البابا فرنسيس.. حامل "دفء الجنوب" إلى الفاتيكان

time reading iconدقائق القراءة - 23
فلبينيون يحضرون قداساً للبابا فرنسيس بعد ساعات من إعلان الفاتيكان عن وفاته في كاتدرائية كوباو في مدينة كيزون بالفلبين. 21 أبريل 2025 - Reuters
فلبينيون يحضرون قداساً للبابا فرنسيس بعد ساعات من إعلان الفاتيكان عن وفاته في كاتدرائية كوباو في مدينة كيزون بالفلبين. 21 أبريل 2025 - Reuters
روما-عرفان رشيد

رحل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان عن العالم بعد سنوات قضاها في الدفاع بلا كلل عن المهاجرين والمهمشين والبيئة، وغيرها من القضايا العالمية، ليسدل الستار على حياة أول زعيم من أميركا اللاتينية للكنيسة الكاثوليكية التي ورثها في حالة من الفوضى بعد الاستقالة المفاجئة لسلفه بنديكت السادس عشر، فجعلها أكثر انفتاحاً وقرباً من العالم.

أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس، واسمه الحقيقي خورخي ماريو بيرجوليو، الاثنين، عن عمر يناهز 88 عاماً بعد فترة طويلة من المرض الذي أجبره على المكوث في المستشفى لمدة 5 أسابيع، حيث تلقّى العلاج من التهاب رئوي مزدوج.

ولأسابيع اتجهت أنظار العالم إلى غرفة في الطابق العاشر بمستشفى "جيميلّي" بالعاصمة الإيطالية روما، ومن ثمّ إلى منزله في المجمع الفاتيكاني "سانتا مارتا"، الذي سكنه بيرجوليو منذ انتخابه "حبراً أعظم"، أي "بابا الفاتيكان".

جاء إعلان الوفاة على لسان الكاردينال الـ"كامارلينجو" رسمياً بالصيغة المعتمدة: "البابا مات، العرشُ شاغرْ!"، وهي الصيغة التي أطلقت سلسلة من الإجراءات التي ستتضمّن مراسم التشييع والدفن في حاضرة الفاتيكان، والتي أدخل عليها فرنسيس نفسه تعديلات تبسيطية للمراسم، إذْ أنْ النعش لن يُعرض مُمدّداً على منصة، بل داخل التابوت الذي سيُدفن به.

بعد ذلك سيتولّى الـ"كامارلينجو"، وهو المُعيّن سلفاً والمكلّف بإدارة شؤون الكنيسة في فترة شغور الكرسي البابوي والإعداد لإقامة وإدارة الـ"كونكلاف" -المجمع الكاردينالي لانتخاب البابا الجديد.

يُذكر أن الكونكلاف الجديد سيكون شديد الاختلاف عن سابقاته سواء من حيث التمثيل الجغرافي، الذي شهد انفتاحاً على بقاع كثيرة من العالم، ونُقصاناً واضحاً للموقع المركزي الذي احتلّته أوروبا في هذا المجمع الذي سيؤثّر قراره الانتخابي على مستقبل الكنيسة الكاثوليكية ويرسم خطاه المستقبليّة.

وقد رسّم البابا فرنسيس بنفسه غالبية الكرادلة خلال السنوات العشر الماضية في قيادة الكنيسة.

أول وآخر رسالة

"بونا سيرا -Buona Sera- مساء الخير!، لقد ذهب إخوتي الكرادلة إلى نهاية العالم ليأتوا بالبابا الجديد!"، بهذه الكلمات خاطب البابا فرنسيس العالم في أول رسالة له بعد انتخابه في مارس 2013.

وفي آخر خطاب له بتاريخ 20 أبريل 2025، جدد البابا فرنسيس دعوته لوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة في رسالة بمناسبة عيد القيامة قرأها أحد مساعديه عندما ظهر لفترة وجيزة في الشرفة الرئيسية لكاتدرائية القديس بطرس.

غزة حاضرة

رُغم المرض لم يتوقف البابا فرنسيس عن العمل والتواصل اليومي مع راهب الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة جبرائيل رومانيلّي، للاستعلام عمّا يحدث على الأرض هناك من أهوال ودمار وموت.

وبرحيله يفقد سكان غزة والفلسطينيون بشكل عام ومن يحلمون بالسلام، صوتاً ضد الحرب والظلم والاستبداد، لم ينقطع نداؤه لإسكات أصوات المدافع والرصاص ليعمّ السلام في الأرض.

