يَمثُل مؤسس تطبيق المراسلة "تليجرام" ومديره التنفيذي بافيل دوروف أمام محكمة فرنسية خلال الأيام المقبلة، بعدما مددت السلطات مدة احتجازه عقب اعتقاله في باريس على خلفية "ارتكاب جرائم تتعلق بإساءة استخدام المنصة"، التي أعلنت أن مالكها، روسي المولد، "ليس لديه ما يخفيه وإنه من العبث تحميله المسؤولية".
وقال التطبيق في بيان عن احتجاز دوروف في فرنسا، السبت، "يلتزم تليجرام بقوانين الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك قانون الخدمات الرقمية. إشرافه على المحتوى يتماشى مع معايير الصناعة ويتحسن باستمرار".
وجاء في البيان "ليس لدى الرئيس التنفيذي لشركة تليجرام بافيل دوروف ما يخفيه وهو يسافر كثيراً في أوروبا. ومن العبث أن نزعم أن منصة أو مالكها مسؤولان عن إساءة استخدام تلك المنصة".
وأضاف البيان: "نحن ننتظر حلاً سريعاً لهذا الموقف".
وذكرت مصادر أن الملياردير الفرنسي-الروسي سيمثل أمام المحكمة بعد احتجازه من قبل الشرطة في مطار لو بورجيه بعد وصوله إلى باريس من باكو عاصمة أذربيجان على متن طائرته الخاصة، وفق ما نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وكان محققون فرنسيون أصدروا مذكرة اعتقال بحق دوروف في إطار تحقيق يجري على خلفية جرائم تتعلق "بالاحتيال والاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة والترويج للإرهاب والتنمر الإلكتروني"، إذ يواجه اتهامات بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الاستخدام الإجرامي لمنصته.
وقال أحد المحققين، الذي أعرب عن دهشته من سفر دوروف إلى باريس وهو يعلم أنه مطلوب: "كفى إفلات من العقاب بالنسبة لتليجرام".
موسكو: باريس "ترفض التعاون"
وبعد تداول نبأ إلقاء القبض على الملياردير البارز في مجال التكنولوجيا والبالغ من العمر 39 عاماً، نبهت موسكو، الأحد، الحكومة الفرنسية إلى ضرورة منحه حقوقه.
واتهمت السلطات الروسية فرنسا "برفض التعاون" في قضية دوروف، إذ طلبت السفارة الروسية في باريس الوصول إلى دوروف، لكنها قالت إن فرنسا "تجنبت التعاون" حتى الآن.
وغادر دوروف روسيا في عام 2014 بعد رفضه الامتثال لمطالب الكرملين بإغلاق مجموعات معارضة على شبكة التواصل الاجتماعي "VK"، التي أسسها عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً، لكنه ترك المنصة بعد نزاع مع مالكيها المرتبطين بالكرملين وحوّل تركيزه إلى "تليجرام" الذي أسسه مع شقيقه نيكولاي في عام 2013.
وأشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير إلى أنه بالنظر إلى وجود 950 مليون مستخدم نشط شهرياً، أصبح "تليجرام" مصدراً رئيسياً للمعلومات، والمعلومات المضللة، بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويحمل دوروف الجنسية الفرنسية، وقال مؤخراً إنه حاول الاستقرار في برلين ولندن وسنغافورة وسان فرانسيسكو، قبل أن يختار دبي التي أشاد ببيئة الأعمال فيها و"حيادها"، والتي يوجد فيها حالياً مقر تليجرام.
وتحاول حكومات غربية اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما تصفه بـ"خطاب الكراهية، والتضليل، ومشاركة صور إساءة معاملة الأطفال وغيرها من المحتوى غير القانوني"، بحسب الصحيفة.
تطبيق "غير قابل للاختراق"
وقالت "الجارديان" إن تشفير التطبيق بشكل يجعله غير قابل للاختراق جعله على ما يبدو "ملاذاً للمتطرفين ونظريات المؤامرة"، إذ يقول صحافيون استقصائيون في موقع "VSquare" الإخباري في وسط أوروبا إنه أصبح "الأداة المفضلة للدعاية الروسية، سواء من قبل المتطرفين اليساريين أو اليمينيين، أو أصحاب نظريات المؤامرة"، لافتين إلى أنه يعد "بيئة مناسبة للآراء المتطرفة".
وفي منشور كتبه على حسابه على منصة التواصل "إكس" بعد اعتقال دوروف، انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة إكس، إلقاء القبض على دوروف قائلاً إن حرية التعبير في أوروبا تتعرّض للهجوم.
وقال ماسك بعد التقارير عن اعتقال دوروف "إنه عام 2030 في أوروبا وتُعدم لإعجابك بمادة متداولة (على مواقع التواصل الاجتماعي)".
ووصف المعلق الأميركي اليميني تاكر كارلسون الملياردير الروسي بأنه يمثل "تحذيراً حياً لأي مالك منصة يرفض فرض الرقابة على الحقيقة بناءً على طلب من الحكومات ووكالات الاستخبارات".
وفي مقابلة مع كارلسون في وقت سابق هذا العام، قال دوروف إن التطبيق يجب أن يظل "منصة محايدة" وليس "لاعباً في الجغرافيا السياسية".
وأضاف دوروف أنه توصل إلى فكرة إطلاق تطبيق مشفر للمراسلة بعد تعرضه لضغوط من الحكومة الروسية أثناء عمله في "VK"، مشيراً إلى أن المستخدمين "يحبون استقلالية التطبيق، كما يحبون الخصوصية والحرية التي يشعرون بها داخله، فهناك الكثير من الأسباب التي ربما تدفع شخصاً ما إلى الانتقال إلى استخدام تليجرام".
وفي تعليقه على الاعتقال، قال المرشح المستقل في انتخابات الرئاسة الأميركية روبرت كينيدي جونيور، الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي الأسبوع الماضي، ودعم المرشح الجمهوري دونالد ترمب: "لم تكن الحاجة إلى حماية حرية التعبير أكثر إلحاحاً من الآن".