كيف تؤثر لائحة الاتهام الجديدة ضد ترمب على سباق الانتخابات الأميركية؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فعالية في نادي ترمب الدولي للجولف في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا. 24 مارس 2024 - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فعالية في نادي ترمب الدولي للجولف في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا. 24 مارس 2024 - REUTERS
دبي-الشرق

مع بقاء نحو 10 أسابيع على انتخابات الرئاسة الأميركية، عادت قضيتا "محاولة قلب نتيجة انتخابات عام 2020"، و"الوثائق السرية" ضد المرشح الجمهوري للانتخابات دونالد ترمب إلى الواجهة من جديد، في وقت يحاول فيه الرئيس السابق إعادة تشكيل ملامح حملته الانتخابية وتركيز جهوده للتغلب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

وأعاد المستشار الخاص جاك سميث طرح مسألة محاولة ترمب "تغيير نتيجة انتخابات الرئاسة لعام 2020" بلائحة اتهام جديدة، كما طالب بإعادة فتح قضية "الوثائق السرية" ضد الرئيس السابق، بعد رفضها من قِبل قاضية فيدرالية في فلوريدا، الشهر الماضي.

ولن تذهب أي من القضيتين اللتين يشرف عليهما المستشار الخاص إلى المحاكمة قبل الانتخابات المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل. وإذا استعاد ترمب البيت الأبيض، سيكون لديه السلطة لإقالة سميث وإنهاء الإجراءات تماماً. فيما يُصر سميث على "تقديم الرئيس السابق إلى العدالة"، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

وفي يوليو، أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة قراراً قضى بأن الرؤساء السابقين يتمتعون بحصانة؛ تحميهم على نطاق واسع من الملاحقة القضائية في قضايا جنائية عن أفعالهم الرسمية خلال توليهم المنصب، وهو ما يعني أن ترمب لا يمكن مقاضاته عن أفعال كانت ضمن صلاحياته الدستورية وهو رئيس.

وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، رفضت قاضية فيدرالية في ولاية فلوريدا قضية "الوثائق السرية" ضد ترمب، معللة حكمها بأن تعيين جاك سميث وتمويل مكتبه للتحقيق في القضية تم بشكل "غير قانوني".

مصير القضية والانتخابات

وقال نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق أندرو مكابي، بعد أن قدّم المستشار الخاص لائحة الاتهام المعدلة: "أعتقد أن جاك سميث يريد أن يقول أنه ما زال يمسك بزمام الأمور"، وفق شبكة CNN الإخبارية.

من جهته، قال المدعي الفيدرالي السابق أنكوش خاردوري: "هذا عام حافل، إنها انتخابات مهمة للغاية". وأضاف: "هذه القضية على المحك، لأنه إذا فاز ترمب، ستختفي".

وكان حكم الأغلبية المحافظة بالمحكمة بأن ترمب يمكن أن يكون محمياً بالحصانة من الملاحقة الجنائية لبعض أفعاله كرئيس، أحد أكثر اللحظات أهمية في تاريخ المحكمة العليا، وله تداعيات هائلة على نظام الحكم في الولايات المتحدة.

وقد هاجم العديد من الخبراء البارزين هذا القرار، واعتبروه مخالفاً لروح مؤسسي البلاد، إذ بدا وكأنه يمنح سلطات كبيرة دون رادع إلى الرئاسة، بحسب CNN.

وأحدث هذا القرار صدمات خلال سباق رئاسي مضطرب بالفعل، إذ بدا أنه يقدم لرئيس سابق كان يعتقد بالفعل أنه يمتلك كل السلطة، فرصة لتطبيق حكم الرجل القوي إذا فاز في انتخابات نوفمبر.

وانتقدت هاريس هذا القرار في خطاب أمام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأسبوع الماضي، قائلة: "فكروا في السلطة التي سيحصل عليها... فقط تخيلوا دونالد ترمب دون أي قيود، وكيف سيستخدم الصلاحيات الهائلة لرئاسة الولايات المتحدة".

ويخلق تحرك سميث أبعاداً سياسية وقانونية ودستورية عميقة في لحظة وطنية حرجة، على بعد 10 أسابيع من انتخابات قد تعيد تشكيل البلاد بشكل عميق، وقد تختبر مرة أخرى مؤسساتها إلى أقصى الحدود، حسبما ذكرت CNN.

ما الذي تحتويه لائحة الاتهام الجديدة؟

قدّم المدعون نسخة معدلة من لائحة الاتهام الأصلية التي تسعى للحفاظ على معظم التهم الانتخابية ضد ترمب، مع تكييفها لتتوافق مع حكم المحكمة العليا الأخير الذي يمنح الحصانة الواسعة للرؤساء السابقين عن الأعمال الرسمية التي قاموا بها أثناء توليهم المنصب.

ولم تتغير الحقائق والأدلة في قضية سميث، إذ لا تزال لائحة الاتهام تتهم ترمب بالمؤامرة للاحتيال على النظام الحكومي الذي يُحصي أصوات الانتخابات، ولتخريب وعرقلة عملية التصديق على فوز جو بايدن، كما تتهمه بتدبير مؤامرة ضد الحق الأساسي للمواطنين في الإدلاء بأصواتهم واحتسابها.

ولكن احتراماً لقرار المحكمة العليا، أزال سميث العبارات التي تزعم أن ترمب استخدم وزارة العدل للترويج لمزاعمه عن تزوير الانتخابات، وحاول تصنيف الكثير من السلوك المزعوم المتبقي على أنه صادر عن "مرشح" وليس عن رئيس يتصرف بصفته الرسمية، للالتفاف على المشكلة التي كانت في صلب قرار المحكمة.

