أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله نظيره الصومالي حمزة عبدي بري بالقاهرة السبت، حرص بلاده على وحدة أراضي الصومال والتزامها بتقديم الدعم الكامل لمقديشو في كافة المجالات، فيما قال بري إن بلاد تقدر الدعم المصري الذي يأتي في "ظرف دقيق"، تحاول فيه بعض الجهات تقسيم الصومال، وذلك بعد إعلان أديس أبابا استئجار 20 كيلومتراً من ساحل منطقة أرض الصومال الانفصالية، مقابل الاعتراف باستقلالها.
وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في يناير الماضي، بعدما وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال، وقالت إثيوبيا إنها ستبحث الاعتراف باستقلال أرض الصومال مقابل السماح لها بالوصول إلى البحر الأحمر.
ووصف الصومال الاتفاق بأنه غير قانوني، وطرد السفير الإثيوبي، وهدد بطرد آلاف الجنود الإثيوبيين المتمركزين في البلاد، للمساعدة في قتال المتمردين.
وأعلنت الرئاسة المصرية في 14 أغسطس، توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين في القاهرة، وسلمت القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو الأسبوع الماضي، وسط غضب إثيوبي واتهامات أديس أبابا لمقديشو بأنها "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، من دون أن تختص القاهرة بالذكر.
علاقات استراتيجية
وأكد مدبولي وفق بيان صادر عن الحكومة المصرية السبت، "عُمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع بين القاهرة ومقديشيو على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية".
وأشار مدبولي إلى أن الزيارة تأتي لمتابعة تنفيذ ما تم التوافق عليه خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود في 14 أغسطس.
وأكد مدبولي "دعم مصر الكامل للصومال الشقيق، وحرص الدولة المصرية على دعم وحدة الصومال"، مُضيفًا أن الفترة المُقبلة "تحمل خيراً كبيراً للصوماليين".
وأضاف: "تحقيق وحدة الصومال ودعم أشقائنا الصوماليين في هذه المرحلة يُعد أحد أهم أولويات الدولة المصرية، وهو ما ينعكس في الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين الجانبين على مدار الفترة الماضية".
وأكد رئيس الوزراء "التزام الدولة المصرية وحرصها الكامل على تقديم الدعم اللازم للصومال الشقيق في كافة المجالات".
وأضاف أن الحكومة المصرية "تتحرك بقوة نحو دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين القاهرة ومقديشيو"، مشيراً إلى حرص الجانبين على تعزيز التعاون وتسهيل تقديم التمويلات اللازمة للأعمال التجارية والاستثمارية بين البلدين، في ظل الحرص على تشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة في الصومال.
خط طيران مباشر وسفارة في مقديشو
وأعرب مدبولي عن تطلعه بـ"أن يقوم رئيس وزراء الصومال برعاية منتدى أعمال في الصومال في القريب العاجل يجمع رجال الأعمال من البلدين في المجالات المختلفة".
وتابع: "جاهزون لتصدير أي سلع أو بضائع يحتاجها الصومال، وسنبذل كل الجهود من أجل تيسير نفاذ هذه السلع والبضائع بما يُلبي احتياجات المواطن الصومالي".
وأشاد مدبولي بما تم اتخاذه من خطوات لتعزيز التعاون والتقارب بين مصر والصومال، مشيراً في هذا الصدد إلى تشغيل خط الطيران المباشر بين عاصمتي البلدين وافتتاح السفارة المصرية في مقديشيو في 13 أغسطس الجاري.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الصومالي خلال اللقاء، وفق بيان الحكومة المصرية أن مصر "تعد بمثابة الأخ الأكبر بالنسبة للصومال، حيث يرتبط البلدان بعلاقات قوية تاريخياً".
"مواجهة محاولات تقسيم الصومال"
كما أعرب رئيس الوزراء الصومالي عن تقديره للدعم الذي تُقدمه الدولة المصرية للصومال في هذا "الظرف الدقيق" الذي يشهد محاولات بعض القوى للعمل على "تقسيم الصومال"، مضيفًا: "القيادة السياسية والشعب الصومالي يُشكر الدولة المصرية على دعمها ومساندتها لنا".
وتابع: التعاون بين مصر والصومال هو تعاون متعدد الأوجه، وهذا ليس جديداً على مصر؛ لأن مقديشو ترتبط مع القاهرة بعلاقات تعاون تاريخية، ومصر دائماً كانت في مقدمة الدول الداعمة لنا.
وأشار بري إلى أن "التعاون بين مصر والصومال يشمل التعاون السياسي والتجاري والاستثماري، فضلًا عن التعاون في ميادين الثقافة والتعليم، حيث كانت مصر ولا تزال تقدم الكثير من المنح التعليمية للطلاب الصوماليين".
واستطرد: "نفخر بهذه العلاقات المُشرفة ونسعى لتعزيزها على مختلف المستويات".
وتطرق رئيس الوزراء الصومالي إلى "التقدم الكبير الذي تشهده العلاقات المشتركة بين مصر والصومال"، مشيراً في هذا الصدد إلى تشغيل خطوط الطيران بين القاهرة ومقديشيو منذ يوليو الماضي، وكذا افتتاح السفارة المصرية في مقديشيو.
واستعرض حمزة بري مجمل الأوضاع الراهنة في الصومال، مشيراً إلى أن بلاده شهدت على مدى العامين الماضيين "تطوراً حقيقياً"، على مختلف الأصعدة؛ الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
تعاون اقتصادي وزراعي
وأضاف أنه على الصعيد الاقتصادي، "شهد الصومال نمواً ملحوظاً في الناتج المحلي الإجمالي، كما نمت الإيرادات العامة للبلاد بصورة كبيرة. كما شهد الوضع الأمني تحسناً كبيراً، مشيراً إلى أنه بفضل الدعم المصري سيستطيع الصومال الانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر تطوراً وأماناً.
