دعا الحزب الشيوعي الصيني آلاف المسؤولين في مدينة هانجتشو، موطن شركات التكنولوجيا الرائدة، ومنها شركة "علي بابا" التي يمتلكها الملياردير الصيني جاك ما، إلى إنهاء أي "تضارب في المصالح" مع تلك الشركات، أو أحد من أفراد أسرهم من جانب، والشركات المحلية من جانب آخر.
ونشرت اللجنة المركزية لفحص الانضباط، وهي الهيئة المسؤولة عن مراقبة الفساد في الحزب، بيان التحذير عبر الإنترنت، الاثنين، بعد يومين فقط من اعتقال كبير مسؤولي الحزب في المدينة، تشو جيانج يونج، على خلفية "انتهاكات خطيرة للانضباط"، "وهي العبارة التي يشيع استخدامها من قبل السلطات الصينية كتعبير ملطف عن الفساد"، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز".
حملة قمع شرسة
وأضافت الصحيفة أن اللجنة المركزية لفحص الانضباط بالحزب الشيوعي الصيني، لم تربط اعتقال تشو جيانج يونج، بأي شركة أو رجل أعمال، مشيرة إلى أن صدور المذكرة جاء "في خضم حملة قمع شرسة على قطاع التكنولوجيا"، إذ كشفت بكين، حزمة من الإجراءات لتقويض سلطة بعض أكبر الشركات في البلاد.
وقالت اللجنة إن 25 ألف مسؤول محلي وأفراد أسرهم كانوا محور مراجعات "الفحص الذاتي والتصحيح الذاتي" التي ركزت على علاقات هؤلاء بالشركات المحلية، بما في ذلك "الاقتراض غير القانوني"، وتتضمن المراجعات "التحقيق مع المسؤولين الذين تقاعدوا خلال السنوات الثلاث الماضية".
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات المحتملة بين المسؤولين والشركات "خضعت للتدقيق" منذ أن أوقف المنظمون الطرح العام الأولي الذي قدمته شركة "آنت جروب"، منصة التكنولوجيا المالية التي أسسها جاك ما، بقيمة 37 مليار دولار، في اللحظة الأخيرة.
وأضافت اللجنة المركزية لفحص الانضباط، أن مسؤولي مدينة هانجتشو "سيتحملون مسؤولية" الأنشطة التجارية التي مارسها أقرباؤهم، حتى لو لم يكونوا متورطين بشكل شخصي.
وبموجب التنقيح الأخير لقواعد الحزب والحكومة، لا يسمح لكبار المسؤولين بتنظيم صناعات تعمل بها شركات يديرها أزواجهم أو أبناؤهم، لكن هذا المانع ينتفي إذا ما كان أفراد عائلاتهم من الدرجة الأولى يشغلون مناصب منخفضة المستوى، أو يعملون "كمستشارين" لهذه الشركات.
وتمت ترقية تشو إلى أعلى منصب في الحزب في مدينة هانجتشو، عاصمة مقاطعة تشجيانج، منذ 3 سنوات، وكان داعماً متحمساً لقطاع التكنولوجيا في المدينة.
علاقات الحكومة والشركات
وقال لي تشنج دونج، مؤسس مركز أبحاث "دولفين"، المعني بالتكنولوجيا في بكين، لـ"فاينانشال تايمز" إن "حكومة هانجتشو ملتزمة بحماية الشركات"، قبل أن يستدرك: "لكن العلاقات الطبيعية بين الحكومة والشركات لا يمكن أن تتمخض عنها مزايا أو مصالح للمسؤولين، ناهيك عن السماح للشركات بالتلاعب بالسياسة".
وقالت الصحيفة إن الاكتتاب العام الأولي الذي طرحته شركة "آنت جروب" كان من الممكن أن يكون "الأكبر في العالم" قبل أن يتخذ الرئيس شي جين بينج قرار وقف التسجيل بعد أيام قليلة من الانتقادات العلنية التي وجهها جاك ما إلى المنظمين الماليين والقطاع المصرفي الحكومي في الصين.
"توسع متهور"
وترأس شي لاحقاً حملة تستهدف "التوسع المتهور لرأس المال"، مع التركيز بشكل خاص على تركيز السوق والانتهاكات المزعومة من قبل أكبر مجموعات التكنولوجيا في القطاع الخاص الصيني، بما في ذلك مجموعة "تينسينت، المنافس الأكبر لشركة "آنت جروب".
ووسع الرئيس نطاق حملته لمعالجة "العلل الاجتماعية" التي يُزعم أنها تنبع من بعض القطاعات، مثل شركات البرامج التعليمية الخاصة وشركات ألعاب الفيديو، كما تعهد الرئيس بتنظيم "الدخول المرتفعة على نحو مفرط" في الوقت الذي يحاول فيه توسيع دائرة "الرفاهة العامة".
وتم تغريم شركة "علي بابا" 2.8 مليار دولار في أبريل الماضي، من قبل الجهة المنظمة للأسواق في الصين على خلفية انتهاكات احتكارية مزعومة، وهو ما لم تعارضه المجموعة، ومع ذلك، فقد نفى الرؤساء التنفيذيون لشركتي "علي بابا" وآنت" مراراً علمهم بأي مخالفات تتعلق بالاكتتاب العام الأولي "المشؤوم" الذي نظمته شركة "آنت".
استهداف الأثرياء
وكثف الرئيس الصيني، شي جين بينج، حديثه، العام الجاري، عن "الرخاء المشترك"، دليلاً على التزام الحزب الشيوعي الحاكم بسدّ الفجوة المتسعة للتفاوت في الثروة بالبلاد، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ" الأميركية في تقرير، الاثنين.
وتعهدت أعلى لجنة للشؤون الاقتصادية والمالية في الحزب الشيوعي، الأسبوع الماضي، بـ"تعديل الدخل المرتفع بشكل معقول"، وتشجيع العمل الخيري والسعي إلى استراتيجيات أخرى لتحقيق هيكل مثالي في توزيع الدخل بالبلاد.
وتعهد أبرز صنّاع السياسات، خلال الاجتماع، باعتماد سياسات "الضرائب، والضمان الاجتماعي وتحويل المدفوعات"، ومعالجة الدخل غير القانوني و"غير المعقول"، لافتين إلى أن هدف شي جين بينج قد يتسّع للمرة الأولى، ليشمل الأثرياء، إضافة إلى فاحشي الثراء، علماً بأن الرئيس كان ركّز على "الدخل المرتفع بشكل مفرط".
وذكرت وكالة "بلومبرغ"، أن لا تعريف رسمياً للمجموعتين، مرجّحة أن تشمل السياسة الجديدة شريحة أوسع من أصحاب الدخل المرتفع.
اقرأ أيضاً: