ويسكونسن.. ساحة "معركة مفتوحة" لا يمكن التنبؤ بها في الانتخابات الأميركية

time reading iconدقائق القراءة - 7
ناخبون في ولاية ويسكونسن الأميركية يدلون بأصواتهم في اختيار قضاة المحكمة العاليا. 5 أبريل 2023 - Reuters
ناخبون في ولاية ويسكونسن الأميركية يدلون بأصواتهم في اختيار قضاة المحكمة العاليا. 5 أبريل 2023 - Reuters
واشنطن-رشا جدة

تعتبر ولاية ويسكونسن الأميركية، "ساحة معركة مفتوحة"، بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بعدما حقق الرئيس السابق دونالد ترمب فوزاً صعباً هناك في 2016، كأول جمهوري يفعلها منذ 1984، فيما قلب الرئيس جو بايدن الطاولة في انتخابات 2020، وحسم أصوات الولاية أمام منافسه حينها ترمب.

ومنحت ولاية ويسكونسن مع ولايات "الجدار الأزرق"، الرئيس الديمقراطي السابق، باراك أوباما عام 2008 و2012، فوزاً مريحاً نسبياً، لكنها أحجمت عن التصويت للديمقراطية هيلاري كلينتون في 2016، ما يجعل من الصعب التنبؤ بنتائجها في الانتخابات الرئاسية المقبلة. 

وتُشكل ويسكونسن مع ولايتي ميشيجان وبنسلفانيا، ما يعرف باسم "الجدار الأزرق"، لأنها صدت المرشحين الجمهوريين للرئاسة منذ 1992، حتى 2012. 

وجاء فوز بايدن بولاية ويسكونسن في 2020 بأقل من نقطة مئوية واحدة، فيما تغلب ترمب على كلينتون في انتخابات 2016 بأصوات الولاية بأقل من نقطة مئوية واحدة أيضاً.

ويدرك المرشحون أهمية ويسكونسن التي حُسمت فيها 4 من آخر 6 منافسات على سباق البيت الأبيض بأقل من نقطة واحدة، لكن الفوز بالولاية وأصواتها الـ10، أصبح أكثر إلحاحاً بالنسبة للديمقراطيين الذين يسعون إلى التمسك بـ"الجدار الأزرق" الذي ساعد بايدن على الفوز في 2020. خاصة أن عدم فوز المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس بجميع الولايات الثلاث "الجدار الأزرق"، يصعب من مهمتها لحسم 270 صوتاً انتخابياً.

كيف أتقنت ويسكونسن عدم الانحياز؟

انقسمت ولاية ويسكونسن سياسياً منذ تسعينيات القرن العشرين، وهو ما انعكس على خيارات الناخبين في جميع الاستحقاقات تقريباً.

وخلال العقد الأخير من الألفية كان المجلس التشريعي منقسماً، إذ كان الجمهوريون يسيطرون عادةً على الجمعية التي تضم 99 مقعداً، فيما يهيمن الديمقراطيون على مجلس الشيوخ الذي يضم 33 مقعداً.

أستاذ التاريخ السياسي بجامعة ويسكونسن، جوناثن كاسباريك، يرى أن الولاية انتخبت الحاكم الجمهوري الشهير تومي طومسون في أعوام 1986 و1990 و1994 و1998، لكن في المقابل، فاز ديمقراطيان بمقاعد مجلس الشيوخ.

وقال كاسبريك لـ"الشرق"، إن معظم الدوائر التشريعية كانت تنافسية إلى حد ما، حتى تلك الموجودة في المدن الصغيرة والمناطق الريفية، لأن الديمقراطيين يمكنهم التنافس على الأصوات بين المزارعين وأعضاء النقابات العمالية.

وظلت السباقات تنافسية على مستوى الولاية في العقد الأول من القرن الـ21.

وبين عامي 2008 و2022، أسفرت الانتخابات على مستوى الولاية لمنصب الحاكم، وعضو مجلس الشيوخ، وقاضي المحكمة العليا، عن انتصارات محافظين وليبراليين بأعداد متساوية تقريباً.

وذكر كاسباريك أن الناخبين صوتوا في انتخابات حاكم الولاية، للجمهوري سكوت ووكر في عامي 2010 و2014، ومن بعده صوتوا للديمقراطي توني إيفرز في عامي 2018 و2022.

وعلى نحو مماثل، صوت الناخبون لقضاة المحكمة العليا الليبراليين، والمحافظين بالتساوي تقريباً في العقد الماضي، وفقاً لأستاذ التاريخ السياسي بجامعة ويسكونسن، الذي أكد على أن الناخبين على مستوى الولاية، ينقسمون بنسبة 50/50% تقريباً. 

ومع 10 أصوات لولاية ويسكونسن في المجمع الانتخابي، اختار الجمهوريون أكبر مدنها ميلووكي لإقامة مؤتمر ترشيحهم في يوليو الماضي، إذ عرّف ترمب الحضور على نائبه الجمهوري جيه دي فانس.

في المقابل، اختارت هاريس، أن تكون ويسكونسن موقعاً لمؤتمر حاشد لها بعد حملة التأييد التي حظيت بها في 23 يوليو، قائلة إن "الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر ويسكونسن".

كيف توغل "الجمهوري" في ويسكونسن؟ 

لعبت الجغرافيا السياسية للولاية دوراً في تحديد توجهات ناخبيها، بحسب أستاذ التاريخ السياسي بجامعة ويسكونسن جوناثن كاسباريك، الذي اعتبر أن انحدار معدلات الوظائف في صناعات السيارات والمعدات الزراعية، أدى إلى تقليص عدد أعضاء النقابات، ما تسبب في إضعاف قوة الديمقراطيين خلال تسعينيات القرن الماضي.  

في الوقت نفسه، تسبب تقليص عدد المزارع العائلية الصغيرة في وجود سكان ريفيين بالولاية لا يشاركون بشكل مباشر في الزراعة، ما قلل من قدرة الديمقراطيين على جذب الناخبين غير الحضريين. 

واستغل الجمهوريون هذا الاتجاه، في شمال وغرب ويسكونسن، حيث خاضوا حملاتهم في المقام الأول بشأن القضايا الاجتماعية المحافظة، وصوروا الديمقراطيين باعتبارهم نخبويين منفصلين عن الواقع، يتجاهلون الذين لا يقطنون المراكز الحضرية. 

ونجح الجمهوريون في تأمين أغلبيتهم من خلال إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية عام 2011، ما ضمن لهم ما يقرب من ثلثي أغلبية كلا المجلسين، على الرغم من حصول المرشحين الجمهوريين على مجموع أصوات أقل من نظرائهم الديمقراطيين، إلا أن انتخابات عام 2024 ستجرى في مناطق تشريعية جديدة.

ويرى كاسباريك أن هذه المناطق التشريعية "مصممة لتكون أكثر تنافسية"، مرجحاً أن يؤدي ذلك إلى زيادة مقاعد الديمقراطيين في كلا المجلسين بشكل كبير. 

افتقار للتنوع

وفقاً لتقديرات مكتب الإحصاء الأميركي، فإن 80% من سكان ويسكونسن من أصحاب البشرة البيضاء. ومع افتقار الولاية للتنوع يشكل الناخبون من الطبقة العاملة البيضاء مجموعة أساسية لكلا المرشحين هناك.

وساعدت المناطق الريفية في ويسكونسن، خاصة ممن لا يحملون شهادة جامعية، ترمب على الفوز بالولاية 2016، لكنهم عادوا ومنحوا بايدن الفوز في 2020.

وقبل إعلان بايدن الانسحاب من سباق 2024، كان ترمب يتقدم ببطء وثبات في استطلاعات الرأي، لكن هناك استطلاعات حديثة، أشارت إلى تقدم هاريس بنسبة 2% إلى 3%، فيما توضح نتائج الاستطلاعات أن الاقتصاد يعطي ميزة لترمب على هاريس، لكن الإجهاض يعزز مكانتها بين الناخبين.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته كلية الحقوق بجامعة "ماركيت" في مدينة ميلواكي بالولاية، أن 37% من الناخبين المسجلين في ويسكونسن اعتبروا أن الاقتصاد ضعيفاً، في حين اعتبره 36% منهم ليس جيداً، وعند السؤال عن الإجهاض اعتبره 38% من المستجيبين أحد أهم القضايا. 

ويقول كاسباريك إن الاقتصاد مصدر القلق الأكبر للناخبين في ويسكونسن، إلا أنه يرجح أن تفلت هاريس من اللّوم بشأن ارتفاع الأسعار، لأنه كان مرتبطاً بشكل أكبر بالرئيس جو بايدن، مضيفاً أن "هذا القلق قد يتلاشى قليلاً مع تراجع التضخم، وتوقع المصرفيين خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي". 

وفي هذا السياق، تتعاظم أهمية ملف الإجهاض، إذ إنه رغم ميل مواطني ويسكونسن بشكل عام إلى المحافظة في القضايا الاجتماعية، فإنهم يعارضون تدخل الحكومة بشكل كبير في الخيارات والحقوق الفردية للأشخاص.

ولفت كاسباريك إلى أن إقبال الديمقراطيين على التصويت قد يكون واسعاً، خاصة إذا كانوا مدفوعين بقضايا مهمة، قائلاً: "فاز في السباقين الأخيرين للمحكمة العليا مرشحون ليبراليون، وإن كانوا غير حزبيين، إذ خاضوا السباق على أساس الحاجة إلى حماية حقوق الإجهاض، بعدما ألغت المحكمة العليا قضية رو ضد وايد".

تصنيفات

قصص قد تهمك