على خطى روسيا.. القطب الشمالي مسار بحري جديد لبضائع الصين

شركات شحن أوروبية وأميركية تتعهد بعدم استخدام الخط الملاحي الجديد

time reading iconدقائق القراءة - 6
سفينة حاويات وسفينة نقل بضائع تبحران على طول خليج ناخودكا بالقرب من مدينة ناخودكا الساحلية بروسيا. 12 أغسطس 2022 - Reuters
سفينة حاويات وسفينة نقل بضائع تبحران على طول خليج ناخودكا بالقرب من مدينة ناخودكا الساحلية بروسيا. 12 أغسطس 2022 - Reuters
دبي -الشرق

دفعت أحدث محاولة صينية لاستخدام الممر بين روسيا والقطب الشمالي لشحن البضائع - بعضاً من أكبر شركات شحن الحاويات في العالم إلى التأكيد على أن هذا المسار "لا يزال غير آمن"، و"غير مجدٍ من الناحية التجارية"، حسبما نقلت "بلومبرغ".

وأصدرت شركة MSC Mediterranean Shipping Co، أكبر شركة شحن حاويات في العالم، إشعاراً لعملائها هذا الأسبوع لـ"إعادة تأكيد" التزامها بتجنب طريق القطب الشمالي، وهو مسار يمكن أن يخفض إلى النصف مدة الرحلة من آسيا إلى أوروبا عبر جنوب إفريقيا، والتي تستغرق 40 يوماً. وقد أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى إغلاق الطريق الأقصر الوحيد الآخر، وهو قناة السويس.

وقالت شركة MSC في إشعارها الصادر في 29 سبتمبر الماضي، إن زيادة حركة المرور في القطب الشمالي قد "تؤثر على النظام البيئي الهش للمنطقة والقمم الجليدية"، بالإضافة إلى مجتمعات القطب الشمالي النائية. وأضافت: "لا يزال طريق البحر الشمالي غير متطور للشحن التجاري نظراً لعدم ضمان سلامة الملاحة والعبور".

كما أعلنت ثلاث من أكبر خمس شركات أخرى، وهي A.P. Moller-Maersk وCMA CGM وHapag-Lloyd، أنها لن تسعى إلى استخدام الممر الملاحي، الذي يتبع ساحل القطب الشمالي الروسي لأكثر من 3 آلاف ميل بحري، وذلك تماشياً مع التزام طوعي قطعته في عام 2019. 

ولم توقع شركة Cosco Shipping Holdings، التي تحتل المرتبة الرابعة من حيث السعة، على هذا التعهد ولم ترد فوراً على طلب للتعليق من "بلومبرغ".

تحديات لوجيستية

وقد شجعت روسيا على استخدام الممر الملاحي، بما في ذلك كوسيلة لنقل النفط والغاز الطبيعي إلى أسواق حيوية في آسيا، لكن السفن لا تزال بحاجة إلى تصريح من موسكو لاستخدام الطريق.

ويمكن أن يكون الممر مليئاً بالجليد حتى في أكثر شهور العام دفئاً، ومغطى بطبقة سميكة في شتاء نصف الكرة الشمالي، مما يجعله متاحاً فقط للسفن المتخصصة، ويزيد من خطر وقوع حوادث قد تلحق الضرر بالبيئة.

واعتباراً من 31 أغسطس، استخدمت 10 سفن حاويات ، ريق البحر الشمالي هذا العام، بالإضافة إلى ناقلات النفط وسفن أخرى، وفق مركز لوجستيات الشمال العالي بجامعة نورد النرويجية. وكانت جميعها تنقل بضائع بين الصين وروسيا.

ويتوقع أن يتم تسجيل المزيد من هذه الرحلات في ظل سعي الصين لاكتساب خبرة عملية في مجال الشحن في القطب الشمالي، كجزء من مساعيها طويلة الأجل لتنويع طرق التجارة. 

ولطالما شعرت بكين بالقلق إزاء تعرضها لنقاط الاختناق للنفط المنقول بحراً، بما في ذلك مضيق ملقا بالقرب من سنغافورة. ويمكن أن تكون مياه القطب الشمالي محفوفة بالمخاطر، وتتطلب، في معظم أيام السنة، كاسحات جليد لمرافقة السفن.