لكن قضيته لا تزال تواجه عقبات كبيرة، إذ يجب على قاضية المحكمة الجزئية تانيا تشوتكان الآن تفسير حكم المحكمة العليا لتحديد الأدلة التي لا تزال مقبولة. فيما سيقاتل فريق ترمب القانوني سميث في كل خطوة، وسيستخدم كل خيار استئناف متاح.

وقد يتهم فريق ترمب القانوني وحملته الانتخابية سميث بانتهاك العرف المتبع في وزارة العدل بتجنب الإجراءات ضد الشخصيات السياسية الرئيسية في فترة قريبة من الانتخابات.

وقال النائب الديمقراطي جيمي راسكين، والذي كان عضواً في لجنة مجلس النواب التي حققت في الهجوم على مبنى الكابيتول: "إذا كان دونالد ترمب لا يعجبه مدى تأخر حدوث هذا (المحاكمة)، فلا ينبغي له أن يؤجل ويؤجل لعدة أشهر".

وأضاف راسكين: "جاك سميث يلعب بالأوراق التي أُعطيت له من قبل دونالد ترمب وأنصار في محكمة (جون) روبرتس (رئيس المحكمة العليا) الذين جعلوا هذه القضية تتقدم ببطء قدر الإمكان. وأعتقد أن هناك شيئاً بطولياً بشكل هادئ حول إصرار جاك سميث على المضي قدماً للتأكد من كشف هذه المؤامرة".

تداعيات سياسية

وتضيف الأهمية السياسية لمحاولة سميث الجديدة إجبار ترمب على مواجهة المساءلة غير المألوفة عن أفعاله، بعداً آخر للمواجهة بين الرئيس السابق والمرشحة الديمقراطية هاريس.

وستعمل لائحة الاتهام المنقحة على إحياء مسألة الجرائم المزعومة لترمب في أذهان الناخبين، بعد أن تلاشى جبل من المشاكل القانونية، كقوة دافعة في الحملة الانتخابية بفضل الضجة التي أحدثها أداء بايدن "الكارثي" خلال مناظرته مع ترمب، وانسحابه اللاحق من السباق الرئاسي، والبداية العاصفة لحملة هاريس.

ولكن ترمب استغل مشكلاته القانونية لإحياء حملته من قبل، خاصة خلال السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري.

وكافح ترمب في الأسابيع الأخيرة للعثور على زخم لحملته ضد المرشحة الديمقراطية الجديدة، ولم تكن مسألة المشكلات القانونية للرئيس السابق محور التركيز في السباق الانتخابي في الأشهر الأخيرة. ولكن بمجرد تقديم لائحة اتهامات الجديدة من قِبَل سميث، أعاد فريق ترمب إحياء سردية أنه "ضحية لتدخل انتخابي من قِبَل وزارة العدل تحت إدارة بايدن".

وفي المقابل، رد ترمب على اللائحة الجديدة في منشور على منصته "تروث سوشيال" قائلاً إنه "لم يضطر أي مرشح رئاسي أو مرشح لأي منصب على الإطلاق، إلى تحمّل كل هذه الحرب القانونية، والتسليح مباشرة من مكتب خصم سياسي"، مضيفاً: "هذا هو الآن نظام كامالا (هاريس) المسلح ضد خصمها السياسي".

واعتبر في منشور آخر، أن "هذه المهزلة تقع حالياً على عاتق الرفيقة كامالا هاريس، التي تدفع بها بنشاط بدلاً من الدعوة الفورية لرفضها"، لافتاً إلى أنه "كما يعلم جاك سميث، يجب رفض القضية برمتها بناءً على الحصانة الرئاسية، كما قضت المحكمة العليا الأميركية بشكل واضح".

تحدي جديد لهاريس

وتُعتبر عودة مشكلات ترمب القانونية إلى الواجهة من جديد بمثابة تحدٍ جديد لهاريس، إذ ركزت الأسابيع الأولى من حملتها الانتخابية على المعاناة التي يواجهها الأميركيون بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية للتخفيف من نقطة ضعف سياسية واحدة، وتسعى لتصوير نفسها كمرشحة لتعاقب الأجيال مقارنة بترمب الأكبر سناً.

ولم تكن نائبة الرئيس واضحة في حملتها مثل بايدن في "تأصيل حملتها في معركة من أجل روح الأمة"، لكنها أشارت في الأسبوع الماضي إلى "كوابيس ترمب القانونية" لتصويره على أنه "رجل غير جاد"، ستؤدي عودته إلى المكتب البيضاوي إلى "عواقب خطيرة للغاية".

ويفضّل العديد من مؤيدي هاريس التباين بين نائبة الرئيس التي كانت مدعية عامة سابقة، وبين ترمب، "المجرم المدان والمتهم المشتبه به"، وهي ديناميكية من المؤكد أنها ستظهر على منصة المناظرة المقررة في 10 سبتمبر المقبل.

كما تعزز لائحة الاتهام الأخيرة ضد ترمب أيضاً فكرة هاريس بأن الأميركيين لديهم "فرصة ثمينة وعابرة" لتجاوز الشعور بالمرارة، والسخرية، والفوضى في سنوات ترمب إلى مستقبل أكثر تفاؤلاً.

ومع ذلك، يجب أن يكون لدى حملتها بعض القلق من أن بعض الناخبين المعتدلين والمتأرجحين قد ينظرون إلى لائحة الاتهام الجديدة ضد الرئيس السابق على أنها مبالغة.

تصنيفات

قصص قد تهمك