كان البابا فرنسيس واحداً من الشعب وتكلّم بلغة ذلك الشعب وأدهش الجميع في كل لحظاته، بالضبط كما فعل صباح عيد الفصح في 20 من أبريل الجاري، عندما ظهر من الشرفة المركزية لواجهة كنيسة القدّيس بطرس بحاضرة الفاتيكان ليُحيّي الملايين وليبارك لهم "فُصْحَ" سلام.

ولم يكتفِ بذلك الظهور بل أصرّ على المرور ما بين الآلاف من المحتشدين في الساحة الشاسعة وأن يُبارك لهم ولطفلين كرمزين للطفولة التي ترى المستقبل منغلقاً أمامها.

رؤية الباب في تلك اللحظات ولّدت عند الجميع الإحساس بأن الرجل سيبقى معهم لمدة أطول، ولم يرغب أحد في تفسير تلك الجولة بمثابة "زيارة الوداع"، التي جاءت قبل أقل من 24 ساعة من وفاته.

تميّز حضور البابا فرنسيس على مسرح الأحداث منذ أمسية الثالث عشر من مارس 2013، أي مُذْ أطلّ على الشرفة المركزية لكاتدرائية القدّيس بطرس بروما وخاطب الآلاف المحتشدة في ذلك الميدان الواسع وأمام شاشات التلفزيون في العالم أجمع بابتسامة لا تخلو من الحرج والقلق والخوف من المسؤولية والعبء الثقيل الذي أُلقيَ على عاتقه وهو في السادسة والسبعين من العمر.

وكان أول تصرف له بعد انتخابه مميزاً، فبدلاً من مباركة المحتشدين هناك، طلب منهم فوراً أن يصلّوا من أجله، وبادرهم بجملته الشهيرة "بونا سيرا Buona Sera- مساء الخير!"، مُظهراً منذ اللحظة الأولى أسلوباً جديداً أكثر قرباً من الناس.

تلك الكلمات، وتلك الابتسامة القلقة والخجولة كانت بمثابة كاسحة الجليد التي لا تكتفي بفتح المسار أمام السفن المبحرة في المحيط المتجمد، بل تحمل أيضاً دفء الجنوب الذي أدخلَ هذا الرجل إلى القلوب مباشرة ودونما استئذان، وليس قلوب الكاثوليك فحسب، بل كل أولئك الذين يشعرون بالقلق إزاء مستقبل البشرية.

ولم يُخيّب خورخي ماريو بيرجوليو الآمال وكان حاضراً في كل اللحظات والمنعطفات التي رافقت سنين حبريته التي دامت حتى الآن 11 عاماً و11 شهراً.

ارتقى بيرجوليو عرش البابوية وارتدى جُبّة القديس الأكثر فاقة وزُهداً في التاريخ، المعروف بـ"كليمُ الطيور" و"قدّيس" القرن الثاني عشر فرانتشيسكو دي آسّيسي (واسمه الحقيقي جيوفاني دي بييترو دي برناردوني"، المولود في عام 1181 وتوفي في الثالث من أكتوبر 1226 وأُعلنه البابا جريجوريوس التاسع قديساً في 16 يوليو 1228، أي بعد عامين من وفاته.

وإذا كان شائعاً عن القديس فرانتشيسكو قدرته على مكالمة الطيور، فقد حاور بيرجوليو عقول البشر وقلوبهم. فمن هو "فرانتشيسكو" القرن الحادي والعشرين؟

الأصل والدعوة

وُلِد باسم خورخي ماريو بيرجوليو، وهو أول بابا من أميركا اللاتينية وأول فرانسيسكاني يعتلي العرش البابوي.

وُلد في 17 ديسمبر 1936 في بوينس آيرس، بالأرجنتين لعائلة ذات أصول إيطالية، وكان والده ماريو خوسيه بيرجوليو مهاجراً من مقاطعة بيدمونتي الإيطالية (عاصمتها تورينو)، بينما كانت والدته، ريجينا ماريا سيفوري، أرجنتينية من أصل جَنَوِي.

نشأ بيرجوليو في بيئة متواضعة ومؤمنة، وأظهر منذ طفولته شغفاً خاصاً تجاه الروحانيات والعزم على مساعدة المحتاجين.

أصيب في عام 1953 بالتهاب رئوي حاد أجبره على المكوث في المستشفى لفترة طويلة، وكان حينها في السابعة عشرة من عمره وقد غيّر ذلك الحدث مسار حياته، وقاده إلى التفكير العميق في مغزى وجوده، إذ استشعر دعوة الإيمان.

