النظام التعليمي في إيران تحت ضغط الإنفاق الدفاعي وعجز الموازنة

أطفال بلا مدارس رغم قرار الحكومة برفع موازنة الدفاع 200% مع حلول مارس 2025

time reading iconدقائق القراءة - 5
انطلاق العام الدراسي في إحدى المدارس الإيرانية في عام 2022. - إرنا
انطلاق العام الدراسي في إحدى المدارس الإيرانية في عام 2022. - إرنا
طهران/ لندن-الشرق

يواجه قطاع التعليم في إيران أزمة مالية حادة، تنفجر في وجه الحكومة الجديدة، التي تسعى لتحسين الخدمات التعليمية بينما تتلقى ضغوطاً من الحرس الثوري ومكتب المرشد بمنح الأولوية للإنفاق العسكري.

وفي الوقت الذي تكافح فيه البلاد مع نظام تعليمي يعاني من نقص التمويل وضغط كبير، التزمت طهران بزيادة هائلة في الإنفاق العسكري، أعلنت معه نيتها مضاعفة موازنة الدفاع 200% مع بدء السنة المالية المقبلة في 21 مارس 2025.

تراجع في جودة التعليم

وبينما خصصت إيران نحو 4 مليارات دولار (ما يعادل 254.847 مليار تومان إيراني) لوزارة التعليم في عام 2023 (بمتوسط 250 دولار سنويا كلفة تعليم التلميذ الواحد)، وهو مبلغ أعلى بقليل من السنوات السابقة، إلّا أنه لا يزال غير كافٍ لدولة تضم 17 مليون طفل في سن الدراسة.

ووفقاً لتقرير صادر عن "اليونسكو"، فإن هذا المستوى من التمويل أقل بكثير من المعايير الدولية للاستثمار في كل طالب. وتظهر النتائج بوضوح مثل المباني المدرسية غير المأهولة، والفصول المكتظة، والنقص في أعداد المعلمين المؤهلين. وبينما احتلت ايران المرتبة 60 من أصل 166 دولة في تصنيف جودة التعليم عالمياً وفق اليونسكو (2016)، يبدو أن المستوى مستمر في التدهور لتصل إلى قرابة المرتبة 100.

أزمة التسجيل في المدارس

وقدّرت مصادر "إيران إنترناشيونال"، أن أكثر من مليوني طالب لم يسجلوا في المدارس هذا العام، فيما تعترف إحصاءات الحكومة التي قدمتها إلى اليونسكو بـ790.000 طالب غير مسجل، وتعود هذه الأزمة إلى الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الأسر في تغطية تكاليف التعليم الأساسية. 

ويحتج المعلمون بانتظام للمطالبة برواتب أعلى وتحسين ظروف العمل، وذكر تقرير "راديو فاردا" المُعارض، أن المعلمين في إيران يتقاضون أجوراً أقل بكثير من نظرائهم في الدول المجاورة، مما يجبر العديد منهم على العمل في وظائف إضافية، وقد أدّى نقص التمويل إلى شعور الأسر والمعلمين بالإهمال من قبل الدولة.

ارتفاع الإنفاق الدفاعي

ويعزو إيرانيون كُثر أزمة الإنفاق على التعليم، إلى أولويات الدولة، التي رفعت الإنفاق الدفاعي في إيران على نحو غير مسبوق. وأفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن إيران أنفقت 10.3 مليار دولار على الدفاع في عام 2023، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الإنفاق إلى 16.7 مليار دولار، مما يشكل حوالي 25% من الميزانية الوطنية.

وأشارت تقارير "إيران إنترناشيونال" إلى خطط الحكومة لزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 200% بحلول عام 2025، وهو ما فسرته السلطات بأنه "ضروري" لأمن البلاد في ظل التوترات الإقليمية.

وشرح متحدث باسم وزارة الدفاع في مقابلة مع وكالة أنباء فارس الإيرانية: "أن بيئتنا الأمنية شديدة التقلب، وعلينا أن نكون مستعدين". وتقول الحكومة إن تصاعد التوترات مع الدول المجاورة و"الخصوم الغربيين" يجعل من الضروري تمويل الجيش بشكل قوي. 

موازنة الأولويات الوطنية

ويحذر معارضون من أن تخصيص موارد ضخمة للدفاع على حساب التعليم سيؤدي إلى تداعيات خطيرة، وحذرت  "فاينانشيال تايمز" من أن المخاطر طويلة الأجل تتمثل في ترك الجيل الشاب في إيران دون تعليم كافٍ وفرص اقتصادية.

ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن معدل التضخم في إيران، الذي بلغ حوالي 40% العام الماضي، زاد من تفاقم الوضع، ما أدّى إلى الضغط على ميزانيات الأسر، فيما لا تقتصر قرارات الحكومة المالية على التعليم فحسب، بل تُعمّق الفجوات الاجتماعية وتزيد من الأعباء الاقتصادية.

مشهد أمني معقد

ويدرك المحللون التحديات الأمنية الحقيقية التي تواجهها إيران، فالدولة في نزاع مفتوح تعدّى المواجهات عبر "حلفاء" إلى المواجهة المباشرة مؤخراً، وهو الأمر الذي تكرره الحكومة في طهران، في تفسير رفع إنفاقها العسكري. إلّا أن دعاة التنمية المستدامة في طهران نفسها، يعبرون عن القلق على تراجع التعليم الذي لطالما امتازت به إيران.  

ثمن الإهمال؟

وتشكل الفصول الدراسية في إيران، كما في كل الدول، رمزاً للأمل، ولكن في هذه البلاد، يخشى قادة الرأي أنها في الوقت نفسه تذكير بالإهمال. ومع تزايد تمويل الجيش والدفاع والحرس الثوري، يثير الباحثون الأسئلة حول استدامة السياسات المالية الإيرانية مطروحة. ويحذر خبراء التعليم من أنه بدون استثمار كبير في الجيل القادم، تخاطر إيران بإبطاء نموها الاقتصادي والاجتماعي.

وقال علي رضائي، الأستاذ بجامعة طهران، في حديثه مع صحيفة الجارديان البريطانية: "عندما تهمل التعليم، فإنك لا تضر بالأسر فقط؛ بل تعرقل التنمية الوطنية. علينا أن نفكر بما يتجاوز الحاضر ونتساءل عن نوع المستقبل الذي نبنيه لأطفالنا".

تصنيفات

قصص قد تهمك