"جواز السفر الذهبي".. شراء الجنسية يصطدم بانتقادات أوروبية

time reading iconدقائق القراءة - 6
متظاهر يحمل صورة جواز قبرصي خلال احتجاج أمام البرلمان في نيقوسيا- 14 أكتوبر 2020 - REUTERS
متظاهر يحمل صورة جواز قبرصي خلال احتجاج أمام البرلمان في نيقوسيا- 14 أكتوبر 2020 - REUTERS
القاهرة-آلاء عثمان

لعقود طويلة حظيت الهوية الوطنية بقدسية خاصة، قبل أن تصبح خلال السنوات الماضية مجالاً ثرياً وصاخباً للأعمال، تتنافس فيه دول على أموال الأثرياء مقابل منحهم جوازات سفرها.

سوق جديد يمنح الجنسية من أجل مميزات سفر وإقامة وملاذ ضريبي، في مقابل استثمارات وشراء عقارات داخل الدول بملايين الدولار. ولكن ذلك أثار انتقادات كبيرة في أوروبا خلال الأشهر القليلة الماضية، باعتباره "مُحاط بشبهات فساد، وغسيل أموال".

آخر موجات الجدل، وضعت بلغاريا حداً لها، الأربعاء، بعد موافقة حكومتها على إلغاء برنامج يحمل اسم "جوازات السفر الذهبية"، وذلك بعد أقل من عام على إلغاء قبرص البرنامج ذاته.

تحذير من غسل الأموال

حضّت المفوضية الأوروبية في أوقات عدة، الدول المعتمدة لنظام "جوازات السفر الذهبية"، على التخلي عنه، باعتبار أنه "يخلق حافزاً على الفساد، وغسل الأموال".

ومنحت جمهورية بلغاريا الواقعة في الجنوب الشرقي لقارة أوروبا، جنسيتها مقابل الاستثمار المُكثف منذ عام 2013، دون اشتراط الإقامة داخل حدود البلاد، أو حتى التمتع بمهارات لغوية محددة.

واكتفت بلغاريا بشرط استثمار مبلغ 512 ألف يورو للحصول على الإقامة، ثم 512 ألف يورو آخرين لسرعة الحصول على الجنسية، في إطار زمني لا يتخطى حاجز 18 شهراً، بحسب موقع Golden Visas، مع الوضع في الاعتبار أنه يمكن إعادة تسييل الاستثمارات بعد مُضي 5 سنوات.

التجربة البلغارية التي ساهمت احتمالات وجود نحو 50 مخالفة في إجراءات الحصول على جوزات سفر ذهبية، في إلغاء البرنامج، سبقتها تجربة في جمهورية قبرص تفجرت عام 2020، بعد أزمة أثارها  تحقيق تليفزيوني، رصد محاولة رجل أعمال صيني الحصول على الجنسية القبرصية بالرغم من سجله الإجرامي.

اعتراضات خارجية وداخلية

وشهدت الأيام الماضية أزمة مشابهة في جمهورية فانواتو بالمحيط الهادئ، إذ قررت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، التعليق الجزئي لاتفاقية الإعفاء من التأشيرات معها.

ووفقاً لبيان المفوضية الأوروبية، فإن مخططات فانواتو للجنسية مقابل الاستثمار تنطوي على أوجه قصور، منها منح الجنسية لأشخاص على قوائم الإنتربول، فضلاً عن عدم تبادل المعلومات بشكل منتظم مع بلدان المتقدمين، كما أن معدل رفض المتقدمين منخفض للغاية، فحتى عام 2020 تم رفض متقدم واحد فقط.

وبخلاف الأزمة مع المفوضية الأوروبية، يواجه برنامج فانواتو انتقادات كبيرة على المستوى الداخلي، حيث وصفه رئيس وزراء البلاد الأسبق، باراك سوبي، بأنه "محض خيانة"، وفق تقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية.

عروض كثيرة

وبعيداً عن العقبات التي يواجهها البرنامج في البلدان السابقة، هناك دول أخرى في أوروبا ومنطقة الكاريبي، تُقدم عروضاً وبرامج مُشابهة لجمهور الأثرياء حول العالم، من بينها مقدونيا الشمالية.

ويساعد جواز سفر الدولة الواقعة جنوب شرق أوروبا، في دخول نحو 125 دولة بدون تأشيرة، أو الحصول عليها عند الوصول، بالإضافة إلى إمكانية توريث الجنسية للأجيال التالية.

 وفي مقابل ذلك، تطرح مقدونيا خطتين للاستثمار، الأولى بقيمة 200 ألف يورو في صندوق استثمار خاص متوافق مع القوانين المحلية لمدة عامين، والثانية الاستثمار مباشرةً في مرفق جديد بمبلغ 400 ألف يورو، مع توظيف 10 أفراد.

وفي منطقة الكاريبي، هناك عروض أخرى تشمل اصطحاب العائلة وصولاً إلى الجد والجدة والإخوة الواقعين تحت رعاية مقدم الطلب، كما هو الحال في دولة سانت كيتس ونيفيس، على أن يكون المقابل شراء المتقدم عقار أو دفع مساهمة لصندوق نمو.

ويبلغ ثمن العقار ما بين 200 إلى 400 ألف دولار أميركي لمدة من 5 إلى 7 سنوات، في حين تبلغ قيمة المساهمة لصندوق النمو المستدام 150 ألف دولار أميركي، يدفعها مقدم الطلب، ثم 25 ألف دولار لزوجه أو زوجته، و20 ألف دولار لكل من إخوته، و10 آلاف دولار لكل شخص آخر من العائلة.

دول أخرى عديدة تطرح برامج مُشابهة، مثل إسبانيا ومالطا ودومنينيكا وجزر أنتيجوا وباربودا، وغالباً ما يعتمد المتقدمون بطلبات الجنسية، على خدمات الوكلاء المتخصصين في هذا النوع من العمليات.

مشهد عالمي جديد

هذه السوق، لم تكن جزءاً من المشهد العالمي منذ بضعة عقود، وفقاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، إذ كان منح الجنسيات للأجانب يرتبط بشروط مُحددة.

وأوضح كامل السيد لـ"الشرق"، أن "هذه الشروط والضمانات كان من شأنها التأكيد على قدرة اندماج المواطن الجديد في المجتمع، فضلاً عن بيان مدى ولائه"، لافتاً إلى أن "المتقدم كان يخضع للاختبارات والمقابلات، ويتعلم اللغة والثقافة المحلية".

ولفت إلى أن حدوث هذا الأمر في سياق الاستثمار كان يقتصر على منح المستثمرين بعض التسهيلات، مثل حق الإقامة لتيسير حياتهم في البلد المضيف.

وأشار السيد إلى وجود مخاوف أمنية مرتبطة بانتشار هذه الظاهرة، قائلاً إنه رغم أن "بيع الجنسيات له أثر محدود للغاية على سيادة الدول المانحة للجنسية"، إلا أنه "يمكن أن يسبب تداعيات سلبية على الأمن القومي للبلاد".

وتابع: "البعض قد يستغل حصوله على الجنسية من أجل القيام بأعمال التجسس، مستغلاً حقه في التحرك بحرية داخل البلاد كمواطن عادي، مما يؤثراً سلباً على الأمن القومي".

اقرأ أيضاً: