تواجه حملة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب، تحدياً داخلياً يتمثل في ترمب نفسه وميوله إلى "تقويض استراتيجيته" الخاصة، في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات تأييد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في استطلاعات الرأي، وفق موقع "أكسيوس".
وأشار "أكسيوس" إلى أن النمط المتمثل في أن "ترمب سيظل ترمب" ظهر بشكل واضح طوال عام 2024. ولكن مع دخول الحملة في سباق يمتد تسعة أسابيع حتى الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر المقبل، يبدو أن قرارات ترمب العفوية "تُربك بشكل متزايد خطط مستشاريه".
التصويت عبر البريد
فعلى سبيل المثال، أطلقت حملة ترمب هذا الأسبوع، موقعاً إلكترونياً للتصويت عبر البريد في ولاية بنسلفانيا، ضمن برنامج يحمل اسم "إغراق التصويت" (Swamp the Vote)، ويهدف إلى زيادة إقبال الجمهوريين في الولايات المتأرجحة.
وفي اليوم نفسه، وصف ترمب التصويت عبر البريد بأنه "سيء للغاية" خلال مقابلة مع فيل ماكجرو.
وقال ترمب في تجمع انتخابي بولاية بنسلفانيا الجمعة: "نريد التخلص من التصويت عبر البريد"، ليزيد من تناقض الرسائل التي تقدمها حملته.
وربط بعض الجمهوريين، بتحريض من ترمب، التصويت عبر البريد بـ"الاحتيال الانتخابي"، رغم عدم وجود أدلة على ذلك، بحسب "أكسيوس".
"التزوير"
ويعمل فريق ترمب منذ أشهر على تدريب المتطوعين الميدانيين على حشد أصوات الجمهوريين. لكن ترمب أوضح أنه لا يولي اهتماماً كبيراً لجهودهم بقدر اهتمامه بـ"نزاهة الانتخابات"، وهي محاولة تهدف جزئياً إلى تبرير مزاعمه غير الصحيحة بأن خسارته في انتخابات 2020 كانت نتيجة التزوير فقط، حسب "أكسيوس".
وقال ترمب الأسبوع الماضي: "تركيزنا الأساسي ليس على حشد الأصوات، بل على ضمان عدم حدوث التزوير".
وقال المتحدث باسم حملة ترمب، ستيفن تشيونج للموقع إن كلا البرنامجين "مهمان بنفس القدر". وأضاف أن "ترمب شجع مؤيديه والناخبين على المشاركة في التصويت من خلال الفيديوهات، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والفعاليات الشخصية، والعديد من الوسائل الأخرى".
"هجمات شخصية"
وإضافة إلى ذلك، يواصل الرئيس السابق الانغماس في الهجمات الشخصية، على الرغم من جهود مستشاريه لتوجيهه نحو التركيز على القضايا الرئيسية.
وبرزت الفجوة بين ترمب وفريقه هذا الأسبوع، أثناء تفاوض الحملة بشأن قواعد المناظرة المقررة بينه وبين هاريس في 10 سبتمبر على شبكة ABC، إذ سعى مستشاروه إلى ضمان إيقاف الميكروفونات للمرشحين عندما لا يكون دورهم في الإجابة، لكن ترمب قال إنه لا يهتم إذا ما كانت الميكروفونات ستظل مغلقة أم لا.
ويكتب مستشاروه مقترحات سياسية في خطاباته، ويدفعون بأفكار عن السياسة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي رسائل حملته الانتخابية، ولكن ترمب يحيد عن الكلمات المكتوبة له في تجمعاته الانتخابية، ويطلق أسماءً ساخرة على خصومه السياسيين، ويتعمد إساءة نطق وتهجئة أسمائهم، وأصبح إساءة نطق اسم كامالا أمراً معتاداً في تجمعاته الانتخابية، كما بدأ في الإشارة لها باسم "الرفيقة كامالا".
وخلال تجمع انتخابي في نورث كارولاينا، خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاجو، شكا ترمب إلى أنصاره قائلاً: "يقولون لي دوماً سيدي، من فضلك التزم بالحديث عن السياسة، وألا تدخل في هجمات شخصية، ستفوز بهذه الانتخابات بالحديث عن الحدود، والتضخم، ستفوز بالجيش العظيم الذي بنيته".
ولكنه اقترح تصويتاً مفتوحاً لأنصاره قائلاً: "هل يجب أن أشخصن الأمور؟ أو ألا أشخصن الأمور"، ورد أنصاره عليه بهتافات مؤيدة لإطلاق المزيد من الهجمات الشخصية.
ورد ترمب قائلاً: "المستشارون مفصولون"، في إشارة إلى مساعديه الذين حضوه على عدم الدخول في هجمات شخصية، وذلك بالتزامن مع جلبه لمستشارين من حملته الانتخابية الأولى في 2016.
وبات مديرا حملة ترمب سوزي وايلز وكريس لاسيفيتا يعتمدان على نائب ترمب جي دي فانس ليكون صوت الحملة بشأن القضايا السياسية.
والأربعاء، ألقى فانس كلمة في تجمع انتخابي في بنسلفانيا وويسكونسن، ركز فيه على الاقتصاد.
حاكم جورجيا
وفيما يمكن أن يمنح مستشاري ترمب بعضاً من الراحة، حاول ترمب في الآونة الأخيرة إصلاح العلاقات مع حاكم ولاية جورجيا الجمهوري المحبوب في ولايته برايان كيمب، بعدما هاجمه وزوجته بعنف خلال تجمع انتخابي في الولاية، ووصفه بأنه "رجل سيء وغير مخلص"، ووجه انتقادات لزوجته، ما أثار غضب الجمهوريين في الولاية.
وقال ترمب على تروث سوشيال بعدما رأى تقدم هاريس في استطلاعات الرأي بالولاية المتأرجحة، التي كان يعتبر أنها محسومة له: "شكراً لك برايان كيمب، لكل ما تفعله ودعمك لنا في جورجيا.. أتطلع إلى العمل معك".
وجاءت الهدنة بين الرجلين، بفضل فانس الذي تواصل مع كيمب وعدد من المسؤولين المنتخبين الحاليين والسابقين بالولاية، وكذلك، ساعد السيناتور ليندسي جراهام، في إصلاح العلاقات.
وحتى نهاية يوليو الماضي، كان ترمب يثني على مديرا حملته سوزي وايلز وكريس لاسيفيتا، على أنهما يديران أفضل حملة انتخابية منذ سنوات، وهو لا يزال يثني عليهما باعتبارهما "الفريق الأفضل في السياسة".