تونس.. خلافات واحتجاجات واتهامات متبادلة تسبق الانتخابات الرئاسية

time reading iconدقائق القراءة - 8
متظاهرون خلال احتجاج بالقرب من مقر مفوضية الانتخابات في تونس العاصمة للمطالبة بتنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين آخرين إلى انتخابات الرئاسة. 2 سبتمبر 2024 - REUTERS
متظاهرون خلال احتجاج بالقرب من مقر مفوضية الانتخابات في تونس العاصمة للمطالبة بتنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين آخرين إلى انتخابات الرئاسة. 2 سبتمبر 2024 - REUTERS
تونس-الشرق

تقترب تونس من موعد الانتخابات الرئاسية في أكتوبر، وسط أجواء مشحونة بالاتهامات المتبادلة، إذ تتهم المعارضة هيئة الانتخابات بتمهيد الطريق أمام ولاية ثانية للرئيس قيس سعيد، في حين تشدّد الهيئة على دورها في "حماية العملية الانتخابية من كل التجاوزات"، وفق صلاحياتها الدستورية.

واشتدّ النقاش وسط الأحزاب والجمعيات بعدما رفضت هيئة الانتخابات قرار المحكمة الإدارية القاضي بإعادة 3 مرشحين للسباق الرئاسي، وتثبيتها قائمة المقبولين أولياً لانتخابات 6 أكتوبر، مبررة موقفها بأن القرارات القضائية "غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن، ولو بالتعقيب طبقاً لمقتضيات القانون الانتخابي".

وكانت المحكمة الإدارية، وهي أكبر محكمة في البلاد، أعلنت في 15 أغسطس، قبولها 7 طعون في إطار نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسيّة، لكل من عبد اللطيف المكي ومنذر الزنايدي وعماد الدايمي وعبير موسي والصافي سعيد، وناجي جلّول والبشير العواني، لكن الدوائر الاستئنافية للمحكمة أقرت برفضها جميع الطعون.

وبعد جولات قضائية، أقرّت المحكمة بقبول طعون 3 مرشحين بارزين وإعادتهم إلى السباق الرئاسي في أحكام باتة لا يمكن الطعن عليها، وهم الوزير السابق منذر الزنايدي، والقيادي السابق بحركة النهضة (الإخوان) عبد اللطيف المكي، والقيادي السابق بحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" عماد الدايمي، في حين رفضت باقي الطعون.

وأحدث رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قرار المحكمة الإدارية "صدمة" وسط المحللين، إذ اعتبر بعض أساتذة القانون الدستوري أنه "يضع المسار الانتخابي في خطر باعتباره يمسّ من مصداقيته ونزاهته وسلامته، ويؤدي لا محالة إلى التشكيك في نتائج الانتخابات في مرحلة لاحقة".

وقال المرشح للانتخابات زهير المغزاوي، عقب إعلان القائمة النهائية للمترشحين، إن "ما قامت به هيئة الانتخابات دهس على القانون وقفز على قرارات المحكمة الإدارية"، مضيفاً أن " الهيئة تعسفت على بعض المترشحين، ونصبت نفسها سلطة فوق كل السلطات".

وعبّر الاتحاد العام التونسي للشغل عن "رفضه لهذا القرار الخارج على القانون واعتباره توجيهاً ممنهجاً ومنحازاً وإقصائياً وتأثيراً مسبقاً على النتائج، علاوة على أنه ضرب صارخ للسلطة القضائية ولأحكامها".

صلاحيات هيئة الانتخابات

ويمنح دستور 2022 في المادة 134 الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الولاية العامة على الانتخابات، والتي تنصّ على "توليها إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابيّ ونزاهته وشفافيته، وتصرح بالنتائج "كما تتمتع الهيئة بالسلطة الترتيبية في مجال اختصاصها".

وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر إن "مجلس الهيئة عاين استحالة تنفيذ القرارات المُعلن عنها مؤخراً من طرف المحكمة الإدارية واعتبار قائمة المترشحين المقبولين المُصادق عليها قائمة نهائية وغير قابلة للطعن"، وفق إذاعة جوهرة.

وأضاف أنه "تعذر الاطلاع على نسخ الأحكام الصادرة مؤخراً عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية لعدم إعلام الهيئة بها طبقاً للقانون في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية، وذلك تطبيقاً لصريح منطوق الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من القانون الانتخابي".

