
أثار مقال نشره رئيس تحرير صحيفة "كيهان" الإيرانية المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي انتقد فيه دعوة المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني الأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات، موجة غضب واسعة في أوساط العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي وخارجها.
واستبقت غضبة العراقيين على "تويتر" و"فيسبوك"، ردود أفعال طبقتهم السياسية التي وصفها كثيرون بـ "الخجولة"، كما دفعت كاتب المقال حسين شريعتمداري، إلى الاعتذار في بيان على وكالة "فارس" الإيرانية، نقله موقع "شفقنا" المقرب من السيستاني.
وقال شريعتمداري في البيان: "قراءتي لموقف السيستاني لم تكن متطابقة مع ما تفضل به، ولا بد من تقديم الاعتذار لهذا الخطأ غير المتعمد، وكلي أمل أن يقبل اعتذاري".
العبادي أول الرافضين
"ائتلاف النصر" العراقي، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، سارع إلى إصدار بيان بشأن ما نشرته صحيفة "كيهان"، مشيراً إلى أن "النيل من مقام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف من أي طرف كان، يعد تطاولاً بحق العراق وشعبه وسلامة نظامه".
وأضاف بيان "ائتلاف النصر" أن "المرجعية الوطنية راعية لمصالح الدولة العراقية، وجميع ما أطلقته من مبادرات وأكدت عليه من وصايا، إنما تصب لصالح العراق وسلامة حاضره ومستقبله".
المالكي يأتي متأخراً
وبينما سارع العبادي للحاق بالغاضبين، تأخر زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الأمين العام لـ"حزب الدعوة الإسلامية"، في إعلان موقفه. لكنه عاد وأكد في بيان أصدره خلال الساعات الأخيرة من ليل الأحد الماضي أن "السيستاني كان ولا يزال صمام الأمان في العراق، لحماية العملية السياسية التي تصدى لها في أشد الظروف، ويحظى باحترام الشعب العراقي بكل مكوناته".
واستنكر البيان ما ورد في صحيفة "كيهان"، لافتاً إلى أن "ما نشر يحمل إساءة لسماحة المرجع على خلفية استقباله لممثلة الأمم المتحدة السيدة جنين بلاسخارت، وهي كذلك إساءة لكل العراقيين". كما دعا الصحيفة لمعالجة "الموقف السيئ الذي يتعارض مع احترام إيران للسيستاني".
وكان المالكي عاد الأسبوع الماضي من طهران عقب زيارة مفاجئة لإيران، على خلفية تصاعد الخلافات بينه ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن الأحداث التي شهدتها عدد من مدن جنوب العراق، ولا سيما مدينة الناصرية التي سيطر فيها المحتجون على جميع المفاصل الإدارية والخدمية، وقاموا بإرغام عدد من المديرين على تقديم استقالاتهم.
مكونات سياسية غائبة
وباستثناء بياني العبادي والمالكي، لم تعلن بقية الزعامات والمكونات السياسية الشيعية عن مواقف إزاء ما نشرته "كيهان" بقلم رئيس تحريرها حسين شريعتمداري الذي عمل كمستشار سابق للمرشد الإيراني علي خامنئي.
ولا يزال شريعتمداري أحد أبرز الشخصيات المقربة من منظومة المرشد، وترأس تحرير صحيفة "كيهان" المعروفة بأنها ناطقة باسم جبهة المحافظين في إيران، بناء على توصيته.
ورفض عدد من النواب من تيارات وأحزاب شيعية مختلفة الإجابة عن أسئلة "الشرق" حول موقفهم مما وصفه الشارع بالإساءة، إلا أن عدداً منهم رفض الحديث عن الموضوع، متحججين بأن الوضع محرج بالنسبة لهم.
و ألمح جاسم البخاتي النائب عن كتلة الحكمة النيابية التابعة لعمار الحكيم إلى أن كتلته تقف ضد أي إساءة للسيستاني مهما كان توجهه، قائلاً إن "تحالف عراقيون (الحكمة سابقاً) يعتبر المرجع السيستاني رمزاً وطنياً متفقاً عليه، ومنقذاً حكيماً للعراق والعراقيين".
وأضاف البخاتي أن "ما ورد في صحيفة كيهان يعد إساءة وانتقاصاً من حكمة المرجع، فضلاً عن كونه إساءة للشعب العراقي بكل مكوناته، لا سيما أن الكل يجمع على أن السيستاني هو أكثر الشخصيات والرموز دراية بالوضع العراقي".
موقف سني وحيد
إلى ذلك دان رئيس "حزب الحل"، جمال الكربولي، "الإساءة التي اقترفها رئيس صحيفة (كيهان) الإيرانية بحق مرجعية النجف"، ليسجل الموقف السني الوحيد إزاء الحادثة.
وكانت الكثير من ساحات التظاهر بمحافظات وسط العراق وجنوبه أصدرت بيانات تنديد واستنكار لما نشره "شريعتمداري" في صحيفة "كيهان"، معتبرة أنه يشكل إساءة وتطاولاً على المرجع الشيعي.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً ملحوظاً مع المقال، إذ انتقد الكثير من المدونين "عدم تفاعل الزعامات الشيعية التي تدعي حمايتها للسيستاني، وصمتها إزاء الإساءة التي تعرضت لها مرجعية النجف".
"لا تمثل إيران الرسمية"
وبعد يومين من التفاعل الشعبي والسياسي العراقي، قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب، إنه لا علاقة للسلطات الرسمية في إيران بالانتقادات التي وجهتها صحيفة "كيهان" للسيستاني.
وأضاف خطيب أن "السيستاني يتمتع بمكانة رفيعة واحترام كبير ومنزلة رفيعة بين شيعة العالم".
وكان الباحث في الشأن الإيراني محمد صادق الهاشمي أعلن عن تواصله مع الجهات المعنية في بلاده، التي بدورها "رفضت ما تضمنه المقال، مشيرة إلى أنه لا يمثل وجهة نظر خامنئي، أو المسؤولين في الحكومة الإيرانية".
روحاني على الخط
ولدى استقباله سفير العراق الجديد لدى طهران، الثلاثاء، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن "السيستاني لا يزال يحظى بالاحترام لدى حكومة وشعب إيران".
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إسنا" عن روحاني قوله إن "دور السيستاني كمرجعية لا نظير له في إحلال الأمن والاستقرار بالعراق".