التحق في عام 1958 بالمعهد الإكليريكي التابع لجمعية يسوع، وبدأ مسيرته التكوينية كمتدرب يسوعي.

الصعود في السلك الكهنوتي الأرجنتيني

تمت رَسامَة بيرجوليو كاهناً في 13 ديسمبر 1969 على يد الأسقف المساعد لقرطبة، المونسنيور رامون خوسيه كاستيلانو.

وكَرّسَ نفسه في الحال بحماس كبير للتعليم والتوجيه الروحي للطلاب الإكليريكيين، حيث شغل منصب رئيس المتدربين، ثم أصبح عميداً لكلية الفلسفة واللاهوت في سان ميجيل. وعُيِّن في عام 1973 رئيساً إقليمياً لليسوعيين في الأرجنتين، وهو منصب هام وضعه في مواجهة فترة تاريخية مضطربة.

خلال الديكتاتورية العسكرية للكولونيلات في الأرجنتين  (1976-1983)، اتخذ بيرجوليو موقفاً وسطياً، فمن ناحية، حاول حماية الكهنة الذين تعرّضوا إلى التهديدات من قِبَل النظام، ووصل به الأمر إلى إخفاء عدد ممن كانوا مُلاحَقين، ومن الناحية الأخرى، واجه انتقادات بسبب عدم اتخاذه موقفاً صريحاً وأكثر حزماً ضد الحكومة العسكرية.

ورغم هذا الجدل، فقد كان التزامه الإنساني واضحاً، إذْ ساعد شخصياً العديد من الناس على الهروب من القمع وعمل على تعزيز الحوار بين الكنيسة والمجتمع المدني.

الصعود إلى رتبة الكاردينالية

عُيّنَ في عام 1992 أسقفاً معاوناً لبوينس آيريس، ثم أصبح في عام 1998 رئيساً لأساقفة الأبرشية نفسها، خلفاً للكاردينال أنطونيو كواراتشينو. وفي 21 فبراير 2001، عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني كاردينالاً.

انتخابه للبابوية واختيار الاسم

كأسقف، تميز بيرجوليو بتواضعه وبساطته، إذ رفض الرفاهية، واستخدم وسائل النقل العام في تنقلاته، وعاش في شقة متواضعة.

وفي 13 مارس 2013، وبعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر، انتخب الكونكلاڤ "مجمع الكرادلة" خورخي ماريو بيرجوليو ليصبح الحبر الأعظم السادس والستين بعد المائتين للكنيسة الكاثوليكية.

اختار اسم "فرانتشيسكو تكريما للقدّيس "فرانتشيسكو دي آسّيزي"، رمز الفقر والتواضع والزهد، وبدلاً من الإقامة في شقة الباب داخل حاضرة الفاتيكان، قرر السكن في منزل متواضع في سكنى الكرادلة بمُجمّع "سانتا مارتا" واختار الصليب النحاسي بدل الصليب الذهبي الذي يضعه البابوات على صدورهم، وواصل التحرك بسيارة صغيرة، كما كان يتحرك في بوينس آيريس بالحافلات العامة.

المبادرات الأولى والرحلة إلى لامبيدوزا

منذ بداية جلوسه على عرش الكنيسة الكاثوليكية، تبنّى البابا فرنسيس نهجاً قائماً على الرأفة، والقرب من الفقراء، وتجديد الكنيسة.

ومن بين أولى مبادراته الرمزية، كانت زيارته إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في يوليو 2013، حيث ندد بمأساة المهاجرين واتهم "عولمة اللامبالاة"، وهزّت كلماته الضمير العالمي، وجعلت أزمة المهاجرين في صميم النقاش الدولي.

وعلى مدى سنين زعامته للفاتيكان، دان بيرجوليو القادة السياسيين الذين يروّجون لسياسات الانغلاق وبناء الجدران، واصفاً إياهم بأنهم "ليسوا مسيحيين صالحين".

وأثارت هذه التصريحات ردود فعل قوية، لكنها رسخت مكانته كقائد أخلاقي وروحي عالمي.

تطور المرض ودخول مستشفى جيميلّي

كان البابا فرنسيس يعاني منذ فترة طويلة من مشاكل صحية أثَّرت على قدرته الجسدية، فمنذ شبابه، تعرَّض لمشاكل تنفسية خطيرة أدت إلى استئصال جزء من إحدى رئتيه نتيجة التهاب رئوي حاد، وهو ما جعله أكثر عُرضة لمشاكل الجهاز التنفسي والتعب.

