تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على مسؤولي حكومة فنزويلا في ظل استمرار الجدل بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية، التي أُعلن فوز الرئيس نيكولاس مادورو فيها، في الوقت الذي تواصل حكومته ملاحقة قادة المعارضة، إذ أمر مكتب المدعي العام باعتقال المرشح الرئاسي إدموندو جونزاليس.
وأعلنت لجنة الانتخابات في فنزويلا، التي تعتبرها المعارضة ذراعاً للحزب الحاكم، فوز الرئيس نيكولاس مادورو بفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات التي جرت في 28 يوليو، بعد حصوله على 52% من الأصوات.
وتقترب وزارة الخزانة الأميركية من الإعلان عن 15 عقوبة فردية على مسؤولين مرتبطين بمادورو، الذين تزعم أنهم "عرقلوا إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة"، وفقاً لوثائق اطلعت عليها "بلومبرغ".
وتستهدف العقوبات، قادة بارزين تقول الولايات المتحدة إنهم تعاونوا مع مادورو لتقويض تصويت 28 يوليو الماضي، وتضم القائمة مسؤولين في لجنة الانتخابات، والمحكمة العليا، والجمعية الوطنية، وجهاز الاستخبارات الوطني SEBIN، ومديرية الاستخبارات العسكرية DGCIM، ويمكن الإعلان عن الخطط هذا الأسبوع، وربما تتغير قبل الانتهاء منها.
ورفض مسؤول إعلامي في وزارة الخزانة الأميركية التعليق، ولم يرد ممثل حكومة فنزويلا على طلبات التعليق.
وتشمل قائمة الأفراد الخاضعين للعقوبات مجموعة من المسؤولين العسكريين، الذين يقفون وراء "قمع واضطهاد واعتقال وتعذيب" معارضي مادورو. وأشار مصادر مطلعة إلى أن الولايات المتحدة تستعد أيضاً لفرض مجموعة منفصلة من العقوبات على كبار ممولي النظام.
وبحسب الوثائق، ترى الولايات المتحدة أن المسؤولين دعموا مادورو في خرق "اتفاق أكتوبر" بين الحكومة والمعارضة، والمتعلق بضمانات إجراء تصويت أكثر حرية ونزاهة.
اعتقال زعيم المعارضة
وفي كاراكاس، أمر مكتب المدعي العام باعتقال المرشح الرئاسي إدموندو جونزاليس، في تصعيد لحملة الحكومة ضد المعارضة، من المرجح أن يثير المزيد من الانتقادات، من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى خلصت إلى أن جونزاليس هو الفائز في تصويت 28 يوليو الماضي.
وجاء أمر الاعتقال بعد ساعات من مصادرة الولايات المتحدة طائرة يستخدمها مادورو، ونقلها من جمهورية الدومينيكان إلى ولاية فلوريدا، وبعد أيام من انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد، الذي ألقت الحكومة باللائمة فيه على محاولة "تخريب" الشبكة الكهربائية من قبل "قوى فاشية ويمينية متطرفة"، بحسب "بلومبرغ".
وقالت الهيئة الانتخابية في فنزويلا، التي يسيطر عليها حلفاء مادورو، إن الأمر يتعلق بمحاولة "تخريب" الشبكة الكهربائية من قبل "قوى فاشية ويمينية متطرفة".
ويتهم المدعون العامون جونزاليس بـ"انتهاك القانون"، لأن المعارضة قامت بتحميل سجلات التصويت لإظهار فوزه بأغلبية ساحقة.
كما يُتهم جونزاليس بارتكاب جرائم تشمل "تزوير وثيقة عامة والتحريض على عصيان القوانين والتآمر والتخريب"، بموجب أمر الاعتقال الذي نُشر، الاثنين، على حساب مكتب المدعي العام على إنستجرام.
وبينما حضرت زعيمة المعارضة المحظورة ماريا كورينا ماتشادو، ثلاث احتجاجات معارضة، لم يظهر جونزاليس بشكل علني بعد أيام من عملية التصويت.
وقال المدعي العام الفنزويلي، طارق وليام صعب، الجمعة، إن السلطات تنوي احتجاز جونزاليس بعد تخلفه عن الامتثال لثلاثة استدعاءات منفصلة بشأن تحميل سجلات التصويت التي يبدو أنها أظهرت فوزه في الانتخابات الرئاسية في 28 يوليو بأغلبية ساحقة.
كان صعب، فتح بالفعل تحقيقاً جنائياً بشأن جونزاليس وماتشادو بتهمة التحريض على "عصيان القوانين والتمرد والتضليل"، من بين جرائم أخرى.
وبعد إصدار مذكرة الاعتقال، كتبت ماتشادو على منصة التواصل "إكس"، الاثنين، "لقد فقدوا كل إحساس بالواقع"، مضيفة: "من خلال تهديد الرئيس المنتخب (جونزاليس)، هذا لن يؤدي إلا إلى توحيدنا أكثر وزيادة دعم إدموندو جونزاليس من قبل الفنزويليين والعالم".
مصادرة طائرة مادورو
والاثنين، صادرت وزارة العدل الأميركية إحدى طائرات مادورو، وهي طائرة من طراز داسو فالكون 900EX، بعد أن قررت أن شراءها وتشغيلها ينتهك للعقوبات الأميركية.
وكانت الشرطة في جمهورية الدومينيكان صادرت الطائرة، التي كانت متجهة إلى فلوريدا، في وقت سابق من هذا العام عندما هبطت في سانتو دومينجو.
جاءت مصادرة الطائرة وسط ضغوط متواصلة على مادورو في الداخل والخارج بشأن انتخابات 28 يوليو، المتنازع عليها، التي أعلنت هيئة الانتخابات فوزه الرئيس بها، بينما تقول المعارضة إن إحصاءاتها للأصوات تظهر أن مرشحها تفوق عليه بشكل قاطع.
وقالت الحكومة الفنزويلية في بيان، إن الاستيلاء على الطائرة "ليس سوى قرصنة" وغير قانوني، ويشكل "ممارسة إجرامية متكررة" من جانب الولايات المتحدة.
ويخضع مادورو وشركاؤه وقطاع النفط الحيوي في الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" لعقوبات أميركية قاسية، وأثار أسلوب تعامله مع الانتخابات احتمالات فرض المزيد من العقوبات.
وتأتي أحدث موجة من العقوبات بعد شهر من إعلان الهيئة الانتخابية إعادة انتخاب مادورو لولاية ثالثة متتالية، على الرغم من البيانات الانتخابية التي نشرتها المعارضة، والتي أشارت إلى أنه خسر بهامش كبير.
وبعد إعلان فوز مادورو، اندلعت احتجاجات عنيفة في العاصمة كاراكاس ومدن أخرى في الأيام التي أعقبت التصويت، واعتقل أكثر من 2400 فنزويلي، بينهم أكثر من 100 قاصر، فيما لقي 25 شخصاً على الأقل مصرعهم وفقاً لجماعات حقوق الإنسان، في "أشرس" حملة قمع منذ بداية حكمه الذي دام 11 عاماً.
وشككت الولايات المتحدة ودول أخرى في شرعية فرز الأصوات، ودعا بعض حلفاء مادورو الحكومة إلى نشر سجلات التصويت الكاملة. والاثنين، أمرت حكومة مادورو باعتقال المرشح الرئاسي وزعيم المعارضة إدموندو جونزاليس، الذي اعترفت واشنطن بفوزه في الانتخابات.