إلغاء "كيستون" يهدّد بإنهاء حقبة أنابيب الطاقة في أميركا

time reading iconدقائق القراءة - 9
وضع أنبوب في أوكلاهوما، ضمن مشروع خط أنابيب النفط كيستون إكس إل - 11 مارس 2013 - Bloomberg
وضع أنبوب في أوكلاهوما، ضمن مشروع خط أنابيب النفط كيستون إكس إل - 11 مارس 2013 - Bloomberg
واشنطن – وكالات

أثار إلغاء الرئيس الأميركي جو بايدن ترخيصاً لمشروع خط أنابيب النفط كيستون إكس إل، المتنازع عليه منذ فترة طويلة والذي تبلغ تكلفته 9 مليارات دولار، "خيبة" في كندا، كما اعتُبر إشارة واضحة إلى أن تشييد خط أنابيب ضخماً جديداً في الولايات المتحدة بات مهمة مستحيلة.

وكان مقرراً لخط الأنابيب الذي يبلغ طوله 2735 كيلومتراً أن ينقل نحو 800 ألف برميل من النفط يومياً، من ألبرتا في كندا إلى ساحل خليج تكساس، مروراً بمونتانا وساوث داكوتا ونبراسكا وكانساس وأوكلاهوما.

ووَرَدَ في الأمر التنفيذي الذي وقّعه بايدن: "أُلغي الإذن. إن إبقاء الترخيص لخط أنابيب كيستون إكس إل لن ينسجم مع الضرورات الاقتصادية والمناخية لإدارتي".

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن مشروع هذا الخط اقتُرح للمرة الأولى في عام 2008، وبات رمزاً لتوترات بين التنمية الاقتصادية وكبح انبعاثات الوقود الأحفوري المسببة للاحتباس الحراري. ورفضت إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما المشروع، ولكن خلفه الجمهوري دونالد ترمب أعاد إحياءه وكان من أشد مؤيديه.

ترودو متفهّم

وأشارت الوكالة إلى أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أسبغ على المشروع أولوية قصوى، عندما تحدث هاتفياً مع بايدن في نوفمبر الماضي، علماً أنهما متحالفان سياسياً. وأضافت أن المشروع يستهدف توسيع صادرات النفط إلى كندا التي تمتلك ثالث أضخم مخزون نفطي في العالم، وهي المصدر الأول للنفط الأجنبي في الولايات المتحدة.

ووَرَدَ في بيان أصدره ترودو: "نشعر بخيبة، ولكننا نسلّم بقرار الرئيس (بايدن) الوفاء بوعد أطلقه خلال حملته الانتخابية بشأن كيستون إكس إل".

وإذا كان ترودو متفهّماً لبايدن، فإن رئيس وزراء ألبرتا جيسون كيني رأى في قرار الرئيس الأميركي "إهانة موجهة إلى أهم حليف وشريك تجاري للولايات المتحدة، في اليوم الأول لإدارة جديدة".

وأضاف: "اعترض زعيم أقرب حليف لنا، بأثر رجعي، على الموافقة على خط أنابيب قائم وتشارك الحكومة الكندية في ملكيته، مهاجماً بشكل مباشر الجزء الأكبر من العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، وهي صناعتنا للطاقة وصادراتها".

إلغاء آلاف الوظائف

في الوقت ذاته، اعتبر مارتي دوربين رئيس "معهد الطاقة العالمي"، التابع لغرفة التجارة الأميركية، أن قرار بايدن لا يستند إلى العلم وسيحرم آلاف الأميركيين من العمل.

وتابع: "خط الأنابيب هو مشروع البنية التحتية الأكثر خضوعاً للدراسة في التاريخ الأميركي، وهو قيد الإنشاء بالفعل وتجاوز عدداً لا يُحصى من العقبات القانونية والبيئية. كما أن وقف البناء سيعرقل نقلاً آمناً وفعالاً للنفط، ويشير بشكل ظالم إلى إنتاج أحد أقرب وأهم حلفائنا"، وفق "أسوشيتد برس".

