حين يقترب أول ثلاثاء من شهر نوفمبر في العام الذي تجري فيه الانتخابات الأميركية، تحتدم المنافسة بين المرشحين للرئاسة الأميركية. والحقيقة أن لهذا اليوم في التاريخ الأميركي حكاية لطالما أثارت الاستغراب والتساؤلات، لاسيما أنه مشرع يوماً رسمياً للانتخابات الرئاسية منذ 175 عاماً.
لماذا شهر نوفمبر؟
في العقود التي أعقبت تأسيس الولايات المتحدة (1776)، كان موعد الانتخابات الرئاسية يختلف من منطقة إلى أخرى. لكن في عام 1845، أصدر مجلس النواب الأميركي قانوناً لتحديد يوم واحد لانتخاب الرئيس للولايات كافة، ووقع الاختيار على أول ثلاثاء من شهر نوفمبر، كل 4 سنوات.
ودائماً ما كان يُثار التساؤل: لماذا لم يُحدد في أحد أيام العطلة؟ ولماذا الثلاثاء تحديداً؟
تشير لجنة الانتخابات الفيدرالية، إلى أن الولايات الأميركية كانت في القرن الـ19 تتألف من مجتمع زراعي في الغالب، ولذلك أخذ المشرعون في الحسبان أن شهر نوفمبر يشكّل الفترة الأكثر ملاءمة للمزارعين والعمال الريفيين، ليتمكنوا من السفر والإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، إذ تنتهي المواسم الزراعية في هذا الشهر، فضلاً عن أن المناخ يكون أفضل للتنقل بين منطقة وأخرى.
لماذا الثلاثاء؟
نظراً لأن معظم سكان الريف الأميركي كانوا يضطرون إلى السفر لمسافات طويلة من أجل التصويت، لم يكن يوم الاثنين مناسباً، إذ سيحتاج العديد من الناس إلى السفر يوم الأحد، وهو اليوم الذي يذهب فيه الأميركيون إلى الكنائس، كما أن السيارات كانت نادرة في ذلك الوقت.
ولم يرغب الكونجرس أيضاً بتنظيم الانتخابات في الأول من نوفمبر، لأنه يصادف "عيد جميع القديسين"، وهو مناسبة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأتباع طائفة الروم الكاثوليك، ومن جهة أخرى، كان معظم التجار الأميركيين معتادين على تدوين حساباتهم في الأول من نوفمبر، وقد أثار ذلك المخاوف من تأثير أي تداعيات اقتصادية محتملة على مسار التصويت، وكان شائعاً أن يتفرغ الناس، يوم الأربعاء، لبيع المحاصيل والتسوق في المدينة، الأمر الذي يتطلب التنقل لأميال عدة، وهكذا كان الثلاثاء بمثابة الخيار الأفضل للجميع.
ولا يتفق جميع الأميركيين اليوم، على ضرورة الإبقاء على موعد الانتخابات الرئاسية كما هو عليه الآن، لاسيما بتغير الأسباب والظروف التي استدعت تحديده في عام 1845، إذ شهد العالم منذ ذلك الحين تغيرات ثورية في الصناعة والتكنولوجيا والحقوق المدنية، ولم يكن مثلاً يُسمح للنساء وللأميركيين من الأصول الإفريقية بالتصويت، وتضاءلت نسبة المزارعين في الولايات المتحدة من حوالي 60% في تلك الحقبة إلى أقل من 2% في الوقت الحالي.