في السنوات الأخيرة، عانى أيضاً من آلام في الركبة جعلته يعتمد على كرسي متحرك لفترات طويلة، كما أن نوبات الإجهاد وصعوبات التنفس أثارت القلق بشأن حالته العامة. ومع ذلك، استمر في أداء مهامه البابوية بإصرار استثنائي.

وإثر دخوله الأخير إلى مستشفى جيميلّي حاول الفاتيكان التقليل من خطورة الأمر ووصفه بأنه مجرد فحوصات روتينية، لكن الأمر تغيّر، حسب مصادر الفاتيكان ذاتها، لأن "البابا نفسه طالب بإخبار الناس والمؤمنين على وضعه بشكل صريح وعدم إخفاء الحقائق".

وسرعان ما اتضح أن البابا كان يعاني من التهاب رئوي مزدوجٍ جدّي استدعى المتابعة الطبية الدقيقة والعلاج.

وأسهمت عملية الاستئصال السابقة لجزء من رئته في شبابه في جعْل مناعته أمام الأمراض التنفسية أكثر هشاشة، وقد أصبح، مع التقدم في العمر، أكثر عُرضة للأمراض التي تُصيب الجهاز التنفسي، ما أدى إلى ظهور نوبات صعوبة التنفس التي تطلبت علاجاً دقيقاً ورعاية خاصة.

وكان للإرهاق الناتج عن السفر المستمر والالتزامات الرسمية أثر سلبي على حالته الصحية، ما زاد من تفاقم مشكلاته التنفسية.

وكانت العدوى التنفسية التي تعرَّض لها مؤخراً تتطلب علاجاً بالمضادات الحيوية والرعاية الطبية المركزة، ما جعل الجميع يتساءل عن قدرته على مواصلة العمل بالوتيرة نفسها.

 تكهنات بشأن المستقبل

أثار خبر دخوله المستشفى موجة قلق في أوساط الكاثوليك حول العالم، وقد نُظِّمت في ساحة القديس بطرس وفي العديد من الكنائس، صلوات من أجل شفائه العاجل.

وسادت خلال تلك الفترة تكهنات حول مستقبل الكنيسة في حال تدهور صحة البابا، فقد رأى البعض أن البابا فرنسيس قد يحذو حذو سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر ويتنحى إذا ما شعر بعدم قدرته على أداء دوره.

"كان مصمماً رغم الضعف"

على الرغم من التحديات الصحية، فقد أظهر البابا فرنسيس عزيمة لا تلين لمواصلة مهمته حتى أثناء مكوثه في المستشفى، مؤكداً استعداده لمواصلة القيادة طالما سمحت له صحته بذلك، لذا استمر في متابعة شؤون الكنيسة والتواصل مع أقرب معاونيه، ما يعكس إرادته القوية في عدم السماح للمرض بإبعاده عن واجباته الأساسية، ليس فقط للكنيسة الكاثوليكية، بل أيضاً للحوار بين الأديان، والجهود الرامية لتحقيق السلام العالمي، ودعم الفئات الأضعف.

وبالفعل تُشير آخر المعلومات إلى أنه، ولمجرد جلوسه على الكرسي المتحرك اتصل بكاهن رعية الكنسية الكاثوليكية في غزة وتابع معه أوضاع الناس هناك وأبدى تضامنه معهم، ولم يتوقف عن ذلك حتى اليوم الأخير من عمره.

ورغم ضعفه وعدم قدرته على الحركة واضطراره إلى تقليص أنشطته وجدول أعماله المزدحم، إلا أن صوته وتأثيره بقيا محوريين على الساحة العالمية، وقد بدا ذلك واضحاً في صلوات الجمعة المقدسة التي كتب أجزاء عديدة منها بنفسه، أدان فيها الحروب ودعا إلى السلام بقوة، ولذا فإن رحيله سيترك فراغاً كبيراً، فقد صار شخصية مرجعية لملايين الأشخاص، سواء من الكاثوليك أو غيرهم، ما جعل الكنيسة أكثر إنسانية وقرباً من آلام البشرية.

لقد غيَّر البابا فرنسيس وجه الكنيسة، وجعلها أكثر انفتاحاً ورأفة، وأكثر اهتماماً بالمهمشين. وسيكون إرثه ما يتركه بُناة الجسور وليس رافعي الجدران، وسيكون قد ترك بصمة لا تُمحى من تاريخ المسيحية.

