
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى جانب رؤساء تسع شركات أدوية كبرى، الجمعة، عن صفقات تهدف إلى خفض أسعار أدويتها لبرنامج Medicaid الحكومي وللدافعين نقداً، في أحدث محاولة لمواءمة تكاليف الدواء بالولايات المتحدة مع بقية الدول الغنية الأخرى.
ووقّعت كبرى شركات الأدوية الأميركية والأوروبية صفقات مع الرئيس الأميركي، الجمعة، لبيع أدويتها طواعية بأسعار أقل، في الوقت الذي تسعى فيه إدارته لربط أسعار الأدوية في البلاد بأسعار أرخص في الخارج، حسبما ذكرت CNBC الأميركية.
ويدفع المرضى الأميركيون حالياً أعلى الأسعار مقابل الأدوية الموصوفة، ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما يدفعه المرضى في الدول المتقدمة الأخرى. ومارس ترمب ضغوطاً على شركات الأدوية لخفض أسعارها إلى ما يدفعه المرضى في أماكن أخرى.
ومن أبرز التعهدات التي تم الإعلان عنها، الجمعة، أن شركة "بريستول مايرز سكويب" ستقدم دواء "إليكويس"، وهو دواء مخفف للدم ذو مبيعات ضخمة والمنتج الأكثر وصفاً، مجاناً لبرنامج "ميديكيد".
وتُشكّل هذه الشركات غالبية شركات الأدوية السبعة عشر التي وجّه إليها ترمب رسائل في يوليو الماضي، مطالباً إياها بخفض الأسعار في إطار سياسته "للدولة الأكثر تفضيلاً".
ووقّع ترمب أمراً تنفيذياً في مايو الماضي، لإعادة تفعيل هذه السياسة، داعياً إلى رفع الأسعار خارج الولايات المتحدة و"إنهاء الاستغلال العالمي المجاني".
وقال ترمب: "حتى اليوم، وافقت 14 شركة من أصل 17 شركة أدوية كبرى على خفض أسعار الأدوية بشكل كبير للشعب الأميركي والمرضى الأميركيين، وهذا يمثل أكبر انتصار لقدرة المرضى على تحمل تكاليف العلاج في تاريخ الرعاية الصحية الأميركية، وسيستفيد منه كل أميركي".
ولا تزال شركة "جونسون آند جونسون"، و"آبفي"، و"ريجينيرون" هي الشركات المتبقية من بين أكبر الشركات التي لم توقع اتفاقيات تسعير الأدوية، إلا أن ترمب أشار إلى أن "جونسون آند جونسون"، ستكون هنا الأسبوع المقبل.
ولم يتم الكشف عن الشروط الكاملة للصفقات على الفور، مما يجعل من غير الواضح مدى اتساع نطاق تأثيرها.
"موافقة تسع شركات"
ووافقت شركات الأدوية التسع على اتخاذ إجراءات لخفض أسعار الأدوية في الولايات المتحدة، بما في ذلك بيع علاجاتها الحالية لمرضى برنامج "ميديكيد" بأقل الأسعار المتاحة، وضمان هذا السعر للأدوية الجديدة.
وقال ترمب إن "شركات الأدوية وافقت أيضاً على إدراج أدويتها الأكثر مبيعاً على موقعه الإلكتروني الجديد ترمب آر إكس TrumpRx المخصص للتسويق المباشر للمستهلكين، والذي سيُطلق في يناير".
وأطلقت بعض الشركات عروضاً جديدة أو وسّعت عروضها الحالية الموجهة مباشرةً للمستهلكين لبعض الأدوية، فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "جلعاد" في بيان لها أنها "ستطلق برنامجاً يتيح للمرضى الحصول على علاجها لالتهاب الكبد الوبائي C، إيبكلوسا، بسعر مخفّض".
وأعلنت شركة "سانوفي" أنها "ستقدم خصومات تصل إلى 70% على بعض الأدوية لعلاج العدوى وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري على منصة TrumpRx وغيرها من المنصات التي تبيع مباشرة للمستهلكين".
كما أعلنت شركة "ميرك" أنها "ستوفر ثلاثة أدوية لعلاج السكري، هي جانوفيا، وجانوميت، وجانوميت إكس آر، بخصم يصل إلى 70% تقريباً للمرضى الذين يدفعون نقداً، وذلك من خلال برنامج مباشر للمرضى"، وفقاً للشركة.
وسيتم توسيع نطاق هذا البرنامج ليشمل قرص "الكوليسترول" اليومي التجريبي الذي تنتجه الشركة في حال حصوله على الموافقة في الولايات المتحدة.
