قوة جوازات السفر: العوامل التي تحدد حرية التنقل عالمياً

time reading iconدقائق القراءة - 5
شخص يحمل جواز سفر روسي عند معبر فاليما الحدودي بين روسيا وفنلندا. 23 سبتمبر 2022. - REUTERS
شخص يحمل جواز سفر روسي عند معبر فاليما الحدودي بين روسيا وفنلندا. 23 سبتمبر 2022. - REUTERS
دبي-الشرق

أضحى جواز السفر أكثر من مجرد وثيقة، وكثيراً ما يتعامل معه الناس كرمز لـ"الامتياز، والتنقل، والقوة الجيوسياسية".

ويعكس ترتيب الدول في مؤشرات جوازات السفر العالمية مدى قوة علاقاتها الدبلوماسية، واستقرارها الاقتصادي، ووضعها الأمني. بعض الجوازات تتيح دخولاً غير مقيد عبر الحدود، بينما تواجه أخرى قيوداً صارمة، فما الذي يحدد هذه الفجوات؟

تسلط التصنيفات الأخيرة الضوء على العوامل التي تؤثر على سهولة أو صعوبة السفر بين الدول، مثل الدبلوماسية، والقوة الاقتصادية، والمخاوف الأمنية.

تتصدر جوازات سفر لدول مثل سنغافورة  أو الإمارت العربية المتحدة، قائمة الجوازات القوية عالمياً مثلاً، بينما يأتي جواز السفر الإيراني في مرتبة متأخرة، متأثراً بالعزلة السياسية والعقوبات الدولية. 

وتسير دولة كتركيا على خط وسط، متوازنة بين تحالفاتها الإقليمية وعلاقاتها مع الغرب، وتسعى دولة كالسعودية إلى التخفيف من القيود التي قد يواجهها الراغبون إلى زيارتها، ما يفتح فرصاً لتبادلية مع دول العالم للسماح لحملة الجواز السعودي بالمقابل على سهولة التنقل.

قوة الدبلوماسية

غالباً ما تكون حرية السفر بدون تأشيرة نتاج علاقات دبلوماسية قوية، فكلما استثمرت الدولة في اتفاقيات ثنائية، زادت فرص مواطنيها في التنقل دون قيود. مثل الإمارات العربية المتحدة التي تحتل المرتبة العاشرة عالمياً، إذ أبرمت اتفاقيات تمنح مواطنيها حق الدخول إلى 185 وجهة دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول.

وعلى النقيض، تعاني دول مثل سوريا وإيران من خيارات تنقل محدودة، نتيجة توتر علاقاتها الدبلوماسية أو الأمنية مع العديد من الدول الغربية.

الاستقرار السياسي والصورة الدولية

يعكس ترتيب جواز السفر نظرة العالم لدولة معينة. تحظى الدول المستقرة سياسياً والآمنة اقتصادياً بفرص أكبر للحصول على امتيازات السفر. أما الدول التي تواجه نزاعات داخلية أو سياسات خارجية مثيرة للجدل - مثل إيران، وسوريا، والعراق - فتعاني من ضعف تصنيف جوازاتها.

في المقابل، تواصل ألمانيا، واليابان، والولايات المتحدة تصدر المؤشرات العالمية لجوازات السفر، بفضل اقتصاداتها القوية وعلاقاتها الدبلوماسية المتينة.

العامل الاقتصادي

تلعب القوة الاقتصادية دوراً رئيسياً في تصنيف جواز السفر، فالدول ذات الاقتصادات المزدهرة ومعدلات الهجرة المنخفضة - مثل سنغافورة وسويسرا - تتمتع بجوازات سفر قوية، إذ يُنظر إلى مواطنيها على أنهم أقل احتمالاً للبقاء في الخارج بشكل غير قانوني.

في المقابل، تواجه الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية، مثل لبنان والسودان أو إيران، قيوداً متزايدة، حيث تخشى الدول المستضيفة من تدفق المهاجرين غير الشرعيين.

العقوبات والعزلة الدولية

الدول الخاضعة للعقوبات الاقتصادية أو السياسية تعاني من تراجع ترتيب جوازات سفرها. فإيران تحتل المرتبة 96 عالمياً، حيث لا يتمكن مواطنوها من دخول سوى 44 دولة دون تأشيرة، بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية التي حدّت من قدرتها على توقيع اتفاقيات دولية.

وتُظهر أمثلة مثل كوريا الشمالية وأفغانستان مدى تأثير العزلة الدولية على حرية التنقل.

معضلة المعاملة بالمثل

غالباً ما تقوم سياسات التأشيرات على مبدأ المعاملة بالمثل، فالدول التي تفرض قيوداً صارمة على دخول الأجانب غالباً ما تواجه قيوداً مماثلة في المقابل.

على سبيل المثال، إيران لديها سياسات دخول صارمة، مما يحد من قدرتهما على التفاوض بشأن اتفاقيات سفر أوسع. وعلى النقيض، تبنت تركيا (المرتبة 46 عالمياً) سياسة تأشيرات مفتوحة، ما سهل دخول الزوار، وساهم في تعزيز تصنيف جوازها.

الحالة الإيرانية مثالاً

إيران مثال حي على تأثير الجغرافيا السياسية في تصنيف جواز السفر. مع إمكانية السفر دون تأشيرة إلى 44 دولة فقط، لا يزال جوازها أحد الأضعف عالمياً. العقوبات الدولية، والتوترات مع القوى الغربية، وسياساتها الإقليمية، والمخاوف الأمنية  من هذه الدولة، زادت من القيود المفروضة على الإيرانيين. ورغم بعض الجهود لتوسيع العلاقات الدبلوماسية، إلا أن إيران تظل معزولة إلى حد كبير من حيث حرية التنقل.

وهكذا.. لا يُحدد ترتيب جواز السفر فقط بالثروة الوطنية أو التاريخ، بل هو مزيج معقد من العلاقات الدبلوماسية، والاستقرار والتعاون الأمنيين، فضلاً عن النفوذ الاقتصادي. 

ومع تغير المشهد السياسي العالمي، تستمر تصنيفات جوازات السفر في التبدل. في حين تسعى بعض الدول، مثل الإمارات، إلى تعزيز قوتها الدبلوماسية، تكافح دول أخرى، مثل إيران وسوريا، بسبب التحديات الجيوسياسية. ستظل حرية التنقل انعكاساً للتوازنات الدولية، تؤثر على الطريقة التي يعبر بها المواطنون حدود العالم.

تصنيفات

قصص قد تهمك