كشف أول تقييم للأمم المتحدة بشأن الأمن المائي في إفريقيا أن أكثر من 500 مليون شخص، في 19 دولة إفريقية، يعانون من انعدام الأمن المائي بشكل كامل.
وجاء في التقرير، الذي صدر الاثنين، أنه وعلى الرغم من أهداف التنمية المستدامة والالتزامات التي تم التعهد بها في عام 2015، لم تحرز 25 دولة إفريقية أي تقدم في ما يتعلق بالأمن المائي على مدى الثلاث سنوات الماضية، فيما أحرزت 29 دولة إفريقية أخرى "بعض التقدم" خلال تلك الفترة.
ويعرف التقييم الأمن المائي بضمان إمداد السكان بالمياه الجيدة الصالحة للشرب والإنتاج والأنشطة المعيشية والصحة. ويعني انعدام الأمن المائي عدم توافر الماء الجيد والمأمون للاستخدام في تلك الأنشطة المختلفة.
ونُشِر التقييم قبل يوم واحد من فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس من كل عام، من قِبل المعهد الكندي للبيئة المائية والصحة التابع لجامعة الأمم المتحدة (جناح الأمم المتحدة للدراسات الأكاديمية والبحوث). واستخدم التقييم 10 مؤشرات لقياس الأمن المائي في 54 دولة في إفريقيا.
"مستويات متواضعة"
باستثناء مصر، تقل درجات جميع الدول في الأمن المائي عن 70 (على مقياس 100). وصلت 13 دولة فقط من أصل 54 دولة إفريقية إلى مستوى متواضع من الأمن المائي في السنوات الأخيرة، وأكثر من ثلثها لديها مستويات من الأمن المائي أقل من عتبة 45.
وقال التقرير إن مصر وبوتسوانا والجابون وموريشيوس وتونس هي أكبر خمس دول إفريقية من حيث الأمن المائي، ولكن مع تحقيق مستويات متواضعة فقط من الأمن المائي.
ويبدو أن الصومال وتشاد والنيجر هي أقل البلدان أماناً مائياً في إفريقيا.
خلص التقرير إلى أنه لم يكن هناك تقدم يذكر في الأمن المائي القومي لمعظم الدول الإفريقية خلال السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية. فعدد البلدان التي أحرزت بعض التقدم (29) يقترب من عدد البلدان التي لم تحرز أي تقدم (25).
وفي المؤشر الأول والذي يقيس وصول مياه الشرب، قال التقرير إن مستويات الوصول تتراوح من 99% في مصر إلى 37% في جمهورية إفريقيا الوسطى، وبين المناطق الفرعية من 92% في شمال إفريقيا إلى 62% في وسط إفريقيا.
ويبلغ متوسط خدمة مياه الشرب الأساسية في إفريقيا 71%، تاركاً وراءه نحو 29% من إجمالي السكان أو أكثر من 353 مليون شخص دون إتاحة الوصول لمياه الشرب على الإطلاق.
وفيّات لانعدام النظافة
وفي المؤشر الثاني الخاص بخدمات الصرف الصحي، قال التقرير إن الوصول إلى الصرف الصحي متشابه إلى حد كبير على المستوى دون الإقليمي، لكن عدداً قليلاً من البلدان، مثل سيشيل ومعظم بلدان شمال إفريقيا، وصلت أو اقتربت من الوصول إلى 100%.
أما البلدان التي تواجه أكبر المشكلات فهي تشاد وإثيوبيا (أقل من 20% إمكانية الوصول)، مع 60% في المتوسط من الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المحدودة، وبذلك فإن ما لا يقل عن 40% من إجمالي السكان (483 مليون شخص) محرومون من تلك الخدمات.
وفي المؤشر الثالث الخاص بالوصول إلى مرافق وممارسات النظافة مثل غسل اليدين، قال التقرير إن النسبة الكبرى للسكان الذي يستطيعون ممارسة النظافة تتواجد في شمال إفريقيا (67٪)، والأسوأ في غرب إفريقيا، مع رواندا وليبيريا الأدنى بين 8 بلدان مع أقل من 10%من الوصول؛ إذ تعاني تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى من أعلى المعدلات، وبالتالي تشهد تلك الدول أعلى عدد من الوفيات الناجمة عن الإسهال.
