وسّع الجمهوريون في مجلس النواب من تحقيقاتهم بشأن قرار الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب من أفغانستان، وهم يسعون للحصول على شهادات إضافية من كبار الضباط الذين شهدوا تلك الأحداث، وفق ما أوردت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن مسؤولين مطلعين على المناقشات.
وذكرت الصحيفة في تقريرها، السبت، أن المرشح الجمهوري دونالد ترمب، يسعى إلى جعل الانسحاب من أفغانستان، قضية مركزية في حملته الانتخابية، من أجل الهجوم على إدارة جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، منافسته في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
وذكر التقرير أن الأغلبية الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، كانت على اتصال بثلاثة ضباط عسكريين كبار كانوا في كابول خلال الانسحاب في أغسطس 2021، وشاركوا بشكل مباشر في الإجلاء المستعجل لعشرات الآلاف من الأشخاص، بعد انهيار الحكومة الأفغانية.
واعتمدت عملية إجلاء القوات الأميركية جزئياً في أمنها على مقاتلي "طالبان"، وهي الحركة التي حاربت الولايات المتحدة وقوات التحالف لمدة 20 عاماً، قبل أن يعودوا للسلطة مجدداً.
وذكرت المصادر أن الضباط الكبار الذي يستهدفهم الجمهوريون في التحقيقات، هم الجنرال كريستوفر دوناهو، والأدميرال بيتر فاسيلي، الذي تقاعد مؤخراً من الخدمة، والجنرال في مشاة البحرية فاريل سوليفان.
وأشرف هؤلاء الضابط على عملية الإخلاء، كما أعرب فاسيلي وسوليفان في وقت سابق، عن إحباطهما من طريقة إدارة هذه الأزمة.
"تصرف بسوء نية"
وكثفت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، جهودها للتحدث مع شخصيتين رئيسيتين على الأقل في الإدارة الأميركية، وهما وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي استدعته اللجنة هذا الأسبوع، ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان.
واعترف المتحدث باسم البنتاجون جيمس آدامز، بأن دوناهو وفاسيلي وسوليفان قدموا للمشرعين "آرائهم ونظرتهم الشخصية"، وقال: "نحن لسنا على علم بأي طلبات رسمية من الكونجرس للحصول على شهادات إضافية" من القادة العسكريين الثلاثة، أو من أفراد عسكريين آخرين.
وقال أحد المساعدين في اللجنة البرلمانية للصحيفة، إن "المحققين يراجعون ردود الضباط، ومن المحتمل أن يُطلب منهم المزيد من المشاركة في التحقيق".
واتهم المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، قيادة الحزب الجمهوري في اللجنة بـ"التصرف بسوء نية".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، شارون يانج، في بيان، إن الإدارة اتخذت "تدابير استثنائية للتعاون" مع التحقيق، بما في ذلك إتاحة كبار المسؤولين لجلسات الاستماع والمقابلات المكتوبة، وتقديم إحاطات للمشرعين وموظفيهم، وإنتاج عشرات الآلاف من الوثائق.
وتظهر خطة الجمهوريين في مجلس النواب لتوسيع وإطالة التحقيق، بينما يستعد ترمب لمناظرة كامالا هاريس، خصمته الديمقراطية، مساء الثلاثاء (بالتوقيت المحلي).
تقرير مرتقب يدين بايدن-هاريس
وبالتزامن مع ذلك، من المتوقع أن يصدر رئيس لجنة الشؤون الخارجية مايكل ماكول (جمهوري)، تقريراً بحلول الاثنين، يدين تعامل فريق بايدن-هاريس مع الانسحاب.
ومن المتوقع أن يرد الديمقراطيون في اللجنة بتقرير خاص بهم، يدافعون فيه عن الإدارة الحالية.
وقال أشخاص مطلعون لـ"واشنطن بوست"، إنه من غير المتوقع أن يتضمن التقرير المرتقب، شهادات الجنرالات الثلاثة الإضافية، ولكن يمكن نشرها في وقت آخر.