وخلال اللقاء، عرض رئيس وزراء الصومال عدداً من المطالب المتعلقة بدعم العلاقات بين البلدين. كما أعرب عن تطلعه لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال المصريين والصوماليين في مجالات الزراعة، مشيراً إلى أن الصومال بلد غني بالثروة الحيوانية والثروة السمكية، ومن الممكن أن تستفيد منها السوق المصرية.
وأضاف: "سنوفر كل التسهيلات اللازمة لأي استثمارات مصرية ترغب في العمل في الصومال".
"منعطف تاريخي في العلاقات"
بدوره، أشاد السفير الصومالي بالقاهرة ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية علي عبدي أواري بالجهود المصرية المبذولة لتعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين، مؤكداً أن هذه العلاقات "تاريخية وأخوية عبر العصور"، وأشار إلى أن العلاقات الصومالية المصرية "تشهد منعطفاً تاريخياً في هذه المرحلة وتطوراً غير مسبوق".
ووجه السفير الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لـ"توجيهاته الواضحة بتقديم مختلف صور الدعم والمساندة الممكنة للصومال، في كافة المجالات".
وأكد أن "هذا الأمر ليس بجديد على مصر الشقيقة الكبرى التي طالما ساندت الصومال لتحقيق تطلعات شعبه في التنمية والاستقرار والأمن، عبر التاريخ منذ العصر الفرعوني، حيث تم تسجيل رحلات بحرية تجارية بين مصر وبلاد بونت خلال فترة حكم الملكة حتشبسوت".
وقال السفير الصومالي إن زيارة رئيس الوزراء الصومالي إلى مصر "تعكس الحراك الكبير الذي تشهده العلاقات المصرية الصومالية في هذه الآونة"، معرباً عن تطلعه إلى "مزيد من التنسيق والتعاون مع مصر خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد نجاح الصومال في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي لعامي 2025-2026".
وأشار السفير الصومالي إلى حرص بلاده على "التشاور والتنسيق وتبادل الرؤى ووجهات النظر مع القيادة المصرية إزاء سبل التعامل مع التحديات التي تواجه المنطقة والعالم بأسره".
وقال إن "ما يشهده العالم من توترات وتحديات غير مسبوقة، تتطلب أكثر من أي وقت مضى زيادة التعاون والتنسيق بين الدول العربية، وخاصة مصر نظراً للدور المحوري الذي تلعبه في دعم القضايا العربية، فمصر هي قلب العروبة النابض والشقيقة الكبرى".
بروتوكول تعاون عسكري
وأعلنت الرئاسة المصرية في 14 أغسطس، توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين في القاهرة.
وقالت الرئاسة المصرية إن الرئيسان "عقدا جلسة مباحثات، تم خلالها تأكيد قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين مصر والصومال، والحرص المشترك على تدعيمها على مختلف الأصعدة".
وخلال اللقاء، أكد السيسي موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية.
وفي يناير الماضي، قال السيسي، إن بلاده لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال أو أمنها، معتبراً اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال "ليس مقبولاً لأي أحد"، وذلك بعد إعلان أديس أبابا استئجار 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال، مقابل الاعتراف باستقلالها.
مساعدات عسكرية مصرية للصومال
وأفاد السفير الصومالي في القاهرة، الأربعاء الماضي، بأن معدات ووفود عسكرية مصرية بدأت في الوصول إلى العاصمة مقديشو، تمهيداً لمشاركة مصر في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي في الصومال (AUSSOM)، فيما أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بياناً اتهمت فيه مقديشو بأنها "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، من دون أن تختص القاهرة بالذكر.
وقال السفير الصومالي علي عبدي أواري، إن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي (AUSSOM)، من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية الحالية في الصومال (ATMIS) بحلول يناير 2025.
ونقلت وكالة أنباء "رويترز" عن 3 مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية، أن مصر سلمت مساعدات عسكرية للصومال، الثلاثاء، هي الأولى منذ أكثر من 4 عقود، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر بين البلدين من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر.
غضب إثيوبي
في المقابل، ذكرت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان، أن أديس أبابا "لا يمكنها أن تظل ساكنة، بينما تتخذ جهات أخرى تدابير لزعزعة استقرار المنطقة"، قائلة إنها "عملت على ترويج السلام والأمن في الصومال والمنطقة، بما في ذلك إجراء مناقشات لحل الخلافات مع مقديشو".
وأضافت الوزارة أنه "بدلاً من بذل هذه الجهود من أجل السلام، تتواطأ حكومة الصومال مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة". ولم تذكر إثيوبيا في بيانها مصر، أو تشير إلى إرسال القاهرة أسلحة إلى الصومال.
والقاهرة على خلاف مع أديس أبابا منذ سنوات، بسبب بناء إثيوبيا لسد ضخم على نهر النيل، تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار في عام 2011.
وتقول إثيوبيا إن مشروع السد ضروري لدعم تنميتها الاقتصادية، إلا أن مصر والسودان تعتبرانه تهديداً خطيراً لإمداداتهما الحيوية من مياه نهر النيل، خاصة القاهرة التي تعاني محدودية الموارد وسط اعتمادها على النهر كمصدر وحيد تقريباً للمياه.