فقر مائي في شمال إفريقيا
وحسب المؤشر الرابع؛ يبلغ نصيب الفرد من المياه أعلى مستوى في وسط إفريقيا، إذ تعتبر جمهورية الكونغو أكثر دول إفريقيا ثراءً بالمياه، بأكثر من 31000 متر مكعب للفرد، بينما يبدو أن نصف بلدان شمال إفريقيا تعاني من ندرة المياه تماماً، أقل من 500 متر مكعب من المياه للفرد سنوياً.
وبسبب النمو السكاني، انخفض توافر المياه مؤخراً في المنطقة الفرعية لغرب ووسط وجنوب إفريقيا، وعلى المستوى القطري في ساحل العاج والكاميرون والصومال وموزمبيق ومالاوي.
ويبدو أن كفاءة استخدام المياه هي الأدنى في شمال إفريقيا، حسب المؤشر الخامس الذي يؤكد أنه وبشكل عام تحصل البلدان المهيمنة على الزراعة على درجات أقل في كفاءة استخدام المياه.
يُعزى التحسن الملحوظ في كفاءة استخدام المياه في إفريقيا ككل إلى الجهود المبذولة في تونس وجامبيا وبوركينا فاسو ورواندا وأوغندا.
وتعتبر البنية التحتية للمياه الأفضل في منطقة جنوب إفريقيا الفرعية، وفق المؤشر السادس، والأسوأ في شرق إفريقيا. إذ تتواجد نحو 25%من جميع السدود الكبيرة في إفريقيا في جنوب القارة.
وحصل نصف البلدان على درجات منخفضة للغاية في البنية التحتية للمياه، ما يعكس المستوى المنخفض لتطوير تخزين المياه في القارة. زادت إثيوبيا وناميبيا فقط من سعة التخزين خلال السنوات الأخيرة، في حين أظهرت ساحل العاج والجابون انخفاضاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع عدد السكان.
معالجة المياه
وفي المؤشر السابع، الذي يقيس درجات معالجة مياه الصرف الصحي، قال التقرير إن معالجة الصرف الصحي هي الأعلى في دول شمال إفريقيا، والأدنى في شرق وغرب إفريقيا، إذ تعالج 12 دولة أقل من 5% من مياه الصرف الصحي.
ولا يوجد بلد يعالج مياه الصرف الصحي بنسبة أكثر من 75%، إلّا مصر وتونس، فيما تعالج ليسوتو أكثر من 50%، بينما 67% من البلدان الإفريقية تعالج أقل من 5٪.
ويبدو أن إدارة المياه أكثر تقدماً في المناطق الفرعية لشمال وجنوب إفريقيا حسب المؤشر الثامن. في الوقت الذي تُسجل فيه وسط إفريقيا أقل تقدم في معالجة المياه.
وظلت مخاطر الكوارث إما دون تغيير، في المناطق الفرعية لشمال وجنوب إفريقيا، أو زادت. ولكن يبدو أن شمال إفريقيا هي المنطقة الفرعية الأقل خطورة، وغرب إفريقيا الأكثر خطورة.
وحسب المؤشر التاسع، يبدو أن مصر هي الدولة الأقل خطورة، في حين أن كاب فيردي (الرأس الأخضر) هي الأكثر في تلك المخاطر، تليها جيبوتي وجزر القمر.
وذكر التقرير أن نحو 49 دولة إفريقية من أصل 54 شهدت زيادة في درجات مخاطر الكوارث على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بسبب تأثيرات تغير المناخ الذي يؤدي إلى تفاقم تعرض البلدان للكوارث الطبيعية وتفوق قدرتها على التكيف.
وقاس المؤشر العاشر الاعتماد على المياه في الدول المجاورة وتنوع الموارد المائية. وأشار التقرير إلى أن مصر تبرز كأكثر دول إفريقيا اعتماداً على المياه.
ولمقارنة الوضع في إفريقيا بالعالم، يدعو مؤلفو التقرير إلى معايير عالمية لبيانات قياس الأمن المائي وتقييمها.