في خطوة مثيرة للجدل، أطلقت الحكومة الإسرائيلية حملة دعائية عبر الإنترنت تستهدف تشويه سمعة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حسبما ذكرت مجلة "وايرد" في تقرير لها.
وتضمنت الحملة عمليات شراء إعلانات على جوجل لعمليات البحث عن "الأونروا" و"الأونروا في الولايات المتحدة" لجذب مستخدمي البحث إلى موقع إلكتروني تابع للحكومة الإسرائيلية يربط الوكالة الأممية بحركة "حماس".
وفي منتصف يناير الماضي، اكتشفت المديرة التنفيذية لوكالة الأونروا في الولايات المتحدة مارا كرونينفيلد حملة إعلانية موجهة ضد المنظمة الأممية أثناء إجراء بحث عن اسم "الأونروا" على محرك البحث جوجل.
وظهر إعلان ترويجي للمنظمة الأممية في أعلى نتائج البحث، وبالضغط عليه وجدت نفسها على موقع حكومي إسرائيلي يكيل الاتهامات ضد "الأونروا" ويشكك في نزاهتها.
وأدركت كرونينفيلد حينها أنها أمام بداية حملة إعلانية طويلة الأمد تقودها إسرائيل لتشويه سمعة "الأونروا" وتقويض مصادر تمويلها.
"حملة ممنهجة"
وتزامنت حملة تل أبيب مع مزاعمها بمشاركة 12 موظفاً من الأونروا في هجمات السابع من أكتوبر الماضي، ووصفت حكومة تل أبيب المنظمة الأممية بأنها "واجهة لحركة حماس"، ودعت دولاً وفي مقدمتها الولايات المتحدة إلى وقف تمويل الوكالة.
وتسببت هذه الدعوات في تعليق تمويل الأونروا من عدة دول خلال يناير الماضي، إلا أنها تراجعت عن هذه الخطوة لاحقاً بعدما خلصت مراجعة دولية بشأن المنظمة الأممية إلى أن إسرائيل "لم تقدم أدلة أساسية" على مزاعمها.
وتسببت الحملة الإسرائيلية في انخفاض ظهور إعلانات "الأونروا في الولايات المتحدة" على جوجل.
وأظهرت بيانات المنظمة الأممية أن الإعلانات الإسرائيلية كانت تظهر بنسبة 44% من الوقت عند البحث عن مصطلحات تتعلق بالأونروا، بينما ظهرت إعلانات "الأونروا في الولايات المتحدة" بنسبة 34% فقط.
وفي 2023، ارتفعت التبرعات لصالح "الأونروا في الولايات المتحدة"، إذ جمعت أكثر من 32 مليون دولار من نحو 73 ألف متبرع، مقارنة بنحو 5 ملايين دولار فقط من نحو 5 آلاف و700 متبرع في العام الماضي.
جوجل تدافع عن موقفها
وبعد اكتشاف المسؤولة الأممية للحملة، سارعت هي وفريقها المكون من 7 أشخاص بالتواصل مع جوجل للاعتراض على هذه الإعلانات التي اعتبروها حملة تضليلية.
لكن جوجل كانت مترددة في اتخاذ إجراء حاسم ضد الإعلانات الإسرائيلية، إذ أفادت متحدثة باسم الشركة بأنهم يسمحون للحكومات بنشر إعلانات طالما كانت تتوافق مع سياساتها، وأنها تقوم بتطبيق هذه السياسات دون تحيز.
ورغم ذلك، أشار موظفون حاليون وسابقون في جوجل إلى أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، وأن هناك حملات إعلانية أخرى تنفّذها إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة تستهدف الشرق الأوسط، ما أثار شكاوى داخل الشركة وخارجها.
وعلى الرغم من أن جوجل أزالت بعض الإعلانات الإسرائيلية في يناير الماضي بعد شكاوى "الأونروا في الولايات المتحدة"، إلا أن إسرائيل عادت في مايو الماضي بإعلانات معدلة تحمل عناوين مثل "حياد الأونروا محل شك" و"إسرائيل تكشف مشكلات الأونروا"، وهي إعلانات لا تزال مستمرة حتى اليوم.
كما أوضحت جوجل أن هذه الإعلانات لا تنتهك سياساتها، رغم أن مارا كرونينفيلد وفريقها يرون أنها تخالف سياسات الشركة ضد المعلومات المضللة وانتهاك العلامات التجارية، كما رفضت شكوى تقدم بها فريق "الأونروا في الولايات المتحدة" بشأن استخدام علامتهم التجارية بشكل مضلل.
ومن الصعب الحصول على صورة كاملة لحجم الحملة الإسرائيلية، إذ أن الإعلانات البحثية لم تظهر في مركز الشفافية للإعلانات الخاص بجوجل، الذي يستثني بعض الإعلانات بسبب قيود تقنية وسياسية.
وأوضحت متحدثة جوجل أن الأمثلة على الإعلانات الإسرائيلية المعادية للأونروا التي قُدمت في يناير ومايو، والتي تمت مشاركتها مع مجلة "وايرد"، لا تنتهك سياسات الشركة.
وتشكو الشركات بشكل متكرر من ظهور إعلانات منافسة في نتائج البحث المتعلقة بأسمائها أو علاماتها التجارية، وهو أمر معتاد لجوجل، وتنفق الشركات مبالغ طائلة لضمان عدم استبعادها من الروابط المروجة في أعلى نتائج البحث الخاصة بأسمائها.
وفي دراسة نُشرت هذا العام حول هذه المنافسة، قدّر باحثون جامعيون أن نحو 50 مليار دولار سنوياً، أو ما يعادل ثلث إيرادات إعلانات البحث لجوجل، تأتي من الإعلانات على استفسارات يبحث فيها المستخدمون عن موقع معين أو علامة تجارية.