قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس، أمام البرلمان التركي إنه قرر زيارة غزة والقدس للاحتجاج على الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، مشيراً إلى أنه لا يرى نهاية للصراع ما لم تنسحب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الكلمة التي ألقاها خلال جلسة استثنائية للجمعية العامة للبرلمان التركي، دعا عباس قادة دول العالم والأمين العام للأمم المتحدة لمشاركته في قرار زيارة غزة، وتأمين الوصول إلى القطاع.
وفي كلمة استغرقت 46 دقيقة وحضرها أردوغان، ووزراء الحكومة، ونواب من جميع الأحزاب السياسية، اتهم عباس الولايات المتحدة بإطالة أمد الكارثة بدعمها إسرائيل واستخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرارات مجلس الأمن الدولي، داعياً العالم إلى معاقبة إسرائيل بالقانون على جرائم الحرب التي ترتكبها وانتهاكاتها للقانون الدولي.
وقال عباس "أعلن أمامكم وأمام العالم أجمع.. لأنه لم يعد أمامنا حلول والحل الأمثل الذي نعمله.. وأمام شعبنا الفلسطيني.. أنني قررت التوجه مع جميع أعضاء القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وسوف أعمل بكل طاقتي لكي نكون جميعاً مع شعبنا لوقف هذا العدوان الهمجي، حتى لو كلفنا ذلك حياتنا، فليست حياتنا بأغلى من حياة أصغر طفل من قطاع غزة أو من الشعب الفلسطيني.. إحنا مش أغلى.. ونحن نطبق أحكام الشريعة، النصر أو الشهادة، النصر أو الشهادة".
وأضاف أنه سيتوجه أيضاً القدس، لكنه لم يحدد موعداً لزيارته.
ونعى عباس رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران، في عملية وجّهت إيران أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل.
"غزة جزء من الدولة الفلسطينية"
واعتبر الرئيس الفلسطيني أن "هدف إسرائيل الحقيقي من حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية والقدس هو اجتثاث الوجود الفلسطيني من أرض وطننا، والتهجير القسري للفلسطينيين من جديد، وهو ما لن يكون أبداً مهما فعلوا، ومهما حاولوا.. منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن هناك أكثر من 40 ألف شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ، وأكثر من 80 ألف جريح، ومع ذلك نحن صامدون وباقون في أرضنا".
وتابع: "جئتكم أحمل إليكم آلام وآمال شعبنا الفلسطيني الذي يعيش الألم الكبير والنكبة المتواصلة منذ عام 1948، ويواجه جرائم الاحتلال وغياب العدالة الدولية، متمسكاً بأرضه ووطنه ومقدساته، وحقوقه الوطنية الثابتة".
وتطرق محمود عباس إلى الخطط المطروحة لمرحلة ما بعد الحرب، قائلاً: "يتحدثون هذه الأيام عن سيناريوهات يجري إعدادها هنا وهناك لما يسمى باليوم التالي للعدوان، ونحن نقولها بكل وضوح وليسمعها القاصي والداني، إن قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هي وحدة جغرافية واحدة تشكل الدولة الفلسطينية المستقلة، حسب الشرعية الدولية، التي تحكمها حكومة شرعية واحدة، ودون تحقيق ذلك وتجسيد هذه الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، فلن تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار والهدوء والتنمية والسلام، وستبقى تدور في هذه الدوامة من العنف والعنف المضاد.. الطريق إلى السلام والأمن يبدأ من فلسطين وينتهي إلى فلسطين".
وأردف: "غزة جزء أصيل من الدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة، وأنه لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة، وشعبنا لن ينكسر ولن يستسلم، وسنعيد بناء غزة، ونضمد جراح شعبنا بسواعد أبنائه، ومساندة أمتينا العربية والإسلامية وأحرار العالم، في ظل دولتنا الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، مهما طال الزمن، ومهما عظمت التضحيات".
"محاكمة المجرمين"
وشدد عباس على أن "القتلة ومجرمي الحرب لن يفلتوا أبداً من العقاب على ما اقترفوه وما زالوا، من جرائم لن تسقط بالتقادم، وسنواصل نضالنا وكفاحنا لتحقيق العدالة في فلسطين، وسنواصل العمل الدؤوب مع المؤسسات الدولية ذات العلاقة، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان وغيرها، فضلاً عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، فدولة فلسطين حقيقة ثابتة على أرضنا، وفي المجتمع الدولي".
وقال إن "الأكاذيب التي تروجها الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يصدقها عاقل، فالهجوم على المنظمات الأممية والمحاكم الدولية والمتظاهرين المتضامنين مع الحق الفلسطيني، والتنصل من مسؤولية قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، وتجويع أهلنا في قطاع غزة، هي مجرد أكاذيب تدحضها الحقائق على الأرض وتقارير منظمات الأمم المتحدة وقرار محكمة العدل الدولية التي طالبت إسرائيل بالوقف الفوري للعدوان".
وانتقد الرئيس الفلسطيني الانحياز الأميركي إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة استخدمت الفيتو 3 مرات في مجلس الأمن ضد مطالبة العالم بوقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، في موقف يفتقر إلى أبسط القواعد الإنسانية والأخلاقية".
وأشاد بمواقف مصر والأردن "الرافضة لمخططات التهجير الإسرائيلية، والمتوافقة تماماً مع المواقف الفلسطينية، والداعمة لها في كل المحافل، وبالإجماع الدولي المعارض لهذه المخططات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي"، معرباً عن استغرابه من "صمت المجتمع الدولي أمام المجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال في مراكز الإيواء، والتي كان منها مجزرة مدرسة التابعين"، وأودت بحياة أكثر من مئة شخص.
وافتتح عباس كلمته بالترحم على الفلسطينيين الذين قضوا جراء "حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها على شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس، والتي كان آخرها الجريمة بحق الشهيد القائد إسماعيل هنية".
رئيس البرلمان التركي: عباس نطق بالحقيقة
بدوره، قال رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش في كلمة ألقاها بعد خطاب عباس "في 24 يوليو، ألقى مجرم حرب خطاباً مليئاً بالأكاذيب في الكونجرس الأميركي. واليوم، نطق محمود عباس بالحقيقة في كل جملة عن القضية الفلسطينية".
وقوبل عباس بتصفيق حار قبل وبعد خطابه الذي قاطعه أيضاً التصفيق بضع مرات، وجاءت دعوة تركيا للرئيس الفلسطيني بعد أن ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمة أمام الكونجرس الأميركي في يوليو الفائت. واجتمع عباس الأربعاء، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة لمناقشة الحرب وجهود وقف إطلاق النار.
ونددت تركيا بالحرب وأوقفت كل التعاملات التجارية مع إسرائيل. وتقدمت بطلب للانضمام إلى قضية رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وقال أردوغان، المؤيد لحركة "حماس"، إن تركيا كانت تعتزم أيضاً دعوة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس الذي اغتيل في طهران.