
يعد نظام الأحوال الشخصية الذي وافق عليه مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، نقلة نوعية في حوكمة وتنظيم العلاقة الأسرية، إذ تضمن النظام أحكاماً لكافة التصرفات والممارسات المتعلقة بالأحوال الشخصية، وتأطيراً لما قد يطرأ من نزاعات مستقبلية في هذا الشأن.
ويراعي النظام الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد 90 يوماً، مستجدات الواقع ومتغيراته، حيث يساعد القضاة للتركيز على تطبيق النظام وضبط السلطة التقديرية للقضاة.
وحدد النظام، الذي سيسهم في سرعة إنجاز القضايا المتعلقة بالأسرة، آليات الزواج والخطوبة، وأركان العقد وشروطه، وحقوق الزوجين، النفقة، والطلاق، والخلع، وفسخ النكاح، وآثار الفرقة وأحكامها بين الزوجين، والعدة، الحضانة.
أبرز مواد النظام
وحددت المادة التاسعة من الباب الأول من النظام سن الزواج عند 18 عاماً، كما أكدت المادة 46 على حق المرأة في نفقة زوجها بغض النظر عن حالتها المادية، وإثبات حقها في فسخ عقد الزواج بإرادة منفردة بحسب مقتضى الحال.
وعالج النظام الأحكام المتعلقة بغياب الولي أو عضل المرأة بما يسهل مسألة الزواج وانتقال ولاية التزويج إلى المحكمة مباشرة، كما راعى النظام مصلحة "المحضون الأول" أثناء أحكام الحضانة حيث حفظ حقوق الأولاد ومنع المساومة بشيء منها بين الزوجين عند الفراق.
وألزم النظام الزوج بتعويض الزوجة تعويضاً عادلاً عند عدم توثيق وقائع الأحوال الشخصية في حالات محددة في التشريعات منها المتعلقة بالطلاق والرجعة، وراعى كذلك مصلحة الحفاظ على كيان الأسرة في احتساب عدد التطليقات، وعمل على طرق حديثة فيما يتعلق بإثبات النسب.
وعكست منظومة التشريعات الجديدة، ملامح مشروع السعودية لتحديث بنيتها التنظيمية والتشريعية، وتطوير الإجراءات المتعلقة برفع كفاءة الأنظمة وتمكين الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان.
جودة كفاءة الأحكام
وقال وزير العدل السعودي رئيس المجلس الأعلى للقضاء وليد الصمعاني، إن "نظام الأحوال الشخصية بُني وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، وأخذ بأفضل الممارسات القضائية والدراسات الحديثة، ليكون نظاماً متواكباً مع المتغيرات ويستجيب للتحديثات والتحديات".
وأكد أن النظام "سيسهم في سرعة إنجاز القضايا المتعلقة بالأسرة"، لافتاً إلى أنه "سيعزز من القدرة على التنبؤ بالأحكام القضائية واستقرارها، ويحد من تباينها، كما سيرفع جودة وكفاءة الأحكام".
رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري في السعودية خالد اليوسف، أكد أن النظام يسهم في "ضبط السلطة التقديرية للقاضي، واستقرار مرجعيته والحد من التفاوت في الأحكام القضائية، وسرعة الفصل في النزاعات المتعلقة بالأسرة، بما يعزز من شعور أفراد المجتمع بالعدالة وثقتهم بالسلطة القضائية".
وأوضح اليوسف أن "صدور نظام الأحوال الشخصية وما سبقه من صدور نظام الإثبات يؤكد ما بدأت به المملكة من تطوير للمنظومة التشريعية ورفع كفاءة الأنظمة وحماية حقوق الإنسان".
وشدد على أن بلاده استحدثت "الأنظمة التي تحفظ الحقوق، وترسخ مبادئ العدالة والشفافية، وحماية حقوق الإنسان، وتحقق التنمية الشاملة، وتعزز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعيات مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة محددة".
وسبق أن أعلنت السعودية عن سعيها لإطلاق 4 أنظمة وتشريعات حديثة كان أولها نظام الإثبات الذي حدد قواعد ومسائل الشهود والأدلة الكتابة والرقمية والإقرار بالحق وغيرها من مسائل الإثبات.
ويستعد القضاء السعودي خلال الفترة المقبلة على تطبيق نظامي التعاملات المدنية الذي يحدد العلاقة بين الأفراد في تعاملاتهم ويقلل أمد الفصل في الخصومات، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكد أن بلاده تتجه نحو الإعلان عن 4 أنظمة ومشروعات وهي: "نظام الإثبات، ومشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية"، مشيراً إلى أن نظامي المعاملات والعقوبات سيتم الإعلان عنهما "بعد الانتهاء من دراسة مشروعاتها بحسب الإجراءات النظامية التي رسمها النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام مجلس الوزراء".