قالت مديرة الاستخبارات الأميركية، أفريل هاينز، إن "الأصل الحقيقي لوباء كورونا ربما لن يُعرف على الإطلاق"، وذلك وسط افتراضات متضاربة بشأن أصل الفيروس التاجي الذي تسبب في جائحة عالمية.
والشهر الماضي، وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن أجهزة الاستخبارات بـ"إجراء مراجعة على مدى 90 يوماً للفرضيتين المعقولتين لمنشأ فيروس كورونا"، في إشارة إلى سيناريو منشئه عن طريق اتصال بشري بأحد الحيوانات، أو تسربه من مختبر في مدينة ووهان الصينية.
وفي مقابلة مع موقع "ياهو نيوز" الأميركي، قالت مديرة الاستخبارات الأميركية: "نأمل العثور على دليل دامغ" على أصل الفيروس، لكنها وصفت ذلك بـ"الصعب"، مضيفة: "ربما يحدث، وربما لا".
ولفتت إلى أنها "كانت تشرف عن كثب على المراجعة"، التي شملت عشرات المحللين والمسؤولين الاستخباراتيين الذين يمثلون كلتا النظريتين.
وقالت: "لا أعرف أي النظريتين ستثبت صحتها وستقدم إجابة ناجعة عن سؤال أصل الفيروس، لكنني استمعت إلى المحللين وأتفهم لماذا ينظرون إلى هاتين النظريتين على أنهما في حالة تنافس قصوى، ولماذا يعد ترجيح إحداهما على الأخرى أمراً بالغ الصعوبة".
وأوضحت: "صحيح أن الغالبية العظمى من الأوبئة والأمراض المستجدة نشأت من الاتصال البشري بالحيوانات، لكنك أيضاً تطالع حقيقة أن الفيروس جاء من منطقة يقوم فيها مختبر بأبحاثه حول فيروسات كورونا، ويصبح لزاماً عليك النظر في هذا الخيار أيضاً. وهنا تجد نفسك قادراً على سوق الأدلة والبراهين في كلا الاتجاهين".
فرضية ثالثة
ووفق هاينز، تسعى الفرق التي ترأسها إلى جمع معلومات استخباراتية جديدة ربما تلقي الضوء على مصدر الوباء، إلى جانب إجراء تحليلات جديدة للمعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها بالفعل.
وقالت إن وكالاتها "تحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات"، ليس فقط "المعلومات الجديدة التي يمكن الاستفادة منها في مواجهة هذا التحدي"، بل أيضاً "إجراء عصف ذهني عن الطرق المختلفة لمقاربة المشكلة، ما قد يكشف عن إمكانية أن تكون المعلومات التي اعتقدنا يوماً أنها ليست ذات صلة بمنشأ الفيروس، مفيدة جداً" في حل هذا اللغز.
وذهبت هاينز إلى حد طرح فرضية ثالثة حول منشأ الفيروس، تجمع بين الفرضيتين السابقتين، إذ قالت: "ربما يكون السيناريو، على سبيل المثال، هو أن أحد العلماء اتصل بأحد الحيوانات التي يسحبون منها العينات، وأصيب بالفيروس بهذه الطريقة".
موضوعية النتيجة
ووفقاً لموقع "ياهو نيوز"، "يمكن للبحث في كيفية تفشي وباء كورونا أن يوفر معلومات حاسمة لمسؤولي الصحة العامة الباحثين عن استراتيجيات لمنع أي تفشٍّ مستقبلي؛ وفي حال تبين أن الفيروس تسرب من أحد المختبرات الصينية، فستكون هذه معلومة مهمة لتوجيه دفة منافسة واشنطن المستعرة مع بكين".
وفي هذا الإطار، قالت هاينز: "سنبذل أقصى ما في وسعنا للوصول إلى إجابة. لكن ما يأمله صناع السياسات وينتظرونه مني، على ما أعتقد، هو أن أقدم لهم ما نعرفه وما لا نعرفه. من جانبي، أنا لا أحاول اختلاق شيء ما، أو منح القادة السياسيين الإجابة التي قد يودّون سماعها".
وتابعت: "أفضل ما يمكنني القيام به هو أن أقدم الحقائق كما نعرفها، وأن أقدم التحليلات التي أجريناها بأقصى قدر من الموضوعية وعدم التحيز".
نظريتان طاغيتان
ومنذ تفشي جائحة كورونا، كانت النظرية السائدة لدى العلماء وخبراء الصحة العامة هي أن الفيروس "أصله طبيعي"، إذ يرجَّح أنه خرج من خفافيش إلى نوع آخر من الحيوانات قبل انتقاله إلى الإنسان في سوق رطبة في مدينة ووهان.
كذلك، ظهرت نظرية "تسرب الفيروس من مختبر صيني في الأيام الأولى من الجائحة"، لكن إجماع العلماء انصبّ على أن احتمال "الأصل الطبيعي" هو" الأقرب" لتفسير منشأ الفيروس.
وفي وقت سابق من هذا العام، أرسلت منظمة الصحة العالمية فريقاً من العلماء إلى ووهان للتحقيق في منشأ الفيروس، وخلص إلى أن "احتمال وقوع حادث مخبري مستبعد تماماً".
لكن هذه النظرية عادت لاستقطاب الانتباه الشهر الماضي، بعدما كشفت وكالة "بلومبرغ" عن تقرير استخباراتي أميركي سري أشار إلى أن "3 باحثين في مختبر ووهان أصيبوا بمرض ودخلوا المستشفى في نوفمبر 2019"، أي تزامناً مع بدء تفشي الفيروس بين سكان المدينة الصينية.
وبعد ذلك بوقت قصير، أمر الرئيس بايدن وكالات الاستخبارات الأميركية بـ"مضاعفة جهودها" لاكتشاف أصل فيروس كورونا، في إشارة ضمنية إلى أن الإدارة الجديدة تحمل إمكانية تسرب الفيروس من مختبر على محمل الجد.