"واشنطن بوست": هاريس ستطلب مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل إذا فازت في نوفمبر

فيل جوردون مستشار هاريس للأمن القومي سيقود إعادة تشكيل السياسة الأميركية تجاه غزة

time reading iconدقائق القراءة - 12
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى اليسار وعلى اليمين فيل جوردون مستشارها للأمن القومي خلال حلقة نقاشية في لوس أنجلوس. 7 يونيو 2022 - Reuters
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى اليسار وعلى اليمين فيل جوردون مستشارها للأمن القومي خلال حلقة نقاشية في لوس أنجلوس. 7 يونيو 2022 - Reuters
دبي -الشرق

رجحت مصادر مقربة من المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس لصحيفة "واشنطن بوست"،  أن يصبح مستشارها الحالي للأمن القومي فيل جوردون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض حال فوزها في انتخابات نوفمبر المقبل، وهو ما يعني أنه سيلعب دوراً مركزياً في إعادة صياغة سياسة واشنطن تجاه إسرائيل.

وأشارت الصحيفة في تقريرها، إلى أن مقاربة جوردن تختلف عن مقاربة فريق الرئيس جو بايدن للحرب في غزة، ما يعني مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل، حال وصول هاريس إلى البيت الأبيض، إذ أنه وحتى قبل الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة في أكتوبر الماضي، بعد أسابيع قليلة من اندلاع الحرب، كانت مخاوف جوردون تدور حول أنه لا استراتيجية الجيش الإسرائيلي، ولا التعامل الأميركي مع الحرب سيجديان نفعاً.

وكان جوردون يخشى أن الطريقة الوحيدة أمام إسرائيل لتحقيق هدفها المعلن بتدمير حركة "حماس"، كان يعني تدمير قطاع غزة معها، بكل ما يتبعه ذلك من مآس إنسانية، وفقاً لمصادر مطلعة على النقاشات في ذلك الوقت.

ومنذ البداية، لم يعتقد جوردون أن الولايات المتحدة قادرة على التأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي تعامل معه خلال محادثات السلام قبل عقد.

وتتوائم الآراء الشخصية لجوردون مع آراء هاريس بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقاً لعدة مصادر وصفت علاقتهما، إذ عملا سوياً لصياغة رد هاريس خلال عدد من منعطفات الحرب، ما يشكل دلائل على الكيفية التي قد تعيد هاريس بها تشكيل السياسة الأميركية تجاه إسرائيل إذا فازت بالرئاسة.

مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل

وتوقعت عدد من المصادر لـ"واشنطن بوست"، أن تطلب هاريس تحليلاً كاملاً للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل، لتحديد الأمور المجدية فيها، وتلك التي لا تجدي، على أن يقود فيل جوردون تلك الجهود.

ومن غير الواضح ما الذي سينتج عن تلك العملية، لكن مصادر مطلعة على النقاشات بين هاريس وجوردون ذكرت أنها قد تصبح منفتحة على فرض شروط على بعض المساعدات لإسرائيل، وهو الأمر الذي رفضه الرئيس جو بايدن تماماً.

واتخذ بايدن خطوات قد تستعين بها هاريس للبناء عليها في تشكيل سياستها الخاصة. ففي فبراير الماضي، أصدر بايدن مذكرة تطلب من كل البلدان التي تتلقى أسلحة أميركية الإذعان لمعايير معينة، بما في ذلك الالتزام بالقانون الدولي، وتسهيل نقل المساعدات الإنسانية الأميركية، وهي خطوة يقول منتقدون للرئيس، إنه لم يطبقها.

وأوقف بايدن لفترة وجيزة فقط نقل شحنات القنابل التي تصل زنتها إلى ألفي رطل.

ضغوط كبيرة على هاريس

وعمقت حرب غزة، الانقسامات بين الديمقراطيين، منذ 7 أكتوبر الماضي، ومنذ أصبحت هاريس مرشحة الحزب، واجهت ضغوطاً من نشطاء طالبوها بالقطع مع سياسة بايدن تجاه إسرائيل، ولكنها رفضت لأسباب عدة "ليس أقلها أنها لا تزال نائبة الرئيس".

ولكن إذا ما فازت هاريس بالمكتب البيضاوي في نوفمبر، فقد ترسم مسارها الخاص، وفيما تشكل سياستها الخارجية الخاصة بها، أصبح جوردون أحد أقرب مستشاريها وأكثرهم موثوقية بالنسبة لها، إذا يساعدها على فهم الأمور في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا.

