
بدأت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض رسوم جمركية جديدة على الطرود الصغيرة الواردة من مختلف أنحاء العالم، منهيةً بذلك ثغرة كانت تسمح بدخول بضائع تُقدّر بمليارات الدولارات إلى البلاد دون دفع الرسوم جمركية، وفقاً لما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في وقت سابق من هذا الصيف عزمه إلغاء الإعفاء الجمركي الذي كان يسمح بدخول البضائع التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم، لتصبح جميع الطرود الواردة إلى البلاد خاضعة للرسوم الجمركية، بغض النظر عن قيمتها.
وقالت الصحيفة إن هذه الرسوم الجديدة على البضائع منخفضة القيمة تمثّل أحدث تصعيد في الحرب التجارية التي يقودها ترمب، والتي دفعت بالتعريفات الجمركية الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، وأثارت قلق شركاء واشنطن التجاريين وحلفائها.
ودفعت هذه الخطوة عدداً من خدمات البريد العالمية إلى الإعلان عن تعليق إرسال الطرود إلى الولايات المتحدة، في حين أفادت وكالات بريدية في ألمانيا وسنغافورة بأن السُلطات الأميركية لم تقدّم توضيحات كافية بشأن آلية تحصيل هذه الرسوم.
تأثير على تجار التجزئة
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير بالإدارة الأميركية قوله إن الولايات المتحدة تعمل بالتنسيق مع شركائها الأجانب وخدمة البريد الأميركية "لضمان الحد الأدنى من الاضطراب".
ويأتي التعليق العالمي لما يُعرف بـ"de minimis"، وهو مصطلح يشير إلى الإعفاء الجمركي الممنوح للبضائع منخفضة القيمة التي يُسمح بدخولها دون رسوم، بعد قرار سابق لترمب هذا العام بإنهاء هذا الإعفاء على البضائع الواردة من الصين وهونج كونج.
وأوضحت الصحيفة أن الزيادة في الرسوم الجمركية أثّرت بشكل مباشر على تجار التجزئة الصينيين عبر الإنترنت الذين يرسلون منتجاتهم مباشرة إلى المستهلكين الأميركيين، وفي مقدمتهم شركتا Shein وTemu.
وذكر البيت الأبيض أن عدد الشحنات منخفضة القيمة المستفيدة من الإعفاء الجمركي التي تدخل الولايات المتحدة ارتفع بشكل حاد بين عامي 2015 و2024 من 134 مليون شحنة سنوياً إلى أكثر من 1.36 مليار شحنة.
وأشارت صحيفة وقائع رسمية إلى أن الإعفاء الخاص بهذه الفئة من البضائع كان "يُساء استغلاله"، واستُخدِم كوسيلة لتهريب مادة الفنتانيل، وهي مخدر قاتل، إلى داخل الولايات المتحدة.
"4 ملايين طرد يومياً"
ونقلت الصحيفة عن بيتر نافارو، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون التجارة والتصنيع، قوله: "على مكاتب البريد الأجنبية أن تُحسّن أداءها فيما يتعلق بمراقبة وتنظيم استخدام البريد الدولي لأغراض التهريب والتسلل الإرهابي".
وأضاف مسؤولون أميركيون أن عدد الطرود التي تدخل البلاد عبر مسار الشحنات الصغيرة انخفض من 4 ملايين طرد يومياً إلى مليون واحد فقط، وذلك منذ إلغاء الإعفاء الجمركي عن الطرود الواردة من الصين.
لكن مسؤولاً آخر حذّر من أنه في حال لم يُطبَّق التعليق على مستوى العالم، فإن بكين قد تلجأ إلى شحن البضائع عبر دول أخرى لإخفاء منشأها الحقيقي.
وسيُطلب من مرسلي الطرود منخفضة القيمة إلى الولايات المتحدة دفع الرسوم الجمركية المعادلة لتلك التي يفرضها بلد المنشأ على البضائع الأميركية، وذلك اعتباراً من الدقيقة الأولى بعد منتصف الليل، أو دفع مبلغ ثابت يتراوح بين 80 و200 دولار.
وأشار مسؤول آخر إلى أن الخيار الثاني، الذي سيكون متاحاً لمدة 6 أشهر فقط، يهدف إلى منح خدمات البريد مزيداً من الوقت لتطوير أنظمة قادرة على جمع معلومات من المُرسِلين وشركات الشحن حول محتويات الطرود.