
يجتمع زعماء العالم في مدينة جلاسكو الاسكتلندية في إطار قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب26" في محاولة لإنقاذ الكوكب من الآثار الكارثية لتغير المناخ.
وتستهدف القمة تقليل نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة لتجنب عواقب أكثر تدميراً للاحتباس الحراري. فما هو تغير المناخ؟ وما هي غازات الدفيئة؟ وماذا نعرف عن الاحتباس الحراري وغيره من المفاهيم التي ستناقشها قمة جلاسكو؟
تغير المناخ
تعرف الأمم المتحدة تغير المناخ بأنه التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وقد تحدث هذه التحولات بشكل طبيعي من خلال التغيرات في الدورة الشمسية.
ولكن منذ القرن الـ19، أصبحت الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لتغير المناخ، بسبب التوسع في الأنشطة الصناعية والانبعاثات الناتجة عنها.
ولا يتوقف تأثير تغير المناخ على ارتفاع درجة الحرارة، وإنما هو بداية القصة، فهناك الكثير من العواقب الناتجة عن تغير المناخ منها: الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وغيرها.
كما يمكن أن يؤثر تغير المناخ على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل. وتؤدي هذه التأثيرات بدورها إلى خطر المجاعة أو اضطرار مجتمعات بأكملها للانتقال نتيجة للجفاف الشديد المستمر أو ارتفاع مستوى سطح البحر وغرق واختفاء مدن بأكملها تحت المياه.
الاحتباس الحراري
وتتسبب الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية المختلفة في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري أو ما يعرف بـ"الاحترار العالمي"، فهذه الانبعاثات تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، ما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس بالداخل، ويقلل من فرص ضياع الحرارة من الأرض إلى الفضاء، مما يؤدي لتسخين جو الأرض وتغير المناخ.
ونظراً لأن الانبعاثات مستمرة في الارتفاع، أصبحت الكرة الأرضية الآن أكثر دفئاً بمقدار 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه في أواخر القرن الـ 19. وكان العقد الماضي (2011-2020) الأكثر دفئاً على الإطلاق.
ولذلك تستهدف قمة جلاسكو إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لايزيد عن 1.5 درجة مئوية، لتجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخ صالح للعيش.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، تم إبرام عدة اتفاقات عالمية، مثل الاتفاق الإطاري بشأن تغیر المناخ واتفاق باريس.
ويساهم ارتفاع درجة حرارة الأرض في حدوث عدة ظواهر مرتبطة به، مثل ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يهدد بإغراق مدن بأكملها واختفائها من الوجود، فضلاً عن الجفاف الشديد وندرة المياه في مناطق أخرى من العالم، وغيرها من التأثيرات المهددة للبشرية.
الغازات الدفيئة
وهي مجموعة من الانبعاثات التي تساهم في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري وحبس أشعة، إذ تشمل بالإضافة إلى ثاني أوكسيد الكربون عدة غازات أخرى مثل: الميثان وبخار الماء وأوكسيد النيتروز والأوزون. وتنتج هذه الغازات أيضاً من مصادر متعددة، فعلى سبيل المثال، تعتبر مدافن القمامة مصدراً رئيسياً لانبعاثات غاز الميثان.
الوقود الأحفوري
هو وقود يستخدم لإنتاج الطاقة، ويستخرج من الفحم والنفط والغاز. وتستخرج هذه المواد بدورها من باطن الأرض وتحترق في الهواء مع الأوكسجين لإنتاج حرارة تستخدم في مختلف المجالات، وتعتمد عليها الأنشطة الصناعية بشكل كبير لتوليد الطاقة اللازمة.
عند حرق الوقود الأحفوري تتصاعد انبعاثات ملوثة للبيئة، من أخطرها غاز ثاني أوكسيد الكربون، وتساهم هذه الانبعاثات بشكل كبير في حدوث ما يعرف بظاهرة "الاحتباس الحراري".
الانبعاثات الكربونية
ويقصد بها انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو، إذ ينتج ذلك الغاز من مصادر متعددة. فعلى سبيل المثال، عند حرق الوقود الأحفوري يتصاعد غاز ثاني أوكسيد الكربون، ويمكن أن يحدث ذلك، حال استخدام الفحم لتدفئة المباني أو عند استخدام البنزين لقيادة السيارات أو استخدام الغاز والفحم في الأنشطة الصناعية.
كما يؤدي التخلص من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى زيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون بسبب تدمير الأشجار التي كانت تعمل على تنقية الجو منه.
