"تجاهل تاريخ الاستعمار".. اتهامات تلاحق رئيس كوريا الجنوبية بمحاباة اليابان

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وزوجته كيم كيون هي يلوحان بالأعلام الوطنية خلال الاحتفال باليوم الوطني التاسع والسبعين للتحرير في مركز سيجونج للفنون المسرحية بسول. 15 أغسطس 2024 - Reuters
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وزوجته كيم كيون هي يلوحان بالأعلام الوطنية خلال الاحتفال باليوم الوطني التاسع والسبعين للتحرير في مركز سيجونج للفنون المسرحية بسول. 15 أغسطس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أثار الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول جدلاً واسعاً عندما امتنع، خلال خطابه بمناسبة يوم التحرير، عن ذكر "الفظائع" التي ارتكبتها اليابان في زمن الحرب، وخلف ذلك استياءً في المعارضة، التي حذرت من أن هذه الخطوة تهدد بعرقلة الجهود الرامية إلى "حل المظالم التاريخية" التي تعاني منها البلاد منذ فترة طويلة.

ودأب يون في خطاباته الرئاسية السابقة على استحضار انتهاكات الجيش الياباني في كوريا الجنوبية خلال الفترة الاستعمارية، لكنه في خطابه الأخير بمناسبة مرور 79 عاماً على تحرير كوريا من الحكم الاستعماري الياباني، ركز على الحاجة إلى تعزيز إعادة التوحيد مع الشمال ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها بيونج يانج، متجاهلاً بذلك مسؤولية طوكيو عن الأفعال السيئة الماضية، وفق "ساوث تشاينا مورنينج  بوست".

وقال هان مين سو، المتحدث باسم حزب كوريا الديمقراطي المعارض الرئيسي، في بيان: "من الفظيع أن تتجاهل حكومة يون مشاعر الشعب الكوري بينما تدافع ظاهرياً عن اليابان". وأضاف: "هل فكرة حكومة يون للعدالة هي عدم محاسبة الجاني إذا رفض الاعتذار؟"، وفق تعبيره.

واشتدت التداعيات عندما اعتبر مستشار الأمن في الرئاسة، كيم تاي هيو، أن الضغط على اليابان من أجل الاعتذار عن ماضيها في زمن الحرب "أمر غير مجد"، طالما أن طوكيو ليس لديها نية للقيام بذلك، وهي الملاحظة التي أثارت ردود فعل عنيفة منفصلة، وفق "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

ويقول المحللون إن نهج يون، يبدو أنه يستهدف تعزيز العلاقات الأمنية الوثيقة مع اليابان والولايات المتحدة، ولكن على حساب خسارة الدعم المحلي المحتمل. ويحذر المعارضون من أن إغفاله يقوض العملية المضنية لتحسين العلاقات بين سول وطوكيو.

وقال كيم، النائب الأول لرئيس مكتب الأمن القومي التابع لمكتب الرئاسة، خلال مقابلة تلفزيونية اعترف فيها بأن اليابان أصدرت اعتذارات متكررة، مما يعني ضمناً أنه لم يعد من المتوقع أن تستمر طوكيو في التكفير عن أخطائها الماضية: "يتعين علينا أن ننتقد اليابان بشدة ونسعى إلى تصحيحها إذا تجاهلت القضايا التاريخية ورفضت الاعتراف بها".

وتابع: "لكن ما يهم هو نية اليابان. إذا أجبرت شخصاً لا يشعر حقاً بذلك على الاعتذار، فهل يمكن اعتبار هذا الاعتذار صادقاً؟".

 "خونة مؤيدون لليابان"

واتهمت المعارضة، حكومة يون بالاعتراف ضمنياً بأنها تتألف من "خونة مؤيدين لليابان"، كانوا على استعداد للتغاضي عن الحكم الاستعماري الوحشي للبلاد في محاولة للتعاون الأمني ​​الوثيق.

وقال هان من الحزب الديمقراطي الكوري: "الآن نفهم لماذا لم ينتقد الرئيس يون الحكم الاستعماري لليابان في خطابه في يوم التحرير".

وتشير "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، إلى تصريحات كيم تشير إلى اعتقاد حكومة يون، بأن الخلافات المستمرة بشأن تصرفات اليابان في زمن الحرب قد تعيق التعاون الثنائي الذي تشتد الحاجة إليه.