شغف البابا: الموسيقى وكرة القدم

معروفٌ بأن البابا فرنسيس ليس فقط القائد الروحي للكنيسة الكاثوليكية، بل هو أيضاً رجل ذو شخصية مشرقة، وقريب من الناس ومليء بالشغف الذي يجعله محبوباً في جميع أنحاء العالم.

ومن بين الجوانب الأكثر بهجة في شخصيته، يبرز حبه للموسيقى وشغفه بكرة القدم، وهما عنصران رافقاه منذ شبابه ولا يزالان يظهران في طريقته في التفاعل مع العالم.

منذ صغره، أظهر خورخي ماريو بيرجوليو انجذاباً كبيراً للموسيقى، لا سيما لموسيقى "التانجو"، وهو نوع موسيقي متجذر بعمق في الثقافة الأرجنتينية، فقد نشأ في بوينس آيرس، وكان دائم الإعجاب بكبار فناني التانجو مثل كارلوس جارديل وأستور پياتسولا.

وقال مراراً إنه كان يرقص التانجو في شبابه، وأنه كان يستمتع بألحانه العاطفية والشعرية التي تميز هذا النوع الموسيقي.

بالإضافة إلى التانجو، يحب البابا فرنسيس الموسيقى الكلاسيكية أيضاً، وعبَّر عن إعجابه بمؤلفين مثل موزارت وبيتهوفن وباخ، مؤكداً أن الموسيقى لغة عالمية قادرة على رفع الروح وجمع الناس معاً.

وحتى في مهمته البابوية، استخدم البابا الموسيقى كأداة لنقل المشاعر وخلق جو من التأمل والروحانية.

كرة القدم ونادي سان لورينزو

كانت كرة القدم شغفه الأكثر شهرة، ولم يُخفِ أبداً تشجيعه المتحمس لنادي سان لورينزو دي ألماجرو، أحد أهم أندية الدوري الأرجنتيني.

وقد بدأ حبه لكرة القدم منذ طفولته، عندما كان يذهب إلى الملعب مع والده لمشاهدة مباريات سان لورينزو، وهو نادٍ تأسس عام 1908 على يد الكاهن السالسي الأب لورينزو ماسا، بهدف توفير بديل للشباب عن حياة الشوارع.

ظل ارتباط بيرجوليو بنادي سان لورينزو قوياً حتى بعد انتخابه بابا للفاتيكان، فقد أهداه النادي قميصاً يحمل اسمه ورقم 10، الذي يرمز إلى كبار نجوم كرة القدم.

ولم يخفِ البابا أبداً شغفه بكرة القدم، حيث يراها ليست مجرد رياضة، بل وسيلة لتعزيز قيم العمل الجماعي والتضامن والاحترام المتبادل.

بابا قريب من الناس

عكس حب البابا فرنسيس للموسيقى وكرة القدم شخصيته الطبيعية وقدرته على الاقتراب من الناس، فابتسامته، وحماسه للأشياء الصغيرة في الحياة، وطريقته البسيطة في التواصل تجعله شخصية قوية "كاريزمية" يمكنها الحديث إلى جميع الناس بغض النظر عن دينهم أو أصولهم.

وأظهر هذه الجوانب من شخصيته الجانب الإنساني من البابا الذي رغم مسؤولياته الكبيرة وتحديات دوره، لا يزال يستمتع بالشغف الذي رافقه منذ شبابه.

وأثبت البابا فرنسيس دائماً أن بإمكان الإيمان والفرح أن يلتقيا، وأن الروحانية ليست فقط في الصلاة والتأمل، بل أيضاً في المشاركة، والمشاعر، وحب الحياة.

وعبّر البابا فرنسيس في عدة مناسبات عن رأيه في أساطير كرة القدم مثل دييجو أرماندو مارادونا، وليونيل ميسي وفرانشيسكو توتي.

وعن دييجو مارادونا في مقابلة أجريت في نوفمبر 2023، قال البابا فرنسيس: "مارادونا كلاعب كان عظيماً، ولكن كرجل فشل. المسكين انزلق في حياة محاطة بأشخاص كانوا يمدحونه دون مساعدته".

وعن ليونيل ميسي أشاد به في المقابلة ذاتها قائلاً إنه "شخص محترم جداً ورجل نبيل".

عكست هذه التصريحات وغيرها تقدير البابا فرنسيس لمواهب هؤلاء اللاعبين، إلى جانب اهتمامه بصفاتهم الإنسانية وأخلاقهم داخل وخارج الملعب.

تصنيفات

قصص قد تهمك