خدمة "أركتيك إكسبريس"

وكانت سفينة "إسطنبول بريدج" إحدى آخر سفن الحاويات التي استخدمت هذا المسار، إذ غادرت سانت بطرسبرج في روسيا في منتصف أغسطس وأبحرت على طول طريق بحر الشمال، قبل أن تصل إلى تشينجداو في الصين بعد بضعة أسابيع، وفق بيانات تتبع السفن. 

وبعد ذلك، رست السفينة بالقرب من مدن داليان وشانغهاي وفوتشو ونينجبو قبل أن تبحر شمالاً مرة أخرى لدخول طريق القطب الشمالي، مسجلة وجهتها باسم فيليكسستو في المملكة المتحدة.

وأفادت صحيفة "فوتشو ديلي" في 22 سبتمبر الماضي، أن السفينة تدشن خدمة "أركتيك إكسبريس" الجديدة لربط الموانئ المحلية الرئيسية بالموانئ الأوروبية بما في ذلك فيليكسستو، وروتردام، وهامبورج. 

وأضافت أن حمولة السفينة تشمل بطاريات ليثيوم من إنتاج شركة "كونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي" ومنتجات كيميائية أخرى.

وتُظهر قاعدة بيانات رسمية تديرها وكالة تابعة للأمم المتحدة، أن المالك المسجل لـ"إسطنبول بريدج"، هو شركة "نيوم لاين" القابضة المحدودة، ومقرها جزر فيرجن البريطانية.

وسفينة "إسطنبول بريدج" قادرة على التعامل مع طبقة رقيقة جداً من الجليد، ولكنها ستحتاج إلى مساعدة كاسحة جليد في الحالات التي يكون فيها الجليد أكثر سمكاً، وفقاً لسيمون هيني، المدير الأول لأبحاث الحاويات في شركة "درويري" للاستشارات البحرية. وقال إن الحاجة إلى سفن أقوى أو دعم كاسحات جليد، إلى جانب ارتفاع استهلاك الوقود، تعني أن المسار "ليس مجدياً من الناحية التجارية".

مسار سريع

ومع ذلك، يقول المؤيدون إن الطريق الأسرع يمكن أن يقلل من البصمة الكربونية لصناعة الشحن مع تحرير الطاقة الاستيعابية. وقد أدت اضطرابات الرسوم الجمركية الأميركية، إلى تأخيرات في الموانئ الأوروبية هذا العام، مما زاد من أهمية السرعة.

وقالت شركات Maersk وHapag-Lloyd وCMA-CGM إن الممر لم يكن خياراً.

وصرحت شركة Maersk في بيان عبر البريد الإلكتروني: "المخاطر البيئية كبيرة، ومن الناحية التشغيلية، هناك قيود كبيرة فيما يتعلق بالإطارات الزمنية الصالحة للملاحة، والبنية التحتية، وحجم السفينة، ونوعها، والسلامة بشكل عام". وأضافت: "كما أننا لا نمارس أي أنشطة تجارية في روسيا".

ووقعت شركات نقل الحاويات الأوروبية الأربع، على تعهد الشحن التجاري في القطب الشمالي، وهو التزام طوعي بعدم إرسال السفن عبر المنطقة. كما وقعت على هذا التعهد علامات تجارية للبيع بالتجزئة، بما في ذلك شركة "نايكي"، و"هينيس آند موريتز"، و"رالف لورين".

وقال سكوت هايليمان، كبير مستشاري منظمة الحفاظ على المحيطات، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، إن خطوة الصين لإرسال سفن حاويات إلى أوروبا الغربية "تبدو أشبه بتجربة"، على غرار جهود روسيا الاستكشافية لإرسال ناقلات النفط والغاز عبر الطرق البحرية الشمالية.

وأضاف هايليمان: "السؤال الأهم، بالنسبة لحركة سفن الحاويات وناقلات النفط والغاز، هل القطب الشمالي جاهز ليكون قناة السويس الجديدة؟"، وتابع: "من الواضح أن الجواب هو لا".

تصنيفات

قصص قد تهمك