ومن المتوقع أن تعلن لجنة "حرب أفغانستان"، وهي لجنة فحص بمشاركة الحزبين تدرس الصراع الذي دام 20 عاماً، نتائجها بحلول أغسطس 2026.
وفي الأسابيع الأخيرة، استغلت حملة ترمب، مع حلفائه في الكونجرس، الانسحاب من أفغانستان لشن هجمات على هاريس، وأشاروا إلى تفجير انتحاري خلال الأيام الأخيرة من العملية، والذي أسفر عن سقوط 13 جندياً أميركياً ونحو 170 أفغانياً.
واحتضن عدد من أسر الجنود الرئيس السابق ترمب، ودافعوا عنه بشراسة، وسط اتهامات من الديمقراطيين وغيرهم من المنتقدين، الذين يقولون إنه يستغل مأساتهم لتحقيق مكاسب سياسية.
"صفقة ترمب وإعلان بايدن"
ورفض الديمقراطيون في لجنة الشؤون الخارجية التحقيق باستمرار باعتباره حزبياً، مشيرين إلى أنه فشل في استكشاف كيف ساعدت مفاوضات ترمب واتفاق الانسحاب مع "طالبان"، المؤرخ في فبراير 2020 أثناء رئاسته، في تهيئة الظروف لانهيار أفغانستان تحت حكم بايدن.
وعندما سُئل أحد الديمقراطيين في اللجنة عن سعي الجمهوريين للحصول على شهادة من الجنرالات، اعتبر أن الحزب الجمهوري يريد "مواصلة المسرحيات".
ورفضت ليزلي شيد، المتحدثة باسم الأغلبية الجمهورية في اللجنة، هذه التأكيدات. وقالت إن ماكول، رئيس اللجنة، "بدأ التحقيق في الانسحاب من أفغانستان فور حدوثه، في وقت كان الحزب الجمهوري أقلية بمجلس النواب، ودعا الديمقراطيين إلى الانضمام إليه".
وأضافت شيد: "لقد اختاروا تجاهله، وتجاهل هذه الكارثة المميتة".
ووجد تقييم مستقل أجراه المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان، المعين من قبل الكونجرس في عام 2022، أن "العامل الأكثر أهمية" في انهيار الجيش الأفغاني كان صفقة ترمب للانسحاب من أفغانستان، ويليها "إعلان الرئيس بايدن الانسحاب"، والذي أصدره بعد بضعة أشهر من تولي منصبه في عام 2021.
وزعم ماكول في بيان، أن تحقيقه سيكشف كيف "ضللت إدارة بايدن، وفي بعض الحالات كذبت صراحةً" على الشعب الأميركي، وأعطت الأولوية "للمظهر على سلامة وأمن الأميركيين".
وبينما لم يذكر تقرير سابق صادر عن لجنة ماكول هاريس بشكل كبير، إلا أنه أكد الآن أنها "كانت موجودة في كل خطوة وقرار" اتخذه بايدن.
وقال ماكول: "الأمر متروك للشعب الأميركي لتحديد ما إذا كان يعتقد أن هذه الأحداث يجب أن تمنع مواصلة إدارة بايدن-هاريس لمدة أربع سنوات أخرى".
ورد الديمقراطيون بأنه، في حين كان سقوط الأميركيين الـ13 مأساوياً، فيجب وضعها في السياق المناسب في نهاية حرب استمرت 20 عاماً، وتسببت في سقوط أكثر من 2400 جندي أميركي آخر، وعشرات الآلاف من المدنيين الأفغان.
ويزعم الديمقراطيون، أنه بتوقيع ترمب اتفاق الانسحاب مع طالبان، والذي دعا جميع الأميركيين إلى مغادرة أفغانستان بحلول ربيع 2021، ترك لبايدن خيارات قليلة.