وقال مكتب هاريس إنه لن يناقش أي سياسات محتملة، إذ قال دان ليبرمان نائب مستشار الأمن القومي لهاريس: "لن نتعامل مع أسئلة بشأن سياسات مفترضة. هاريس لا تزال نائباً لرئيس الولايات المتحدة، وتساند سياسات إدارة بايدن – هاريس".

وذكر ليبرمان في بيان: "نائبة الرئيس أوضحت أنها ستضمن أن إسرائيل، لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد إيران والإرهابيين المدعومين منها. لن تترك هاريس إسرائيل غير قادرة على الدفاع عن نفسها"، وفق قوله.

مخالفة سياسة بايدن بشأن إسرائيل

وفيما لم تحدد هاريس تفاصيل سياستها الخارجية، يتوقع إلى حد كبير أن تواصل سياسة جو بايدن في عدد كبير من القضايا إذا فازت في نوفمبر، ومن بينها دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ومقاومة النفوذ الصيني، والسعي لبناء تحالفات دولية.

وقالت "واشنطن بوست" إن المحللين يرجحون أن المنطقة الوحيدة التي يبدو أن سياسة هاريس ستختلف فيها عن بايدن والحلفاء هي إسرائيل.

ورغم دعمها العلني لموقف بايدن، إلا أن تعليقاتها الخاصة، ومخاوفها فيما واصلت الحرب استمرارها، تشير إلى أنها ستكون منفتحة على تحدي إسرائيل بشكل أكثر مباشرة، وفق مصادر مطلعة على رؤاها، وتحدثوا للصحيفة بشرط عدم ذكر أسمائهم.

التغيير المنتظر في السياسة الخارجية

إيفو دالدار السفير الأميركي السابق لدى حلف الناتو اعتبر أن السياسة الأكثر ترجيحاً لتغييرها هي سياسة الشرق الأوسط، "لأنهم يعرفون الأمور التي لم تعد تعمل".

وأَضاف السفير الذي عمل مع جوردن من قبل: "هناك الكثير من الأدلة على أن إدارة هاريس وفيل جوردون سيحضان على اتخاذ منظور جديد بشأن الطريقة التي تتعامل بها واشنطن مع الشرق الأوسط، والتي بات واضحاً الآن أن غايتها النهائية هي الوصول إلى دولة فلسطينية".

ويدعم بايدن إقامة دولة فلسطينية، ولكن العديد من النشطاء يقولون إنه فعل القليل لدفعها، أو لمحاسبة نتنياهو على تقويض فرصها.

وقال عدة مسؤولين حاليين وسابقين إن هاريس تحدثت بقوة وصراحة أكبر بشأن الحاجة إلى دولة فلسطينية ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير.

يعرف واشنطن عن ظهر قلب

وسيرة جوردون تشير إلى شخص يعرف واشنطن جيداً، إذ خدم كمدير للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي تحت إدارة الرئيس بيل كلينتون، ومساعد وزير الخارجية في إدارة باراك أوباما، وفي النهاية أصبح متخصص شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض في إدارة أوباما الثانية.

وقال مسؤول سابق مازحاً إن جوردن مميز؛ لأنه ليس جزءاً من النخبة المعروفة بأوصاف "شاحب (أبيض) وذكر، وخريج يال"، والتي شكلت جهاز السياسة الخارجية الأميركية.

وتخرج جوردون من جامعة أوهايو، قبل أن يحصل على الدكتوراه من كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز.

وتشكل خلفيته الأكاديمية منظوره للسياسة الخارجية.

وفيما يقول زملاء حاليون وسابقون لجوردون إن ليس سياسياً، إلا أنه كان من أوائل الناس الذين انضموا إلى حملة أوباما في 2008، في وقت كانت مؤسسة الحزب الديمقراطي تفضل هيلاري كلينتون التي كانت مرشحة ضده في الانتخابات التمهيدية وقتها.

وفي 2019، أصبح جوردون مستشاراً غير رسمي لحملة هاريس قصيرة العمر للرئاسة، قبل أن يصبح مستشاراً لمنافسها وقتها أيضاً بيت بوتدجيج.

وقال فرانك لونستين المسؤول السابق بوزارة الخارجية والذي عمل مع جوردون: "فيل يجد المرشحين الذين يؤمن هو بهم، ويعتقد أنهم سيصبحون رؤساء عظماء، وينضم إليهم مبكراً".

وتولى جوردون منصب نائب مستشار الأمن القومي لهاريس مع وصولها للسلطة في 2021، قبل أن يصبح مستشارها للأمن القومي في 2022.

