برنامج الأمم المتحدة للبيئة يتوقع "أزمة تبريد عالمية"

تضاعف الطلب على أجهزة التبريد 3 مرات في 2050..وتحذير من الاعتماد على التكييف فقط

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من فعاليات مؤتمر كوب 30 في بليم، البرازيل. 11 نوفمبر 2025 - cop30.br
جانب من فعاليات مؤتمر كوب 30 في بليم، البرازيل. 11 نوفمبر 2025 - cop30.br
القاهرة -محمد منصور

قال برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن العالم يقف على أعتاب أزمة تبريد عالمية، ربما تعيد رسم خريطة استهلاك الطاقة والانبعاثات خلال العقود المقبلة، متوقعاً تضاعف الطلب على أجهزة التبريد 3 مرات بحلول عام 2050، ما لم تتجه الدول نحو ما يعرف بـ"مسار التبريد المستدام" الذي يمكن أن يخفض الانبعاثات إلى أكثر من النصف، ويوفر تريليونات الدولارات، ويحمي مليارات البشر من موجات الحر القاتلة.

وأوضح البرنامج في تقرير أطلقه خلال فعاليات مؤتمر الأطراف "كوب 30" المنعقد بمدينة بيليم في البرازيل، في وقت تتزايد فيه موجات الحر الشديد حول العالم وتتعاظم معها الحاجة إلى حلول تبريد آمنة مناخياً.

وأرجع البرنامج توقعاته بتزايد الطلب العالمي على التبريد، إلى النمو السكاني وارتفاع مستويات المعيشة واتساع رقعة المدن، إلى جانب الزيادة الحادة في درجات الحرارة الناتجة عن تغير المناخ.

ويؤدي الارتفاع في درجات الحرارة إلى تضاعف انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بمستويات عام 2022، لتصل إلى نحو 7.2 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ بحلول 2050، ما يهدد بتقويض جهود العالم في الحد من الاحترار العالمي، ويزيد الضغط على شبكات الكهرباء في فترات الذروة.

وقدم البرنامج في التقرير رؤية متكاملة تحت مسمى "مسار التبريد المستدام" وهو نهج يعتمد على حلول التبريد منخفضة الانبعاثات والطاقة، ويشجع على التصميمات العمرانية الذكية، والتبريد الطبيعي، والتقنيات الهجينة التي تدمج بين المراوح وأجهزة التكييف الموفرة للطاقة.

ووفقاً للتقديرات، فإن اعتماد هذا المسار يمكن أن يخفض الانبعاثات المتوقعة عام 2050 بنسبة 64%، أي تقليلها إلى 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، ومع التحول السريع نحو مصادر الطاقة النظيفة، يمكن أن تتراجع الانبعاثات الباقية إلى 97% دون مستوى "العمل المعتاد".

تحالف التبريد الذكي

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنجر أندرسن، في بيان تلقت "الشرق" نسخة منه: "بينما تتكرر موجات الحر القاتلة وتزداد شدتها، يجب أن يعامل الوصول إلى التبريد كجزء أساسي من البنية التحتية، تماماً مثل الماء والطاقة والصرف الصحي، لكن لا يمكننا الاعتماد على أجهزة التكييف وحدها، لأنها ستفاقم الانبعاثات وتزيد التكلفة.. الحل يكمن في أنظمة تبريد سلبية وكفؤة ومعتمدة على الطبيعة، تحافظ على البشر وسلاسل الغذاء والاقتصادات من خطر الحرارة، ونحن لم نعد نملك عذرا للتأجيل، فقد حان وقت العمل".

وأوضح التقرير، الذي أعده تحالف التبريد الذكي التابع للأمم المتحدة، أنه يمثل التقييم الأكثر شمولاً حتى الآن للطلب العالمي المتسارع على التبريد والحاجة إلى حلول مناخية فعالة لمواجهته.

وأشار إلى أن المسار المستدام للتبريد لا يهدف فقط إلى تقليل الانبعاثات، بل إلى ضمان وصول خدمات التبريد والتخزين البارد والمباني المقاومة للحرارة والمساحات الخضراء الحضرية إلى جميع السكان، بمن فيهم الفئات الضعيفة مثل صغار المزارعين والنساء وكبار السن.

