سلالة "دلتا" تطيح بآمال الوصول لـ"مناعة القطيع"

time reading iconدقائق القراءة - 5
عامل طبي يحضّر جرعة من لقاح مضاد لكورونا للحقن في مركز للتحصين بالعاصمة اليابانية طوكيو - REUTERS
عامل طبي يحضّر جرعة من لقاح مضاد لكورونا للحقن في مركز للتحصين بالعاصمة اليابانية طوكيو - REUTERS
باريس-أ ف ب

في مواجهة المتحور دلتا شديد العدوى، يبدو من الوهم تحقيق مناعة جماعية (مناعة القطيع) بالاعتماد فقط على اللقاحات وإن كانت ما زالت ضرورية لاحتواء جائحة كوفيد-19، كما يقول المختصون.

منذ أشهر، كان يُنظر إلى المناعة الجماعية، وهي نسبة الأشخاص المحصنين التي يتوقف الوباء بعدها عن أن يشكل تهديداً، على أنها الوسيلة الأنجع للخروج من الأزمة. لكن يبدو أن مثل هذا الأمر ربما لا يتعدى أن يكون وهماً، إذ يتوقف الأمر على التعريف المعتمد، وفق الخبراء. 

يقول عالم الأوبئة ميرسيا سوفونيا لوكالة "فرانس برس": "إذا كان السؤال هو: هل سيسمح التطعيم وحده بتراجع الوباء والسيطرة عليه؟ فالجواب هو لا". ويضيف" في الواقع هناك عاملان يلعبان دوراً: مدى شدة عدوى الفيروس وفعالية اللقاح في مواجهة العدوى. وهذا لا يكفي".

يعد المتحور دلتا السائد حالياً أكثر قابلية للانتشار بنسبة 60% من سابقه ألفا، ومرتين من الفيروس الأساسي. ولكن، كلما اشتدت عدوى الفيروس، زادت العتبة اللازمة للمناعة الجماعية التي يتم الحصول عليها من خلال اللقاحات أو من خلال العدوى الطبيعية.

يشرح عالم الأوبئة أنطوان فلاهولت لوكالة "فرانس برس"، "على المستوى النظري، إنها معادلة يسهل حسابها". ويمكن حساب ذلك انطلاقاً من عدد التكاثر الأساسي للفيروس (المشار إليه برمز R0)، وهو عدد الأشخاص الذين يصيبهم الشخص المصاب في حالة عدم وجود تدابير لتجنب العدوى.

فعالية منخفضة

في ما يتعلق بالفيروس الأساسي (الذي بلغ عدد تكاثره 3)، قُدرت عتبة المناعة الجماعية عند نسبة 66% من الأشخاص المحصَّنين، وفق البروفيسور فلاهولت. ولكن "إذا كان عدد التكاثر الأساسي هو 8 كما هي الحال مع دلتا، فإن المناعة الجماعية تصل إلى 90%"، كما يقول.

يمكن الوصول إلى هذا المستوى إذا كانت اللقاحات فعالة بنسبة 100% ضد العدوى. ولكن الوضع ليس كذلك؛ فوفقاً للبيانات التي نشرتها السلطات الأميركية، الثلاثاء، انخفضت فعالية لقاحي فايزر وموديرنا ضد العدوى من 91% إلى 66% منذ أن صارت دلتا هي المهيمنة في الولايات المتحدة. 

وبالإضافة إلى خصائص المتحور، يمكن أن يكون هذا مرتبطاً بواقع تناقص فعالية اللقاح بمرور الوقت مع انخفاض مناعة لقاح فايزر من 88% إلى 74% بعد خمسة إلى ستة أشهر، ولقاح أسترازينيكا من 77% إلى 67% بعد أربعة إلى خمسة أشهر، وفقاً لدراسة بريطانية نُشرت الأربعاء. 

هذا هو ما يدفع مزيداً من البلدان إلى التفكير في إعطاء جرعة معزِّزة (هي جرعة ثالثة في أغلب الأحيان). لكن كل هذه المعطيات تؤدي إلى معادلة رياضية غير واقعية، إذ يقول سوفونيا إن تحقيق مناعة جماعية من دون فرض أي قيود يتطلب "تطعيم أكثر من 100% من السكان".

لكنه هدف اعتبره أحد معدي لقاح أسترازينيكا وهمياً أيضاً. وقال أندرو بولارد من جامعة أكسفورد أمام النواب البريطانيين في 10 أغسطس: "مع المتحور الحالي نحن في وضع لا يمكننا معه تحقيق المناعة الجماعية، لأنها تصيب الأشخاص الملقحين". 

حقيقة أم خرافة؟

ولكن حتى إن صارت المناعة الجماعية عن طريق التطعيم "خرافة"، على حد تعبير بولارد، يصر الخبراء على ضرورة إعطاء اللقاحات، فيما يرى فلاهولت أن "ما يوصي به العلماء هو تحصين أكبر عدد ممكن من الناس". 

وأوضح عالم الأوبئة الأمر في ثلاثة نقاط هي أن اللقاحات ما زالت فعالة للغاية في الوقاية من الأشكال الحادة للمرض وتجنيب المرضى دخول المستشفى، وأضاف أنها توفر حماية جماعية لأولئك الذين لا يستطيعون الاستفادة من التطعيم ممن لديهم ضعف في جهاز المناعة بسبب مرض آخر (السرطان أو الزرع، على سبيل المثال).

وعلى عكس الرأي السابق، يرى عالم الأوبئة ميرسيا سوفونيا، إنه يظل من الممكن "تحقيق مناعة جماعية، ولكن ليس فقط عن طريق التطعيم".

وهذا يعني، كما يشرح، الاستمرار في وضع "قناع الوجه وأشكال التباعد الاجتماعي، لا سيما في مناطق معينة" للحد من انتشار الفيروس ومن ثم تقليل المخاطر قدر الإمكان. 

يضيف أنطوان فلاهولت أنه "أثناء جائحة الإيدز، عندما قال العلماء إنه يجب استخدام الواقي الذكري، أجاب الكثير من الناس: هذا حسن في الوقت الحالي، لفترة من الوقت، ولكننا استمررنا في ذلك في النهاية. وقد نستمر في وضع القناع في الأماكن المغلقة ووسائل النقل لفترة طويلة".

اقرأ أيضاً: