
أدت الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة إلى خنق العديد من العائلات والزج بهم ضمن مؤشرات الفقر على الرغم من أن الإحصاءات المتعلقة بتحديد هذه الفئة أصبحت معقدة، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وذكرت الصحيفة أن مايقرب من 10 مليون طفل أميركي، يعيش في فقر، وهو أعلى رقم منذ عام 2018، وفقاً لآخر الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء في عام 2023.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقع في يوليو الماضي، مشروع قانون ترمب "الكبير والجميل" لخفض الضرائب والإنفاق، إذ أقر حزمة ضخمة من التخفيضات تبلغ قيمتها 3.4 تريليون دولار، وذلك بعد يوم واحد من موافقة مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
ومن المرجح أن يُسفر هذا المشروع عن انخفاض في المساعدات الغذائية، وفقدان ملايين الأشخاص للتغطية الصحية، وفقاً للصحيفة.
ودفعت الظروف الصعبة العائلات إلى العيش على حافة الهاوية، بسبب عاصفة من العوامل الاقتصادية، بما في ذلك انتهاء برامج الإغاثة في عصر كوفيد-19، وتأثيرات التضخم على قطاع الأغذية والسكن.
ومن المتوقع أن يتفاقم الضغط نتيجةً لتخفيضات الإنفاق الفيدرالي على برامج المساعدات، بما في ذلك إعانات الغذاء وبرنامج Medicaid.
وحتى قبل التخفيضات الجديدة، تشير العديد من المؤشرات إلى أن الأسر التي لديها أطفال تعاني أكثر من غيرها، على الرغم من أن الإحصاءات المتعلقة بالفقر أصبحت معقدة.
وتعود هذه المعاناة إلى الاضطرابات التي أحدثتها الجائحة في الوظائف، وترتيبات المعيشة، والمساعدات الفيدرالية غير المسبوقة التي تم توزيعها استجابة لذلك.
وارتفعت حصة الأسر التي لديها أطفال، وتعيش في فقر إلى 12.9% في عام 2023، بعد انخفاضها إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 5.6% في عام 2021، مدفوعة ببرامج الوباء المؤقتة مثل توسيع الائتمان الضريبي للأطفال والتأمين الإضافي ضد البطالة، وفقاً لبيانات التعداد التي جمعها مركز الفقر والسياسة الاجتماعية في جامعة كولومبيا.
ارتفاع معدلات الفقر
وارتفعت معدلات الفقر بين جميع الأعمار، لكن لم تشهد أي فئة عمرية أخرى ارتفاعاً حاداً في معدلات الفقر بين عامي 2021 و2023 مقارنة بالأطفال، وفقاً للبيانات التي جمعها المركز.
واستخدم مركز كولومبيا مقياس الفقر التكميلي للتعداد السكاني، وهو مقياس يأخذ في الاعتبار دخل الأسرة بعد الضرائب والمزايا الحكومية والموقع الجغرافي.
ويرى العديد من الاقتصاديين أنه وسيلة أدق لتقييم الوضع المالي للأسر من مقياس الفقر الرسمي للتعداد السكاني، وهو حساب قديم يعتمد على الدخل قبل الضرائب، ويُستخدم لتحديد أهلية الحصول على المساعدات العامة.
ووفقاً لبيانات تعداد عام 2023 التي جمعها لوك شيفر الخبير الاقتصادي بجامعة ميشيجان، والمتخصص في دراسة فقر الأطفال، فإن الملايين من الأطفال يعيشون في أسر بالكاد يجدون قوت يومهم.
كما يعيش حوالي 35 مليون طفل، أي ما يقرب من نصف أطفال الولايات المتحدة في أسر تقع "تحت خط الفقر" الذي يعتبره العديد من الاقتصاديين أدنى مستويات الطبقة المتوسطة.
وذكر شيفر بأن "هذا العدد من الأطفال هو الأعلى منذ 5 سنوات".
زيادة في طلب المساعدة
وفي مؤسسة Mothers & Babies، وهي مؤسسة غير ربحية، تضاعفت الإحالات للمساعدة في توفير الاحتياجات للأمهات في عام واحد.
وساهمت إعانات كوفيد المؤقتة لفترة وجيزة في خفض معدل فقر الأطفال في مقاطعة بروم بولاية نيويورك في عام 2021، حيث انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عقد، وهو 17%، وفقاً لإحصاءات التعداد السكاني.
ومنح الائتمان الضريبي الموسع للأطفال، المُدرج في خطة الإنقاذ الأميركية لإدارة بايدن عام 2021 الأسر العاملة، في جميع أنحاء البلاد مبلغاً إضافياً يتراوح بين ألف و1600دولار أميركي لكل طفل، حسب العمر، وقد انتهى سريان الائتمان بنهاية ذلك العام.
أضرار التضخم
وتُظهر البيانات الفيدرالية أن "الأسر الأكثر فقراً تضررت بشدة من التضخم على مدى السنوات الأربع الماضية، بحسب تحليل أجراه جيف هورويتش، كبير كتاب الاقتصاد في البنك.
وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ينفق أصحاب الدخل المنخفض جزءاً أكبر من أموالهم على السكن والغذاء، إذ ارتفعت أسعارهما بشكل كبير.
وتعتمد بعض العائلات العاملة على سبيل المثال في مقاطعة بروم الآن بشكل أكبر على المساعدات الحكومية، ولكن عند ارتفاع رواتبهم، ولو بشكل طفيف، فقد تنخفض أهليتهم للحصول على المساعدات الحكومية والفيدرالية.
وقالت جينيفر ليسكو، الرئيسة التنفيذية لرابطة مقاطعة بروم الحضرية، إن "العاملين الاجتماعيين لديها يرون أن المستفيدين يفقدون بعض الدعم الغذائي أو السكني بعد حصولهم على زيادات في الرواتب أو العمل الإضافي".
زيادة الإنفاق على القطاع الأمني
وفي مايو الماضي، قالت الصحيفة إن الرئيس ترمب يخطط إلى رفع الإنفاق الدفاعي بمقدار 13%، والإنفاق على وزارة الأمن الداخلي بنسبة 65%، وتقليص الإنفاق غير الدفاعي في الموازنة بنسبة 23%.
كما لفتت الصحيفة إلى أن "ترمب يسعى إلى اقتراح تخفيضات واسعة في البرامج الفيدرالية المتعلقة بالبيئة والطاقة المتجددة والتعليم والمساعدات الخارجية في الميزانية المقترحة للسنة المالية 2026، ما قد يؤدي إلى تقليص الإنفاق غير الدفاعي بأكثر من 160 مليار دولار، عن مسؤولين في الإدارة الأميركية.
وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن مشروع القانون الذي تبنّاه ترمب، يُعد إنجازه التشريعي الأبرز حتى الآن، ويقارن بما فعله سلفاه باراك أوباما، الذي أقر قانون "الرعاية الصحية الميسّرة"، وجو بايدن الذي أقر "قانون خفض التضخم"
وتُشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس إلى أن القانون الجديد سيؤدي إلى حرمان 11.8 مليون شخص من التأمين الصحي بحلول عام 2034، وهي تقديرات رفضها الجمهوريون.
ورأت الوكالة أن نجاح ترمب سيُختبر قريباً في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، إذ يخطط الديمقراطيون للترشح مستندين إلى اتهام الرئيس الجمهوري بالانحياز إلى الأغنياء على حساب الفقراء.