لكن منظمات ناشطة في حماية البيئة أشادت بخطوة بايدن، إذ قال ديل مارشال، مدير برنامج المناخ الوطني في هيئة "الدفاع عن البيئة" في كندا: "إن قتل خط أنابيب كيستون إكس إل مرة واحدة وإلى الأبد، هو مؤشر واضح على أن العمل المناخي يمثل أولوية بالنسبة إلى البيت الأبيض".

وأعلن ريتشارد بريور، رئيس كيستون إكس إل، إلغاء أكثر من ألف وظيفة في الأسابيع المقبلة، مضيفاً: "سنبدأ بإغلاق آمن ومنظّم للبناء".

وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن شركة "تي سي إنرجي كورب" الكندية التي كانت ستشيّد كيستون إكس إل أسِفت لقرار بايدن، لافتة إلى أنه سيسفر عن إلغاء آلاف الوظائف.

"أموال مهدرة"

وأشارت الوكالة إلى أن شركات طاقة، مثل "وليامز" و"دومينيون إنرجي"، اضطرت إلى إلغاء مشاريع جديدة، في مواجهة معارضة شديدة، رغم سياسات ترمب المؤيدة للوقود الأحفوري.

ونقلت عن آلان أرمسترونغ، الرئيس التنفيذي لشركة "وليامز"، قوله: "لا أستطيع أن أتخيل الذهاب إلى مجلس الإدارة، والقول: نريد بناء خط أنابيب تأسيسي جديد. أعتقد بأنه لن يكون هناك أي تمويل لأي خطوط أنابيب ضخمة عبر البلاد، وأقول ذلك بسبب مقدار الأموال المهدرة".

وأشار أرمسترونغ الذي تدير شركته خط أنابيب الغاز "ترانسكو"، الممتد من خليج المكسيك إلى الساحل الشرقي، إلى أن التكاليف المرتبطة بالتقاضي وأخطار التأخير تعني أن إنشاء مشاريع بين الولايات في أميركا لم يعد له ما يبرره.

وتخلّت "وليامز" عن خط أنابيب للغاز الطبيعي في عام 2020، بعد معارك قانونية دامت سنوات مع نيويورك، بشأن الإذن المرتبط بالمياه. كما أُنهي مشروع آخر العام الماضي، كان سيضيف أجزاء من خطوط أنابيب في نيويورك وبنسلفانيا ونيوجيرسي إلى نظام "وليامز"، بعد معارضة حاكم نيويورك أندرو كومو.

إلغاء مشاريع

وذكرت "بلومبرغ" أن بناء أنابيب في غالبية أنحاء الولايات المتحدة، هو أصعب بكثير من حفر آبار نفط وغاز، نتيجة تراخيص فيدرالية، وعلى مستوى الولاية، يمكن التقاضي بشأنها بسهولة أكبر. وسعت إدارة ترمب إلى تبسيط التراخيص الفيدرالية، ولكن مشاريع كثيرة تعرّضت لضربة قاصمة في المحاكم.

وقالت كاتي بايز، وهي عضو منتدب في شركة FiscalNote Markets التي تتعقب قضايا السياسات للمستثمرين: "لن يعلن أحد عن خط أنابيب جديد، خلال تولّي جو بايدن الرئاسة".

واعتبرت "بلومبرغ" أن عام 2020 كان مروعاً بالنسبة إلى قطاع أنابيب النفط والغاز. ففي يوليو، ألغت شركة "دومينيون" وشريكتها "ديوك إنرجي كورب" خططاً لمشروع للغاز الطبيعي على ساحل المحيط الأطلسي، تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، بعد معارك قانونية، أدت إلى تضخم في التكاليف.

كما أن مشروع "ماونتن فالي" للغاز الطبيعي، الذي يمتد 488 كيلومتراً وتبلغ قيمته 6 مليارات دولار، وهو أحد مشروعين ضخمين لخطوط أنابيب، لا يزالان قيد التطوير في الولايات المتحدة، يواجه عراقيل تنظيمية بعد سنوات من تأخير وارتفاع في التكلفة.

اقرأ أيضاً: