ارتفاع استهلاك الفحم في أفغانستان مع انخفاض درجات الحرارة

time reading iconدقائق القراءة - 7
عامل في منجم لاستخراج الفحم بضواحي كابول في أفغانستان، 17 نوفمبر 2021. - AFP
عامل في منجم لاستخراج الفحم بضواحي كابول في أفغانستان، 17 نوفمبر 2021. - AFP
كابول- أ ف ب

يصل الفحم بالأطنان من المناجم في شمال أفغانستان إلى سوق قريبة من كابول، حيث يشتري سكان المدينة الفحم للتدفئة شتاء، ليستنشقوا بذلك هواء هو من الأكثر تلوثاً في العالم، في ظل غياب بديل هذا الشتاء وسط أزمة اقتصادية حادة.

ويغطي غبار الفحم الأسود من الرأس إلى أخمص القدمين نحو أربعين شخصاً يعملون لدى عبد الله رحيمي أحد تجار هذه السوق، حتى إنه تسلّل إلى تجاعيد كبار السن منهم وأظافر الأصغر سناً ورئاتهم، والبعض منهم لم يبلغ 15 عاماً.

وكان كريمي يعمل في المنجم سابقاً، حيث يتقاضى أجراً أعلى (500 أفغاني يومياً تعادل 4.75 يورو)، إلا أنه غيّر وظيفته لأنها كانت "خطرة جداً"، علماً بأن الحوادث في المناجم تقتل سنوياً الكثير من العمال. 

ويشير عبد الله رحيمي إلى أن "الناس يأتون إلى هذه السوق لأنها أرخص من سوق كابول"، ويُباع فيها طن الفحم بعشرة آلاف أفغاني (95 يورو)، مقابل 14 ألف أفغاني (132 يورو) في المدينة.

بديل الكهرباء

كابول بعيدة عن مناقشات مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 26"، الذي عُقد مطلع الشهر الجاري في جلاسكو باسكتلندا، والذي حدّد أن الفحم من المسببات الرئيسية للتغير المناخي. أما في السوق، فلم يسمع العمال بهذا الأمر. وتُعد أفغانستان، وهي إحدى أفقر الدول في العالم، من الملوثين الصغار.

وبحسب البنك الدولي، نتج عن كل فرد أفغاني نسبة تلوث بثاني أكسيد الكربون أقل 75 مرة من التلوث الذي أصدره الفرد الأميركي خلال عام 2018، إلا أن الهواء الملوث يملأ أجواء كابول.

يصبح الهواء الذي يغطي العاصمة الأفغانية كل شتاء ثقيلاً ومؤذياً بسبب الدخان الذي ينبعث من المدافئ المنزلية التي تُشغل على الفحم والخشب وجميع النفايات التي يمكن حرقها مثل النفايات المنزلية وإطارات السيارات.

من الجبال المحيطة، تظهر بوضوح سحابة التلوث الكثيفة التي تغطي المدينة، حيث يعيش ما لا يقل عن 5 ملايين شخص.

وصنّفت منظمة جودة الهواء السويسرية "آي كيو إير"، الأحد، مدينة كابول أنها سادس أسوأ مدينة في العالم من ناحية جودة الهواء، بعد نيودلهي (الهند) ولاهور (باكستان).

ويقول عبد الله رحيمي: "لو كان لدينا كهرباء وغاز، ما استخدم الناس الفحم"، لكن "سعره مقبول" ولا يستطيعون "القيام بغير ذلك".

"لم نعد نرى الثلج"

ويلفت الزبون أمان الله دودزاي إلى أن "الاحترار المناخي مشكلة للعالم أجمع. نحن مدركون لذلك، هنا يزداد الجو حراً ولم نعد نرى الثلج كل فصل شتاء مثل السابق".

ويتابع: "يسبّب التلوث أمراضاً تنفسية خطيرة"، و"كل الأفغان يدركون مساوئ الفحم"، ولكنه "أرخص".

إن مسألة البيئة في كابول هي أبعد من أن تكون مصدر القلق الرئيسي، فمنذ أن تولت حركة طالبان السلطة منتصف أغسطس الماضي، جفت المساعدات الدولية وتعطل الاقتصاد بشكل جزئي، فيما ازدادت البطالة وتفشّى الفقر والجوع، والأجور لم تعد تُدفع،  وصار الفحم يُباع بكميات أقل.

ويقول عبد الله رحيمي: "كنا نبيع حمولة شاحنة أو شاحنتين يومياً. الآن، نحتاج إلى 15 أو 20 يوماً". وارتفعت أسعار الفحم بنسبة 9% خلال العام الماضي، ويعود ذلك إلى ارتفاع تكاليف النقل. 

واشترى وكيل العقارات محمد يوسف مانغال (21 عاماً) خمسة أطنان فحم بعد مفاوضات، إلا أنه سيحتاج إلى ستة أطنان إضافية للتدفئة طيلة فصل الشتاء. ويقول "لا نعمل" لكن "علينا شراء الفحم من أجل البقاء".

وفي سوق أخرى، تسأل شريفة عطايي (38 عاماً)، وهي أرملة مع خمسة أطفال، عن أسعار الفحم، مشيرة إلى أنها "باهظة جداً هذا العام".  

ولا تعلم متى ستتمكن من شراء الفحم مجدداً، فهي كانت تعمل مع الشرطة قبل أن تفقد وظيفتها منذ وصول طالبان إلى السلطة. وباعت كل مجوهراتها والذهب الذي تملكه لتعيل عائلتها، لكن دون جدوى.