توفيت الطفلة اللبنانية زهراء طليس، التي لا يتجاوز عمرها تسع سنوات، بعد معاناة استمرت 3 أيام إثر تعرضها للسعة عقرب، يوم الأربعاء الماضي، حين كانت تلعب قرب منزلها في منطقة بعلبك بمحافظة البقاع.
ويروي مصدر مقرب من عائلة زهراء أن ذويها نقلوها فوراً إلى مستشفى "دار الأمل" في بعلبك، حيث أبلغوا بضرورة تأمين "Antivenom"، وهو الترياق المضاد للسم، لأنه الوحيد القادر على منع تفشيه في جسدها، غير أن رحلة البحث عن هذا الدواء باءت بالفشل، بعدما قصدت العائلة أهم الصيدليات والمستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية في لبنان، بلا جدوى.
عندها، لجأ الأهل إلى مواقع التواصل الاجتماعي بحثاً عن الإبرة، كما تواصلوا مع وزارة الصحة التي نجحت بعد يومين من البحث والاتصالات، في تأمين الحقن المطلوبة. لكن عامل الوقت لم يكن في مصلحة زهراء التي لم تكن تملك ترف الانتظار، فغلبها الموت بعدما انتشر السمّ بسرعة في جسدها وتمركز في أعضائها الحيوية، الدماغ والكلى والرئتين.
وقال مستشار وزير الصحة اللبنانية للإعلام، حسن خليفة، لـ"الشرق"، إن الوزارة حذّرت قبل نحو عام ونصف العام، من أن الإبر المضادة لداء الكلَب ولدغات الأفاعي والعقارب لم تعد متوفرة على كامل الأراضي اللبنانية، خصوصاً مع تفاقم أزمة نقص الدواء في البلاد.
وأضاف خليفة أن وزارة الصحة كانت في الفترة الماضية تؤمّن هذه الحقن من قوات اليونيفيل (بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام) لعلاج بعض الحالات التي تردها، لكن حالياً هذه الإبر غير موجودة حتى لدى اليونيفيل.
حالات أخرى
وكشف خليفة أن الوزارة بُلّغت الأسبوع الماضي بـ3 حالات، زهراء واحدة منها، إضافة إلى حالتين تعرّضتا لعضة كلب وأدخلتا إلى المستشفى، الأولى طفلة في الخامسة من عمرها (في مستشفى المعونات – جبيل)، والثانية لرجل في الـ43 من العمر (في أحد مستشفيات بيروت).
وتابع خليفة أن "وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، أجرى اتصالات مكثفة في الساعات الـ48 الفائتة، ونجح صباح الجمعة في تأمين 12 إبرة Antivenom من وزارة الصحة السورية، فمنحت كل حالة 3 إبر، وبدأت الطفلة الأخرى والرجل الأربعيني بالتجاوب مع العلاج، وحالتهما مستقرة".
وجدّد خليفة تنبيه جميع المواطنين إلى أن الوضع خطير جداً بسبب انقطاع إبر "Antivenom" بالكامل، ولا بدّ من الحذر في هذه المرحلة من لدغات العقارب والأفاعي التي يتوقّع أن تظهر بشكل كبير في الأيام والأسابيع المقبلة مع اشتداد موجة الحر.
يشار إلى أن وفاة الطفلة زهراء طليس أشعلت موجة غضب بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، فيما توقع مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الدكتور فراس أبيض، أن مشهد وفاة المرضى بسبب ندرة الأدوية سيتكرّر أكثر في الأيام المقبلة.
تأتي وفاة الطفلة زهراء بعد 3 أسابيع من وفاة الطفلة جوري السيد، البالغة من العمر 10 أشهر، بسبب "نقص الأدوية في المستشفى" الذي نُقلت إليه إثر معاناتها لمدة 3 أيام من ارتفاع حاد في درجات الحرارة تسبّب لها بالتهابات رئوية.
أزمة الأدوية في لبنان
ويعاني لبنان نضوباً في الأدوية بسبب الأزمة المالية والاقتصادية الحادة المستمرة منذ خريف 2019، مع ما يرافقها من قيود مالية مشددة على فتح الاعتمادات وسحب الأموال بعملة الدولار من المصارف.
ومنذ أشهر، شرعت السلطات في ترشيد أو رفع الدعم تدريجياً عن استيراد سلع رئيسية، من بينها الأدوية.
وتحذر نقابة مستوردي الأدوية، منذ أسابيع، من "نفاد" مخزونها من "مئات الأدوية الأساسية التي تعالج أمراضاً مزمنة ومستعصية".
كذلك، تسبب تأخر فتح اعتمادات للاستيراد بانقطاع عدد كبير من الأدوية، بينها مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضّع.
ورجح البنك الدولي أن تكون أزمة لبنان بين أسوأ 3 أزمات في العالم منذ عام 1850.