وفيما لم تكن علاقة هاريس وجوردون الشخصية قوية في البداية، إلا أنهما أصبحا أقرب فيما اتخذت نائبة الرئيس أدواراً أكبر في السياسة الخارجية.

والتقت هاريس بزعماء أوروبيين كجزء من محاولات بايدن لبناء تحالف مؤيد لأوكرانيا بعد الغزو الروسي، وسافرت عدة مرات إلى جنوب شرق آسيا لتقوية التحالفات هناك لمواجهة الصين.

منظور شائك لهاريس 

وذكر مساعدون لهاريس أن خلفيتها كمدع عام تؤثر على رؤيتها للسياسة الخارجية، إذ عادة ما تركز على ما إذا كانت تلك الدول تلتزم بالقانون الدولي الإنساني والعالم القائم على القواعد، وهو منظور قد يصبح شائكاً فيما يتعلق بإسرائيل، وفق "واشنطن بوست".

وكانت خلفيتها كمحامية، ظاهرة في تعليقاتها بشأن الحرب، ومنها قولها إن "إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن الكيفية التي تقوم بها بذلك تهم"، وقالت إنه "لا يوجد عذر لعدم السماح بمرور المساعدات إلى غزة"، وفق الصحيفة.

وبعكس بايدن، لم تقل هاريس في تصريحاتها العلنية إن حماس تضع مقاتليها وسط المدنيين، وذلك لـ"تجنب منح إسرائيل غطاءً للعدد الكبير من الضحايا في غزة"، وفقاً لمصدرين مطلعين على مناقشاتها الخاصة.

"تغيير صعب"

وحذر عدة دبلوماسيين ومسؤولين متخصصين في شؤون الشرق الأوسط، من أن تغيير السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، قد يكون صعباً على المستوى السياسي.

فبخلاف فرض شروط على المساعدات لإسرائيل، هناك عدة خطوات يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها، لتغيير طبيعة العلاقة مع إسرائيل، ومن بينها الاعتراف القانوني بالأحكام الصادرة عن هيئات قانونية ودولية وبينها محكمة العدل الدولية، والتي قالت في يوليو، إن إسرائيل يجب أن تنهي احتلال الأراضي الفلسطينية، وإخلاء المستوطنات الحالية، ووقف بناء مستوطنات جديدة، ودفع تعويضات للفلسطينيين، الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم.

وقال دان ليبرمان إن هاريس "ستواصل الوقوف أمام التحيزات المناهضة لإسرائيل في المنظمات الدولية، مضيفاً أن هاريس كانت واضحة في منح الأولوية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين، وهو ما تعمل عليه هي وبايدن منذ أشهر، وأنه يجب فعل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، واحترام القانون الدولي الإنساني".

وحتى الآن، تعارض هاريس حظر تصدير الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل، وهو ما يطالب به الكثير من التقدميين.

تأثير أكبر لجوردون على السياسة الخارجية

وتحدثت هاريس لفترة وجيزة مع مجموعة مؤيدة لفلسطين في ميشيجان هذا الشهر، وأصدرت المجموعة بياناً قالت فيه إن هاريس منفتحة على فرض حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهو ما نفاه فيل جوردون.

وإذا فازت هاريس بالبيت الأبيض، فقط يكون لجوردون تأثير أكبر من مساعدي بايدن على اتخاذ القرار، إذ أن بايدن الذي وصل إلى البيت الأبيض ومعه 50 عاماً من الخبرة في السياسة الخارجية، يثق كثيراً في قراراته، وأكثر عنداً في تغييرها.

وفيما يتعلق بالكثير من الأمور مثل حجب الأسلحة عن إسرائيل، أو السماح لأوكرانيا، بضرب العمق الروسي، كان بايدن حازماً في رفض هذه الأشياء، ما أثار إحباط مساعديه، إذ أن الخبرة الطويلة تأتي مع مخاطرها، فهي سلاح ذو حدين.

وظهرت آراء جوردون في بداية الحرب، ففيما بدأت إسرائيل الغزو البري لغزة، التقى مع جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن وعدد من مسؤولي الأمن القومي، وفيما كان تركيز الفريق ينصب على منع إسرائيل من شن هجوم واسع النطاق، كان جوردون يفكر في "اليوم التالي للحرب"، وكيف تنتهي الحرب.

ونظر الفريق إلى أسئلة جوردون على أنها "أمور أكاديمية"، ولكن يبدو أنه كان ذو بصيرة حينها، وفق "واشنطن بوست"، إذ يسأل الجميع الآن عن "اليوم التالي".

تصنيفات

قصص قد تهمك