ويعتمد هذا النهج على الدمج بين استراتيجيات التبريد السلبي، مثل العزل الحراري الجيد وتصميم المباني بما يسمح بتدفق الهواء، مع أنظمة منخفضة الاستهلاك للطاقة وتقنيات هجينة تجمع بين المراوح وأجهزة التكييف، إلى جانب التسريع في إزالة الغازات المبردة المسببة للاحتباس الحراري بموجب تعديل كيجالي لاتفاقية مونتريال.

وأكد التقرير أن ثلثي الانبعاثات القابلة للتخفيض تقريباً يمكن تحقيقها من خلال الحلول السلبية والمنخفضة الطاقة وحدها، ما يجعلها أولوية قصوى في السياسات الوطنية والتخطيط الحضري.

تغلب على الحر

توقع البرنامج أن يؤدي تطبيق "مسار التبريد المستدام" إلى توفير نحو 17 تريليون دولار من تكاليف الطاقة التراكمية حتى عام 2050، وتجنب استثمارات إضافية بقيمة 26 تريليون دولار في شبكات الكهرباء والبنية التحتية نتيجة انخفاض الطلب على الكهرباء.

واستند التقرير أيضاً إلى مبادرة "تغلب على الحر" وهي حملة عالمية تقودها رئاسة مؤتمر "كوب 30" في البرازيل بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لتوطين التعهد العالمي للتبريد وسد الفجوات بين السياسات والتمويل والتنفيذ في مجال التبريد المستدام.

وانضمت إلى المبادرة أكثر من 185 مدينة من ريو دي جانيرو إلى جاكرتا ونيروبي، إلى جانب 83 شريكا و72 دولة موقعة على التعهد العالمي للتبريد.

وقال الرئيس المعين لمؤتمر "كوب 30"، أندريه كوريا دو لاجو، إن مبادرة التغلب على الحر تجسد فكرة التعاون الجماعي، أي أن يتكاتف الناس للعمل معاً من أجل قضية مشتركة.

وأضاف: "نجحت هذه المبادرة في طرح قضية التبريد بطريقة جذابة تشجع المجتمعات على العمل الجماعي لمواجهة تغير المناخ"

وأشار التقرير إلى أن 72 دولة التزمت بالفعل بخفض الانبعاثات المرتبطة بالتبريد بنسبة 68% بحلول 2050، وفقاً لهذا المسار المستدام، وحتى منتصف عام 2025، وضعت 29 دولة أهدافاً محددة لخفض غازات الاحتباس الحراري في قطاع التبريد، بينما تعمل 5 دول أخرى على إعداد تلك الأهداف.

في المقابل، أدرجت 134 دولة قضية التبريد ضمن خططها الوطنية المناخية، سواء عبر المساهمات المحددة وطنياً أو خطط التكيف الوطنية أو استراتيجيات التنمية منخفضة الانبعاثات طويلة الأجل.

ولفت التقرير إلى أن 54 دولة فقط لديها سياسات متكاملة تشمل الركائز الثلاث الرئيسة للتبريد المستدام مقل استخدام التبريد السلبي في أكواد البناء، ومعايير الأداء الطاقي الأدنى للأجهزة، والتحول في المواد المبردة، بينما تغطي 78 دولة اثنتين من هذه الركائز، و40 دولة تطبق واحدة فقط، و20 دولة لم تبدأ بعد.

وتظهر الفجوات الأكبر في إفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتوقع أن ينشأ الجزء الأكبر من الطلب المستقبلي على التبريد.

ويقدم التقرير مجموعة من التوصيات أبرزها التحول من نهج الاستجابة الطارئة إلى الحوكمة المتعددة المستويات في التعامل مع موجات الحر والتبريد، والتعامل مع الحماية من الحرارة كـ"منفعة عامة"، وإعطاء الأولوية للحلول القائمة على الطبيعة والتصميم الحضري لتقليل الأحمال الحرارية وتخفيف ظاهرة الجزر الحرارية وتقليل الضغط على شبكات الكهرباء.

واعتبر التقرير أن العالم أمام فرصة تاريخية لإعادة التفكير في كيفية التبريد، بحيث يصبح أكثر كفاءة وعدلاً واستدامة، فالرهان ليس فقط على التكنولوجيا، بل على التخطيط الذكي، والتعاون بين المدن، وتغيير ثقافة البناء والاستهلاك. 

تصنيفات

قصص قد تهمك