العراق.. الجفاف يهدد الجاموس وسبل عيش المزارعين

time reading iconدقائق القراءة - 5
طفل يوفر مياه الشرب العذبة للجاموس في مستنقعات الجبايش بمحافظة ذي قار بالعراق. 18 أبريل 2025 - Reuters
طفل يوفر مياه الشرب العذبة للجاموس في مستنقعات الجبايش بمحافظة ذي قار بالعراق. 18 أبريل 2025 - Reuters
ذي قار /بغداد -رويترزالشرق

انخفضت أعداد الجاموس في العراق إلى أقل من النصف خلال عشر سنوات بسبب إصابة النهرين الرئيسيين في البلاد، دجلة والفرات، بجفاف شديد، ما يُعرّض سبل عيش العديد من المزارعين ومربي الماشية للخطر.

وقال المزارع صباح إسماعيل (38 عاماً)، الذي يربي الجاموس في محافظة ذي قار بجنوب العراق: "كل الناس غادروا، أو نصفهم، بقينا نحن عدد قليل من البيوت".

وأضاف إسماعيل: "الوضع صعب... كان لدي من 120 إلى 130 جاموسة، والآن لا أملك سوى من 50 إلى 60، والله الباقي نص مات، ونص بايعناه (بعناه) بسبب الجفاف".

ويُربَّى الجاموس في العراق منذ قرون من أجل اللبن (الحليب)، وهذه الحيوانات مذكورة في النقوش السومرية القديمة.

أزمة المياه في العراق

ويقول خبراء الأهوار العراقيون إن الأسباب الجذرية لأزمة المياه، التي تدفع المزارعين إلى مغادرة الريف هي تغير المناخ، وبناء السدود في تركيا وإيران، وتقنيات الري المنزلي القديمة، وغياب خطط الإدارة طويلة الأجل.

وتقع الأراضي العراقية الصالحة للزراعة في منطقة الهلال الخصيب التي تُزرَع منذ آلاف السنين.

وعانت المنطقة من بناء السدود على نهري دجلة والفرات، وانخفاض معدل هطول الأمطار، ما هدَّد أسلوب حياة المزارعين، ودفع العديد منهم إلى الانتقال إلى المدن.

وقال خبير الأهوار العراقي جاسم الأسدي، إن أعداد الجاموس في العراق انخفضت منذ عام 2015 من 150 ألفاً إلى أقل من 65 ألفاً.

وأضاف أن أسباب التراجع "في معظمها طبيعية، مثل عدم توفر المراعي الخضراء اللازمة والتلوث والمرض... وامتناع المزارعين أيضاً عن تربية الجاموس بسبب ندرة الدخل".

كما جعل الانخفاض الحاد في إنتاج المحاصيل وارتفاع أسعار الأعلاف من الصعب على المزارعين إطعام حيواناتهم.

وساهمت الصعوبة في توفير سبل العيش بالمناطق الريفية التي تواجه الجفاف في تزايد الهجرة نحو المراكز الحضرية المكتظة بالفعل بالسكان.

وقال عبد الحسين صبيح (39 عاماً)، وهو أحد مربي الجاموس: "هذا الصيف القادم، الله العالم، يمكن الهلاكات تصل للنصف، أكثر أقل، الله العالم، بس متخوفين من شُحَّة وملوحة المياه".

خطط حكومية

في وقت سابق هذا الشهر، ذكر مسؤول عراقي في وزارة الموارد المائية العراقية، لـ"الشرق"، أن هناك مجموعة من المشروعات لمواجهة أزمة النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب والري، تعتمد على اتفاقيات مع دول الجوار وصيانة السدود والخزانات القائمة، وأخرى تتعلق بحملات توعية المواطنين والمزارعين من أجل ترشيد استهلاك المياه.

وتقول منظمة "اليونيسف" إن ملايين العراقيين باتوا يواجهون صعوبة في الحصول على مياه الشرب جراء الجفاف والتغيرات المناخية التي تتفاقم في البلاد.

وتشير السلطات العراقية إلى تراجع المخزون المائي الاستراتيجي إلى 7.5 مليار متر مكعب، فضلاً عن تراجع إيرادات المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما لكثرة السدود المقامة على منابعهما في تركيا وإيران، وانخفاض معدل سقوط الأمطار على عموم العراق إلى أدنى مستوياتها، الأمر الذي تسبب في وجود تداعيات كارثية للأزمة على كافة الأصعدة.

وفي مقابلة مع "الشرق"، قال خالد شمال مصحب، مدير عام الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح والمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية العراقية، إن"أزمة المياه في العراق تعود إلى عدة أسباب، أولها "مرتبط بأن العراق متلق للمياه من دول الجوار من تركيا وإيران وسوريا، وبالتالي أكثر من 70% من إيرادات المياه هي خارجية".

وأضاف مصحب أن "دول الجوار المائي تنفّذ مشاريع استراتيجية كبرى كالسدود، وهذه المشاريع أضرَّت بحصة العراق، وبالتالي أصبح لا يتلقى إلا أقل من 50% من إيراداته المائية".

تصنيفات

قصص قد تهمك