وأوضح أنه تم الاطلاع على الأحكام الجزائية الصادرة ضد بعض المترشحين الذين تم رفض ترشحهم من طرف الهيئة "من أجل تدليس التزكيات أو التحايل على المُزكين وتوزيع الأموال، والقضايا الجزائية المنشورة حالياً بمختلف المحاكم، والتي بلغ عددها إلى حد الآن 400 قضية جزائية تخص مترشحين تم رفضهم من طرف الهيئة فضلاً عن ثبوت الجنسية الأجنبية لأحد المترشحين بتاريخ التصريح على الشرف بخلوه من الموانع بما يعني تأسيس مطلب الترشح على شهادة مدلسة بهدف إخفاء حالة حرمان نص عليها القانون على معنى الفصل 158 من القانون الانتخابي"، وفق ما نقلته "إذاعة جوهرة" التونسية.

وتمسك المعارضون لقرار هيئة الانتخابات بضرورة أن تطبق أحكام المحكمة الإدارية في جلستها العامة، على مسودة الحكم، من خلال نسخ منطوق الحكم، في حين تتشبث هيئة الانتخابات بضرورة توصلها واطلاعها على نسخ الأحكام، ما كرس الخلاف بين المؤسستين في قراءة النصوص وتراتُبيتها وتنفيذ أحكامها.

الزمال أول المرشحين المقبولين رهن الإيقاف

ويواجه العياشي الزمال، وهو أول المترشحين المقبولين للسباق الرئاسي، تهماً بافتعال تزكيات شعبية أو تزويرها، منذ إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في العاشر من أغسطس، عن القائمة الأولية للمترشحين للانتخابات الرئاسية.

واعتقلت السلطات التونسية الزمال في الثاني من سبتمبر، وبعد موافقة المحكمة الابتدائية في محافظة منوبة، الجمعة، على طلب الإفراج عنه، وتأخير النظر في قضيته إلى 19 سبتمبر، وفور خروجه من السجن، تم إيقافه على ذمة قضية ثانية خارج العاصمة.

وقال رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي الزمال، في حديث مع "الشرق"، إن النيابة العامة في محافظة جندوبة، شمال غرب تونس، طلبت تقديم الزمال في حالة اعتقال على ذمة قضية أخرى تتعلق أيضاً بافتعال التزكيات، على قاعدة شكاوى تقدم بها أشخاص من منطقة "وادي مليز " على الحدود الغربية للبلاد.

وأكد الجبابلي أن 25 شخصاً تقدموا ببلاغات في مناطق مختلفة، منهم 11 بلاغاً تضمنتها قضية واحدة في محكمة منوبة، التي أجل النظر فيها إلى 19 سبتمبر، بعد الموافقة على طلب الإفراج، علماً بأن العياشي الزمال حصل على أكثر من 14 ألف تزكية شعبية، من 13 دائرة انتخابية، قبلت منهم هيئة الانتخابات 10 آلاف و457 تزكية صحيحة.

ويقول مهدي عبد الجواد، عضو حملة العياشي، لـ"الشرق، إن "تهماً كيدية تلاحق المرشح الذي فاجأهم بتمكنه من تحقيق شروط الترشح للانتخابات، لذلك يصرون على إقصائه وتشويه سمعته".

ومكنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس المواطنين من آلية تمكنهم من التثبت في مسألة التزكيات الشعبية، وفق البيانات الشخصية لكل مواطن للتأكد في حال قام بتزكية أحد المرشحين، من عدمه.

المعارضة تحتج

وأطلقت 10 منظمات و8 أحزاب ما سمته "الشبكة التونسية للدفاع عن الحقوق والحريات" كردّ فعل عن تردّي الأوضاع السياسية، ورداً على ما اعتبروه "انتهاك الحقوق المدنية وحق التعبير وحق التنظّم ومحاصرة الإعلام وحرمان بعض المواطنين من الترشح إلى الانتخابات".

وقال محيي الدين لاغة، كاتب عام الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ"الشرق إن "الشبكة تأتي تتويجاً لتوجه تبين لنا خلال السنوات الأخيرة بضرورة التحالف والتكاتف بين كل القوى السياسية من منظمات وأحزاب، للمحافظة على المكاسب التي حصل عليها التونسيون للدفاع عن هذه المكاسب مما يتهددها بشكل عام".

وتضم الشبكة التونسية للحقوق والحريات كلاً من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وائتلاف صمود، والديناميكية النسوية التي تضم بدورها 8 جمعيات من بينها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية أصوات نساء، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنظمة "أنا يقظ"، والمرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، وجمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات"، وجمعية "المرأة والريادة"، وجمعية "بيتي".

كما تضم الشبكة حزب العمال، والتيار الديمقراطي، والحزب الاشتراكي، وآفاق تونس، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وحزب القطب، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والحزب الجمهوري، والحزب الاجتماعي التحرري.

تصنيفات

قصص قد تهمك