اتهم مدعٍ عام في إسطنبول 47 شخصاً، منهم أطباء وممرضات، بالمعاملة غير المناسبة لرُضَّع بغرض التربح، وهو ما أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 10 من حديثي الولادة، في واحدة من أكبر الفضائح الصحية في تركيا خلال الأعوام القليلة الماضية.
وذكرت لائحة الاتهام أن وزارة الصحة أغلقت 9 مستشفيات خاصة نتيجة للتحقيق، بالإضافة إلى اعتبار 19 مؤسسة صحية في المجمل متحملة للمسؤولية.
وورد في لائحة الاتهام، التي حصلت عليها "رويترز"، أن المشتبه بهم متهمون بإنشاء جماعة إجرامية لإدخال الأطفال حديثي الولادة إلى مستشفيات خاصة بعينها، وتلقي مدفوعات من هيئة الضمان الاجتماعي نظير عمليات علاج غير لائقة، بل وأحياناً حالات زائفة.
تحقيق برلماني
ويسعى حزب الشعب الجمهوري (المعارض) إلى فتح تحقيق برلماني في الواقعة.
ودعا إلى استقالة وزير الصحة كمال ميميش أوغلو، وذكر الأخير أن عمليات التفتيش التي تنفذها وزارته في المستشفيات سيجري تنفيذها الآن "بصرامة أكبر من أي وقت مضى".
وورد في لائحة الاتهام، الواقعة في 1399 صفحة، والمقدمة إلى محكمة في إسطنبول، الأسبوع الماضي، أن اثنين من المشتبه بهم، ويعملان على خط مكالمات الطوارئ، كانا يبحثان عن حديثي الولادة الذين قد يتم إرسالهم إلى هذه المستشفيات لتلقي العلاج في الرعاية المكثفة.
وأضافت أن حديثي الولادة أصبحوا بعد ذلك ضحايا للإهمال، أو عدم كفاية الرعاية الطبية، مع بيع الأدوية الموجهة لهم إلى آخرين، وتوفي بعضهم جراء إصابتهم بعدوى في الوحدات.
وقالت لائحة الاتهام إن هدف العصابة الإجرامية هو "تحقيق أرباح مالية، لا تحسين الظروف الصحية للمرضى".
ونفى المشتبه بهم، ومنهم طبيبان و11 ممرضة، الاتهامات، وقالوا إنهم لم يرسلوا حديثي الولادة عمداً إلى مستشفيات معينة وإن الأطفال تلقّوا الرعاية الضرورية.
وتتضمن الاتهامات التي يواجهها المشتبه بهم: "تشكيل جماعة إجرامية، والاحتيال، وتزوير مستندات رسمية، والإهمال الذي أفضى إلى قتل". وتم إيداع 22 مشتبهاً به في السجن على ذمة محاكمتهم.
السجن المؤبد
وسبق أن طالبت النيابة العامة في إسطنبول بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد بحق زعيم عصابة إجرامية وعدد من أفرادها، بعد توجيه تهم تتعلق بتورطهم في مخطط احتيالي، استهدف وحدات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة، ما أدى إلى وفاة عدد من الأطفال، وإصابة آخرين بمضاعفات صحية خطيرة، بحسب التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في منطقة "بيوك جكمجة" غربي إسطنبول.
واستغلت العصابة الأطفال الرضّع من خلال إدخالهم إلى وحدات العناية المركزة في مستشفيات معينة من دون حاجة طبية لذلك، وجاء اختيار هذه المستشفيات تحديداً، لأنها توفر أرباحاً أكبر، حيث تم إرسال الرضع إلى مستشفيات بالتعاون بين العصابة وعاملين في خدمة الطوارئ، بدلاً من نقلهم إلى مراكز تُوفر لهم الرعاية الصحية المناسبة.
كما تشير لائحة الاتهام، إلى أن العصابة كانت تعمل بالتنسيق مع موظفي الطوارئ لتوجيه الأطفال إلى مستشفيات بعينها بغرض زيادة الإيرادات، وليس بهدف توفير العلاج المناسب، وبدلاً من التركيز على تعافي الأطفال، كان الهدف الرئيسي هو تحقيق مكاسب مالية كبيرة عبر فرْض علاجات مكلفة، مثل العناية المركزة، واستغلال ذلك لزيادة الفواتير المفروضة على مؤسسة الضمان الاجتماعي.
ومن خلال هذه الممارسات، نجحت العصابة في مضاعفة الأرباح من وحدات العناية المركزة الخاصة بحديثي الولادة 3 إلى 4 مرات، وفقاً لما ورد في لائحة الاتهام.
وتم تقسيم هذه الأرباح بين أفراد العصابة، الذين كان العديد منهم يعملون في القطاع الصحي، بما في ذلك الأطباء والممرضات.