وفي هجوم مضاد، اتهم حزب "قوة الشعب" الحاكم الذي ينتمي إليه يون، المعارضة باستغلال المشاعر المعادية لليابان لتحقيق مكاسب سياسية، وأصر على أن التركيز يجب أن ينصب بدلاً من ذلك على وضع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية.

وقال المتحدث باسم الحزب، شين دونج ووك، الذي انتقد المعارضة لـ"تقسيم الشعب إلى فصائل مؤيدة لليابان وأخرى معادية لليابان"، "لقد مرت 79 عاماً منذ التحرير، لكنها لا تزال غير مكتملة حيث لا يزال الكوريون الشماليون يعانون تحت الديكتاتورية".

لكن المنتقدين يقولون إن تصرفات يون، تشير إلى أنه ينظر إلى القضايا غير المحلولة من فترة الاستعمار الياباني (1910 إلى 1945)، بما في ذلك محنة الضحايا الكوريين من العمل القسري في زمن الحرب والعبودية الجنسية، على أنها ليست أكثر من عقبات أمام تعزيز التعاون الأمني ​​مع اليابان والولايات المتحدة.

كما اتخذت إدارته سلسلة من الخطوات المثيرة للجدل، بما في ذلك تعويض ضحايا العمل القسري باستخدام الأموال المحلية وتأييد محاولة اليابان لتسجيل منجم سادو كموقع للتراث العالمي لليونسكو، على الرغم من رفض طوكيو الاعتراف بأن الكوريين أجبروا على العمل هناك.

وقال خبير الدراسات اليابانية، يانج كي هو، من جامعة سونجكونج هوي، إن إدارة يون "لا ترى قيمة كبيرة في إعادة النظر في المظالم التاريخية"، بحجة أن الرئيس يركز بشدة على تعزيز التحالف الأمني ​​الثلاثي مع طوكيو وواشنطن.

وقال يانج في تصريح لصحيفة "ذا ويك إن آسيا"، إن "سياسة سيول الحالية تتمثل في تهميش القضايا التي قد تؤدي إلى توتر العلاقات مع اليابان"، مشيراً إلى أن بعض الساسة الليبراليين يعتقدون أن حكومة يون المحافظة تضع الأساس لمنح طوكيو العفو قبل الذكرى الستين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية العام المقبل".

ملفات شائكة

وتزامن خطاب الرئيس مع زيارات قام بها ثلاثة وزراء يابانيون على الأقل، بما في ذلك وزير الدفاع، إلى ضريح ياسوكوني المثير للجدل في طوكيو، وهو الموقع الذي تراه العديد من الدول الآسيوية رمزاً لعدوان البلاد في زمن الحرب.

ولا يزال الكوريون غاضبين من الحكم الياباني في الفترة من عام 1910 إلى عام 1945، بينما لدى الصين ذكريات مريرة عن غزو اليابان، واحتلالها أجزاءً من الصين في الفترة من عام 1931 إلى عام 1945.

وتشمل الانتقادات بهذا الخصوص، تصوير الضريح الحرب على أنها قتال خاضته اليابان لتحرير آسيا من الإمبريالية الغربية، بينما يتجاهل الفظائع التي ارتكبتها القوات اليابانية، بحسب مواقع حكومية يابانية.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس"، بأن كوريا الجنوبية واليابان تجهدان لإصلاح علاقاتهما، التي تدهورت في عام 2019 إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، بعد أن عاقبت محكمة كورية جنوبية، شركات يابانية بدفع تعويضات لكوريات أُرغمن على العمل في مصانعها، خلال الحرب العالمية الثانية.

هذه الأحكام فاقمت توترات مرتبطة بالتجارة، بعدما فرضت طوكيو ضوابط لتصدير مواد كيماوية، تُعتبر حيوية بالنسبة لقطاع أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية.

كذلك يشكّل ملف الكوريات اللاتي أخضعهنّ الجيش الياباني لاستعباد جنسي، خلال الحرب العالمية الثانية، إحدى النقاط الشائكة الأخرى في العلاقات بين البلدين.

وشجبت كوريات ناجيات، موقف الحكومة اليابانية، لرفضها قبول تحمل المسؤولية القانونية عن هذه العبودية، إذ تصر على أن كل ملفات التعويضات أثناء الحرب سويت بموجب معاهدة أُبرمت عام 1965، لتطبيع العلاقات مع كوريا الجنوبية.

تصنيفات

قصص قد تهمك