الكراهية المرتبطة بالعرق.
وأشار رولي إلى أن الشرطة واصلت تنفيذ مداهمات، واعتقال مرتكبي الجرائم العنيفة، صباح الخميس، وبينهم كثيرون لهم سجلات إجرامية، وجرى اعتقال أكثر من 400 شخص في جميع أنحاء البلاد، منذ بدء أعمال الشغب.
وتابع: "أي تلميح إلى أنهم وطنيون، أو أنهم يدافعون عن قضية ما.. هو هراء.. إنهم مجرمون، وبصراحة، سيتم توجيه اتهامات إلى معظمهم (بالمشاركة) في اضطرابات عنيفة، ومعظمهم سيدخلون السجن لبضع سنوات".
كير ستارمر يتوّعد مثيري الشغب
وحذّر رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي شغل منصب المدعي العام في السابق، والذي يواجه أزمة مبكرة بعد فوزه في انتخابات الرابع من يوليو، مثيري الشغب من أنهم سيواجهون فترات سجن طويلة.
في حين قالت وزيرة الأمن ديانا جونسون، الخميس، إنها لا تزال تتعامل بحذّر مع الوضع، وأضافت لشبكة "سكاي نيوز": "هناك عواقب لارتكاب الجرائم في شوارعنا، وأعتقد أن العدالة السريعة التي نراها تساعد أيضا في جعل الناس يفكرون مرتين قبل التورط".
وفي بداية الأسبوع الماضي، اندلعت أعمال شغب تشنها جماعات من اليمين المتطرف في أنحاء بريطانيا، في أعقاب هجوم بسكين على فصل لتعليم الرقص للأطفال، أودى بحياة 3 فتيات صغيرات في ساوثبورت الاثنين الماضي.
وفي أعقاب الهجوم مباشرة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي معلومات مضللة بشأن هوية ودين خلفية ودين المشتبه به في عملية الطعن، تزعم أنه "مهاجر مسلم متطرف" وصل مؤخراً إلى بريطانيا.
وفي محاولة لدحض المعلومات الكاذبة، قالت الشرطة إن المتهم بقتل الفتيات، فتى يبلغ من العمر 17 عاماً اسمه أكسل روداكوبانا، ولد في بريطانيا.
ورجحت "بلومبرغ" أن "الهدوء النسبي" سيوفر بعض الراحة للشرطة، وكذلك رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي تواجه حكومته التي تولت مهامها منذ شهر أول اختبار رئيسي لها في تعاملها مع الاضطرابات.
وعملت الحكومة على تسريع اعتقال وإدانة مثيري الشغب، والأشخاص المحرضين على العنف عبر الإنترنت، مع إصدار أول أحكام بالسجن في أقل من أسبوع في محاولة للردع.
ولفتت "بلومبرغ" إلى أن هذه التكتيكات استخدمها ستارمر، عندما كان يشغل منصب مدير هيئة الادعاء العام، بعد آخر اندلاع كبير لأعمال الشغب في بريطانيا في عام 2011.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الشرطة نشرت 6 آلاف ضابط متخصص لحراسة المناطق المحيطة بالمرافق المرتبطة بالهجرة، بعد أن نشر محرضون على الإنترنت رسائل تحرض المؤيدين على التجمع أمامها.