يستغل المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب الملف الاقتصادي للضغط على نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، ما يجعل الأيام الـ 71 المقبلة معركة لإقناع الناخبين بأن الأوضاع المعيشية للشعب الأميركي تمر بأسوأ مراحلها تحت إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته، وفقاً لموقع "أكسيوس" الأميركي.
ويتحدث ترمب بشكل سلبي عن الاقتصاد تحت إدارة بايدن وهاريس، وكأنه الملف الذي سيمهد طريق عودته إلى البيت الأبيض، إذ يستغل كل الأخبار الاقتصادية السلبية، لإثبات أن الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة أسوأ بكثير، مما تحاول الإدارة الحالية إظهاره.
في المقابل، تسعى المرشحة الديمقراطية هاريس، إلى تسخير كافة الأخبار الاقتصادية الإيجابية لصالحها، والاستفادة منها خلال حملتها الانتخابية، في "معركة انتقاء".
وتعمل هاريس إلى عكس نظرة متفائلة عن الاقتصاد أمام الناخبين، إذ تحتفل بانخفاض معدل البطالة بنسبة 4.3%، فيما اعترفت بأن "الأسعار مرتفعة" للغاية.
وهذا الاعتراف من قبل هاريس بارتفاع الأسعار، دفعها إلى اقتراح خفض أسعار البقالة، والحد من أساليب "التلاعب بأسعار" المواد الغذائية، وهو الاقتراح التي يصفه ترمب بأنها ضوابط "على الطريقة السوفييتية".
"ادعاءات ترمب"
واتهم ترمب الأسبوع الماضي، إدارة الرئيس جو بايدن "بالكذب" بشأن أعداد الوظائف، قائلاً: "إدارة بايدن تكذب بشأن تحسن وظائف الأميركيين"، معتبراً أن بايدن وهاريس "يتلاعبان" بشأن بيانات وظائف الأميركيين، وأنها كذبت بشأن "وجود أكثر من 800 ألف وظيفة لا أساس لها في الحقيقة".
وتقول المتحدثة باسم اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري آنا كيلي "الأميركيون يرفضون بشكل ساحق سياسة كامالانوميكس؛ لأن لا أحد يستطيع تحمل تكلفتها".
وأضافت: "بعد ثلاث سنوات ونصف من التضخم المرتفع على كل شيء بدءاً من الغاز إلى البقالة إلى تكاليف الإسكان، يشعر الناخبون بالضائقة نتيجة الإنفاق المفرط الذي مارسته إدارة هاريس وبايدن".
وعبر الديمقراطيون عن ترحيبهم بتعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الجمعة، والتي أشارت إلى أن "الوقت قد حان" لبدء خفض أسعار الفائدة، وهو الإعلان الذي ساهم في ارتفاع أسواق الأسهم.
وتعتبر "أكسيوس" أن نهج ترمب المتشائم بشأن الاقتصاد قد يتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، فإذا فاز، من المحتمل أن يرث اقتصاداً يشهد حالة من التراجع، ومن الصعب عندها العمل على تسريعه عبر الخطابات.
وعندما شهدت أسواق المال الأميركية مطلع أغسطس الجاري، تراجعاً مفاجئاً، ألقى ترمب بالمسؤولية على خبر ترشح هاريس لخوض السباق الرئاسي عوضاً عن بايدن، في إشارة إلى أن السوق عاش حالة من الخوف متأثراً بتبعات هذا الخبر، فيما ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بأكثر من 8% بعد أن صاغ ترمب عبارة "انهيار كامالا".
خطر "فقد هاريس للمصداقية"
واعتبر "أكسيوس" أن هاريس تواجه خطراً حقيقياً لفقدان للمصداقية لدى الناخبين، من خلال الثناء على اقتصاد "لا يصب في صالحهم".
وتشهد الحملات الرئاسية خطوة مألوفة تتمثل في تسليط الضوء على البيانات الاقتصادية السلبية، إذ تهدف هذه الخطوة إلى بث الذعر والخوف في أوساط المستهلكين.
وبالعودة إلى استراتيجية الحملات الانتخابية السابقة، نجد أن الجانب الأكبر من الحملة الانتخابية لباراك أوباما في 2012 ركزت على وعود انتخابية بخفض معدل البطالة إلى ما دون 8%، ولكن عندما انخفض المعدل إلى ما دون هذا الحد، اعتبر البعض أن هذه الأرقام كانت مضللة.
وفي الانتخابات الرئاسية 2004، حاول السيناتور جون كيري، مرشح الحزب الديمقراطي في حينها، إقناع الناخبين بأن الرئيس السابق جورج دبليو بوش، هو المسؤول عن ارتفاع أسعار البنزين خلال فترته الرئاسية التي بدأت في 2000، لكن هذه المحاولة لم تجد نفعاً، بعد أن كسب بوش تلك الانتخابات، إذ كان الدافع وراء اتباع هذه الاستراتيجية، هو جين سبيرلينج، الذي يعمل الآن مستشاراً اقتصادياً لهاريس.
ويتفوق ترمب على هاريس في استطلاعات الرأي بشأن من يثق به الأميركيون أكثر لإدارة الاقتصاد، لكن الناخبين يعتقدون أن هاريس كان لها تأثير محدود على السياسات الاقتصادية في إدارة بايدن.
وأمام ترمب فرصة سانحة لإقناع الناخبين بأن "الاقتصاد، الذي يعيش تراجعاً واضحاً تحت إدارة بايدن وهاريس"، تتحمل المرشحة الديمقراطية جزءًا كبيراً من المسؤولية عن ذلك.
وعلى مدار العامين، ظل خبراء الاقتصاد في حيرة من أمرهم بشأن الفرق بين البيانات الاقتصادية الفعلية الإيجابية، وما يقوله المستهلكون تجاه الاقتصاد، بأنه يمر بمرحلة أكثر سلبية.
وأرجع خبراء الاقتصاد تفسيرات هذا التناقض إلى أن الأميركيين المتعصبين حزبياً يميلون إلى الشعور بالسوء إزاء الاقتصاد، عندما يسيطر الحزب المعارض على البيت الأبيض، ويظهر جلياً في أوساط الجمهوريين، فيما أن هناك تفسير أقرب وهو أن الأميركيين "متذمرون من التضخم حقاً".