وتأتي الانبعاثات الكربونية المسببة لتغير المناخ من مناطق مختلفة من العالم، ولكنها تؤثر على العالم بأكمله. وهناك بعض البلدان تنتج انبعاثات أكثر بكثير من غيرها، فعلى سبيل المثال، فإن المئة دولة التي تنتج أقل قدر من الانبعاثات تولد 3% فقط من إجمالي الانبعاثات، بينما البلدان الـ 10 التي تنتج أكبر قدر من الانبعاثات، تولد 68% من الانبعاثات.
البصمة الكربونية
وهي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة الصناعية أو الخدمية أو الشخصية، ويتم قياس البصمة الكربونية لنشاط ما، بهدف الحد من الآثار السلبية لتلك الانبعاثات الناتجة عنه.
الحياد الكربوني
يعني الوصول إلى مستوى صفر من الانبعاثات الكربونية. ويمكن أن يحدث ذلك عبر طريقتين الأولى هي خفض الأنشطة الصناعية وغيرها من الأنشطة التي ينتج عنها انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، فيما تتمثل الطريقة الثانية في التوسع بزراعة الأشجار والحفاظ على الغابات لعمل توزان بين كمية الانبعاثات التي تولد وكمية الانبعاثات التي تمتصها الأشجار، للوصول إلى معدل صفر من الانبعاثات الكربونية في الهواء.
وهناك عدد محدود من الدول التي التزمت الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050. وتشير الدراسات إلى أنه يجب خفض الانبعاثات بحوالي النصف بحلول عام 2030، للحفاظ على الاحترار عند أقل من 1.5 درجة مئوية، ويجب أن ينخفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% سنوياً تقريباً خلال العقد 2020-2030.
التخفيف والتكيّف
هي سياسات تستهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز التكيّف مع الآثار التي حدثت وتحدث بالفعل وبناء القدرة على التحمل.
وتتضمن السياسات تلك التي تعنى بخفض الانبعاثات وتمويل التعديلات المطلوبة للتحول من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر طاقة متجددة وصديقة للبيئة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وعلى الجهة المقابلة، تستهدف سياسات التكيّف حماية الأفراد والمنازل والشركات وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية من العواقب المناخية، سواء التي حدثت بالفعل أو التي يحتمل حدوثها في المستقبل.
الطاقة المتجددة
وهي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية مثل الشمس والرياح والمياه، إذ تتوفر في معظم دول العالم ولا تنفد وتتجدد باستمرار. كما أن إنتاجها لا يخلف انبعاثات ملوثة للبيئة مثل الوقود الأحفوري، ولذلك تعرف بأنها طاقة نظيفة أو صديقة للبيئة.
ويحتاج توليد الطاقة من المصادر الطبيعية إلى تكنولوجيا متطورة لا تمتلكها كل الدول، بالإضافة إلى كلفة مرتفعة عند بداية التشغيل.
البصمة المائية
هي كمية المياه المتوفرة للاستخدام بالنسبة إلى المياه المستهلكة من قبل البشر. وتعرف البصمة المائية لسلعة أو شركة أو محصول زراعي، بأنها الحجم الكلي للمياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة أو المحصول.
ويتم قياس البصمة المائية عبر كمية المياه المستخدمة خلال عمليات ومراحل التجهيز والإعداد والإنتاج، كما تشمل حجم التلوث الناتج عن عملية الإنتاج ونوعه وموقع إجراء هذه القياسات وزمنه.
وصيغ هذا المصطلح عام 2002 بواسطة البروفيسور أرين هوكسترا، أستاذ إدارة المياه في "جامعة تفينتي" بهولندا والمؤسس والمدير العلمي لشبكة البصمة المائية، وذلك أثناء عمله في معهد "اليونسكو للمياه"، للإشارة إلى كمية المياه العذبة التي يحتاجها الأفراد أو المجموعات أو الشركات من أجل صنع السلع أو تقديم الخدمات التي يستخدمها المجتمع.
وتنقسم البصمة المائية إلى 3 أنواع وهي البصمة المائية الزرقاء، ويُقصد بها حجم مياه الأنهار والمياه الجوفية المستهلكة فعلياً في كافة مراحل إنتاج أي سلعة أو منتج، والبصمة المائية الخضراء التي تشير إلى استهلاك مياه الأمطار لإنتاج محاصيل أو تنمية الثروة الحيوانية من خلال المراعي الطبيعية، أو أي استعمالات أخرى.
أما النوع الثالث فهو البصمة المائية الرمادية، التي تشير إلى أي تلوث يصيب المياه العذبة، وتُعرف بأنها حجم المياه العذبة المطلوبة للتخلص من الملوثات.