قبل انطلاق قمة المناخ العالمية (كوب 26) الأحد في جلاسكو باسكتلندا، كشفت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري بلغ مستويات قياسية العام الماضي، وحذرت من ارتفاع حراري "كارثي" بمقدار 2.7 درجة مئوية.
خطر الاحتباس الحراري على الأرض بدأ يتنامى تدريجياً منذ أبصرت الآلة البخارية النور فجر الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر بأوروبا، حتى وصلت شرارتها إلى الولايات المتحدة مطلع القرن التاسع عشر.
الطفرة الصناعية غيرت وجه الأرض، فأصبحت مختلفة تماماً عما كانت قبلها، إذ ارتفعت درجة حرارة الأرض أكثر من درجة مئوية عن عام 1850، مع تقدم الثورة الصناعية في دول عدة.
مدن مهددة بالاختفاء
في الوقت الراهن، تُتهم الصين بمسؤوليتها عن قرابة 27% من الانبعاثات الحرارية. وتتجلى تداعيات الاحتباس الحراري في الصين، التي يمتد ساحلها قرابة ثمانية عشر ألف كيلومتر، في ارتفاع سنوي مطرد في مستوى سطح البحر، بلغ أوجه عام 2020، بواقع ثلاثة وسبعين ملمتراً.
هذه المؤشرات تتوجس لها منظمة المناخ المركزية العالمية، التي تتوقع أن تفضي إلى فيضانات تغمر مدناً مليونية، مثل شنغهاي الصينية بحلول عام 2050.
وعلى منظور أوسع، ارتفع مستوى المحيطات بنحو 10 سنتيمترات خلال السنوات الخمسين الماضية، فيما يرجح خبراء "ناسا" ألا يقل الارتفاع عن متر واحد بحلول القرن المقبل، ما يعني أن قرابة 20 ألف جزيرة ستختفي قبل نهاية القرن الحالي.
ارتفاع مستوى مياه المحيط يرافقه ارتفاع في درجة حرارته، ونتيجة لذلك شهد العالم أعاصير شتى، مثل هارفي وإيرما وماريا وجوزيه وكاتيا، التي ستطول قائمتها وتزداد قوتها، في حال استمرار التغير المناخي.
وفي الولايات المتحدة، التي تضخ 11% من إجمالي الانبعاثات الغازية العالمية، تعاني معظم مدن ولاية كاليفورنيا الجفاف، نتيجة ارتفاع الرطوبة والتقلبات الحادة في الطقس.
وإن كانت الدول الصناعية المسبب الرئيس في الاحتباس الحراري، فإن تكلفته تدفعها أيضاً دول نامية. فارتفاع درجة حرارة الأرض يخلق موجات حرارية، ينجم عنها ظروف جوية ساخنة للغاية، وتفضي إلى حرائق متكررة في غابات حوض المتوسط وبعيداً عنها في غابات الأمازون، التي تعتبر بمثابة رئة الأرض.
أرقام مخيفة
وقالت الأمم المتحدة الاثنين الماضي في أحدث نشرة بشأن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إن "الزيادة السنوية في تركيز غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، تجاوزت العام الماضي المعدل المسجل في الفترة بين الأعوام 2011 و2020".
وأشارت المنظمة في بيان، إلى "تحول جزء من الأمازون" من مكان لامتصاص الكربون، إلى "مصدر للكربون"، وشدد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، في مؤتمر صحافي على أن ذلك "أمر مقلق ومرتبط بإزالة الغابات في المنطقة".
وأوضحت المنظمة، أنه "لم يكن للتباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا أي تأثير ملحوظ" على نمو معدلات غازات الاحتباس الحراري.
وأضافت المنظمة، أن العديد من البلدان "تضع حالياً أهدافاً محايدة للكربون، ويؤمل أن يشهد مؤتمر الأطراف السادس والعشرون زيادة كبيرة في الالتزامات"، مشيرة إلى أنه "علينا تحويل التزامنا إلى عمل يكون له تأثير على الغازات التي تؤدي إلى تغير المناخ".
ودعت الأمم المتحدة إلى "إعادة النظر في نظمنا الصناعية والخاصة بالطاقة والنقل، وأسلوب حياتنا ككل"، مؤكدة أن "التغييرات المطلوبة ميسورة التكلفة اقتصادياً، وممكنة من الناحية التقنية".
وحذرت الأمم المتحدة في أحدث تقييم لها، من أن الالتزامات الحالية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لما يقرب من 200 دولة، ستؤدي إلى ارتفاع حراري "كارثي" بمقدار 2.7 درجة مئوية، أي أعلى بكثير من هدف اتفاقية باريس.




