سلّطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على تراجع حضور الديمقراطيين بالمناطق الأميركية الريفية، لافتةً إلى أنهم أوشكوا على الانقراض في بعض الأماكن النائية، ما يعكس التباين المتزايد بالانتماءات السياسية، ويمثلّ تحدياً كبيراً أمام الحزب لمواجهة الانكماش المتسارع بحجم مؤيديه.
وأحد الأمثلة البارزة على تراجع شعبية الحزب الديمقراطي في المناطق الريفية، مقاطعة نيوبرارا، الأقل كثافة سكانية بولاية وايومنج، التي يتقلص عدد الناخبين الديمقراطيين فيها إلى أدنى مستوياته.
قالت الوكالة في تقرير نشرته، الأحد، إن بعض المقاطعات الأقل كثافة سكانية لديها عدد أقل من الديمقراطيين، إذ يوجد 21 ديمقراطياً فقط في مقاطعة كلارك، أيداهو، و20 في مقاطعة بلين، نبراسكا، كما يُمثل الديمقراطيون 2.6% فقط من الناخبين المسجلين في مقاطعة نيوبرارا.
انحسار شعبية الديمقراطيين
في وايومنج، وهي الولاية التي صوتت لصالح الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب بهامش أوسع من أي ولاية أخرى، باتت الهيمنة الجمهورية الساحقة أكثر ترسيخاً الآن بعد أن أقرت الولاية قانوناً يجعل تغيير الانتماء الحزبي أكثر صعوبة، وستكون الانتخابات التمهيدية، المقررة الثلاثاء المقبل، هي الأولى منذ دخول القانون حيز التنفيذ.
وهكذا، لم يعد من السهل أن يكون الشخص ديمقراطياً في المراعي العشبية بمقاطعة نيوبرارا والتلال المليئة بأشجار الصنوبر المجاورة لولايتي نبراسكا وجنوب داكوتا، وتُعد بيكي بلاكبيرن واحدة من بين 32 ديمقراطياً فقط متبقين هناك.
وبصفتها مساعدة قانونية للمدعي العام الجمهوري في المقاطعة، فإن بلاكبيرن تسمع الكثير من وجهات النظر اليمينية في جميع أنحاء المدينة، وفي موسم الانتخابات، فإنها تخزن اللافتات السياسية الديمقراطية، لتحل محل تلك التي يتم سرقتها.
وعلى الصعيد الوطني، يمثل الديمقراطيون ما دون 3% من الناخبين المسجلين في 3 مقاطعات هذا العام، بزيادة عن مقاطعة واحدة عام 2020، لكن بانخفاض عن 7 مقاطعات عام 2016، فيما لم تكن هناك أي نسبة منخفضة مماثلة من عدد التسجيلات الديمقراطية في أعوام الانتخابات الرئاسية 2012، و2008، و2004، وفقاً لبيانات الوكالة الأميركية.
وتتركز المقاطعات الأكثر ميلاً للجمهوريين في السنوات الأخيرة في أيداهو، ويوتا، ووايومنج، وتحتل مقاطعة كولومبيا، التي تبلغ نسبة الناخبين الديمقراطيين فيها 77%، المرتبة الثانية من حيث الهيمنة الديمقراطية، وتأتي في المرتبة الأولى مقاطعة بريثيت بولاية كنتاكي، والتي تبلغ نسبة الديمقراطيين فيها 79%، ولدى المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس عائلة هناك، وفي العام 2020 ذهبت المقاطعة بنسبة 75% لصالح ترمب.
ولم تكن مقاطعة نيوبرارا مؤيدة للجمهوريين بهذا الشكل دائماً، إذ كان عدد الديمقراطيين في وايومنج (83) أكثر من ضعف عددهم في عام 2012، وفي عام 2004 كان عددهم أكثر من أربعة أضعاف (139).
ورأت "أسوشيتد برس" أن معركة الديمقراطيين في وايومنج تعكس التحديات التي يواجهها الحزب عبر مختلف المناطق الريفية في الولايات المتحدة، والتي خسر فيها شعبيته على مدى سنوات، قائلة إن الوضع لم يكن هكذا دائماً، فقبل 70 عاماً، كان الديمقراطيون يشكلون قوة سياسية في جميع أنحاء جنوب وايومنج، حيث كانت وظائف التعدين والسكك الحديدية متوفرة بكثرة، لكن الآن أصبحت معاقل الحزب الوحيدة تنحسر في مدينتي لارامي الجامعية، وجاكسون السياحية.
"تغيير الانتماء الحزبي"
بينما يواجه الديمقراطيون في ولاية وايومنج صعوبة في اختيار مرشحين قابلين للتنافس على جميع المستويات، كان العديد منهم يُغيرون انتمائهم الحزبي للتصويت في الانتخابات التمهيدية الجمهورية الأكثر تنافسية، ثم يعودون لتغيير التسجيل مرة أخرى للانتخابات العامة.
لكن المجلس التشريعي للولاية، التي يسيطر الحزب الجمهوري على ما يزيد عن 90% من المقاعد فيها، أقر تشريعاً جديداً في العام الماضي يحظر على الناخبين تغيير تسجيلهم الحزبي في الأشهر الثلاثة التي تسبق الانتخابات التمهيدية في شهر أغسطس.
ونقلت الوكالة عن وزير خارجية وايومنج الجمهوري تشاك جراي، قوله في بيان تأييده للتشريع إن "مسألة تغيير الحزب أدت إلى تقويض قدسية عملية الانتخابات التمهيدية في الولاية".
وستكون الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهوري والديمقراطي في وايومنج الثلاثاء، هي الأولى في الذاكرة الحديثة التي لن يتمكن الناخبون فيها من تغيير انتمائهم الحزبي عند الاقتراع.
وبالنسبة للديمقراطيين، فإن الاختيارات ستكون ضئيلة، فعلى مستوى الولاية، لن يواجه المرشحون الغامضون، الذين لم يقوموا بالكثير من الحملات الانتخابية، معارضة للترشيح الديمقراطي لمجلسي النواب والشيوخ، كما أنه لا يوجد مرشحون ديمقراطيون في مقاطعة نيوبرارا، إذ لا يتنافس فيها أحد على أي مقعد في مجلس النواب في الولاية أو في لجنة المقاطعة، وهما السباقان الرئيسيان هناك، أو حتى الترشح للمناصب المحلية في الحزب.