
قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، إن شركة "وولمارت"، أكبر سلسلة متاجر تجزئة في الولايات المتحدة، من الممكن أن تحمل عملاءها جزءاً من التكاليف الناجمة عن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من خلال رفع الأسعار، وذلك رغم تحذيرات الأخير للشركة وتعهده بمراقبة أنشطتها، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".
ودافع بيسنت خلال تصريحات إعلامية، الأحد، عن سياسة إدارة ترمب الاقتصادية، معتبراً أن "حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد ليست إلا تكتيكاً تفاوضياً ضمن استراتيجية التعامل مع الشركاء التجاريين، في وقت تتزايد المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم واتساع العجز المالي، وسط تشكيك في قدرة الإدارة على تحقيق نمو اقتصادي مستدام يعوّض التكاليف الناجمة عن السياسات الضريبية والتجارية".
وجاءت تصريحات الوزير عقب مكالمة هاتفية أجراها، السبت، مع الرئيس التنفيذي لـ"وولمارت"، دوج ماكميلون، وبعد يوم من منشور كتبه ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي حذّر فيه الشركة من رفع الأسعار؛ بسبب التعريفات الجمركية، مشيراً إلى أنه "سيراقب الأمر عن كثب، وكذلك سيفعل عملائها".
وفي مقابلتين متلفزتين على شبكتي CNN وNBC، أوضح بيسنت، أن بعض التكاليف الجمركية ستتحملها "وولمارت"، فيما قد يتم تمرير جزء منها إلى العملاء، لكنه أشار إلى أن "ما يهم حقاً للمستهلكين هو انخفاض أسعار الوقود"، مشدداً على أن متوسط سعر جالون البنزين يبلغ حالياً نحو 3.18 دولارات، وهو أقل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد بيسنت أن الشركة كانت مُلزمة بموجب اللوائح الفيدرالية بالكشف عن "أسوأ سيناريو ممكن خلال إعلان أرباحها"، وذلك لتفادي المساءلة القانونية. ورغم ذلك، أشار إلى أن الزيادات المتوقعة في الأسعار لن تكون كبيرة من وجهة نظره.
إبقاء الأسعار منخفضة
وفي المقابل قال المدير المالي لشركة "وولمارت"، جون ديفيد ريني، في تصريح لـ"أسوشيتد برس"، إن الشركة "مصممة على إبقاء الأسعار منخفضة قدر الإمكان، لكن هناك حدوداً لما يمكن أن تتحمله، مثلها مثل باقي تجار التجزئة".
وحاول بيسنت التهوين من أهمية خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الذي صدر عن وكالة "موديز"، الجمعة، معتبراً إياه "مؤشراً متأخراً"، إذ قال إن"الأسواق المالية كانت قد استوعبت بالفعل التكاليف المرتبطة بالدين الفيدرالي، والذي يبلغ نحو 36 تريليون دولار".
وتثير خطة ترمب الضريبية الجديدة جدلاً واسعاً، إذ تشير تقديرات لجنة الميزانية الفيدرالية إلى أنها قد تضيف نحو 3.3 تريليون دولار إلى العجز خلال العقد المقبل، بما في ذلك زيادة بمقدار 600 مليار دولار في عام 2027 وحده.
وعلى الرغم من تأكيد بيسنت أن العجز لن يشكل تهديداً على المدى الطويل؛ لأن الاقتصاد، بحسب تقديره، سينمو بوتيرة تفوق تراكم الدين، فإن العديد من التحليلات المستقلة تشكك في قدرة الإدارة على تحقيق معدل نمو بنسبة 3%، خاصةً وأن التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب عام 2018 لم تحقق هذا الهدف، رغم أنها ساهمت في تحفيز النمو قبل جائحة كورونا، إلا أنها أسهمت كذلك في زيادة عجز الموازنة مقارنةً بالتقديرات السابقة لمكتب الميزانية في الكونجرس.
مخاوف أصحاب الأعمال الصغيرة
وفي رده على مخاوف أصحاب الأعمال الصغيرة من التعريفات الجمركية، أشار بيسنت إلى أنها قد تكون ناجمة عن السياسات السابقة المتعلقة بالصين، لكنه أقر بأن حالة "عدم اليقين" تشكل عبئاً على المستهلكين والشركات، على حدٍ سواء، إذ تعيق قدرتهم على التخطيط المالي للأشهر والسنوات المقبلة.
وأضاف: "بشكل عام، أتوقع أن يظل التضخم ضمن المعدلات الطبيعية، لكنني لا ألوم المستهلكين على قلقهم بعد ما حدث لهم على مدى سنوات في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن"، في إشارة إلى وصول معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها منذ 4 عقود في يونيو 2022.
واعتبر بيسنت أن عدم اليقين الاستراتيجي هو "تكتيك تفاوضي"، فإذا منحنا الدول الأخرى قدراً كبيراً من اليقين، فإنهم سيستخدمونه ضدنا في المفاوضات التجارية.