وقال روبرت ديفيس، الرئيس التنفيذي لشركة "ميرك"، خلال المؤتمر الصحافي: "أُقدّر هدفكم المتمثل في توفير الأدوية بأسعار معقولة للأميركيين، ولكن في الوقت نفسه، رفع الأسعار خارج الولايات المتحدة. ونحن ندعم إجراءاتكم دعماً كاملاً".
"ارتفاع أسهم الشركات"
وفي الوقت نفسه، ستقوم شركة "أمجن" بتوسيع برنامجها الحالي المباشر للمرضى ليشمل دواء الصداع النصفي الوقائي Aimovig، وعلاج المناعة الذاتية Amjevita، بأسعار شهرية مخفضة بنسبة 60% و80% على التوالي.
ورغم هذه الإعلانات، ارتفعت أسهم معظم شركات الأدوية بنسبة تتراوح بين 1% و3%، إذ أدت هذه الاتفاقيات إلى إزالة تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية لمدة ثلاث سنوات، وقلل المستثمرون من شأن تأثير تخفيضات الأسعار التي أعلن البيت الأبيض أنها تصل إلى 70% من الأسعار المعلنة.
وقالت المحللة كورتني برين من شركة "بيرنشتاين":"تؤكد هذه الصفقات مجدداً أن قادة شركات الأدوية انتهزوا هذه الفرصة للتعاون مع هذه الإدارة لتحقيق عناوين رئيسية، وتقليل أي تغيير جذري في اقتصاديات الشركة نتيجة لهذه الصفقات"، مضيفة:"من المرجح أن شركة جلعاد ستكون أكبر المستفيدين نظراً لارتباطها ببرنامج ميديكيد".
وذكر محمد أوز، مدير مراكز خدمات الرعاية الطبية والخدمات الطبية المساعدة، بأن شركات "ريجينيرون"، و"جونسون آند جونسون"، و"آبفي"، ستزور البيت الأبيض بعد العطلات بمناسبة إطلاق موقع "ترمب آر إكس" الحكومي، مؤكداً أن "الشركات الثلاث ستجري محادثات مع الإدارة".
وأشار محللون إلى أن برنامج "ميديكيد"، الذي لا يمثل سوى حوالي 10% من الإنفاق على الأدوية في الولايات المتحدة، يستفيد بالفعل من خصومات كبيرة على الأسعار، تتجاوز 80% في بعض الحالات.
ويدفع معظم الأميركيين الذين لديهم تأمين صحي ثمن الأدوية برسوم مشاركة محددة أو تأمين مشترك بناءً على السعر المعلن. وقد لا يستفيدون من خدمة TrumpRx، التي ستوجه العملاء إلى مواقع شركات الأدوية الإلكترونية، حيث تبيع هذه الشركات منتجاتها للعملاء الذين يدفعون نقداً.
"أسعار مخفضة"
في وقت سابق من هذا العام، أعلن ترمب عن اتفاقيات مع شركات "إيلي ليلي" و"نوفو نورديسك" و"فايزر" و"أسترازينيكا" و"إي إم دي سيرونو" لبيع بعض الأدوية مباشرة للمرضى بأسعار مخفضة، مقابل إعفاءات من التعريفات الجمركية التي خطط لها على الأدوية ومزايا أخرى، مثل "تسريع مراجعات الأدوية الجديدة".
وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة "راند" عام 2024 أن "أسعار الأدوية الموصوفة في الولايات المتحدة أعلى بثلاثة أضعاف تقريباً من مثيلاتها في الخارج.
كما وجد التقرير أن "أسعار الأدوية ذات العلامات التجارية أعلى بأكثر من أربعة أضعاف".
ووقّع ترمب أمراً تنفيذياً في مايو الماضي، لـ"إحياء سياسة الدولة الأكثر تفضيلاً"، داعياً إلى زيادة الأسعار خارج الولايات المتحدة و"إنهاء الاستغلال العالمي".
وصرحت رابطة PhRMA التجارية، التي تمثل العديد من شركات الأدوية الكبرى، بأن تسعير الدولة الأكثر تفضيلاً ليس أفضل طريقة لخفض تكاليف الأدوية للأميركيين، وألقت باللوم بدلاً من ذلك على مديري مزايا الصيدليات بشركات الأدوية، في تفاوت الأسعار.
وتُعدّ الولايات المتحدة الأميركية، السوق الأهمّ بالنسبة للعديد من شركات الأدوية، بغض النظر عن بلدها الأم. فعلى الرغم من أن مقرّات شركات الأدوية الأوروبية تقع على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، إلا أنها تتواجد بكثافة في السوق الأميركية، حيث تُحقق نصف أكبر عشر شركات في القارة غالبية مبيعاتها في الولايات المتحدة.










