جنوب إفريقيا.. أزمة جفاف غير مسبوقة تضرب كيب تاون

time reading iconدقائق القراءة - 4
رجال يحملون المياه أمام أكواخ في بلدة جوجوليثو بالقرب من كيب تاون بجنوب إفريقيا - 26 مارس 2021 - REUTERS
رجال يحملون المياه أمام أكواخ في بلدة جوجوليثو بالقرب من كيب تاون بجنوب إفريقيا - 26 مارس 2021 - REUTERS
كيب تاون_ أ ف ب

يرى سكان وخبراء في مدينة كيب تاون أن مدينتهم على وشك الوقوع في حالة جفاف مروعة، ويطالبون بإيجاد حلول سحرية لمواجهة الوضع المتدهور سريعاً منذ 4 سنوات.

وتعد كيب تاون العاصمة السياحية لجنوب إفريقيا، لكنها تنتظر "اليوم الصفر" حيث ستجف فيه الأنابيب تماماً من ضخ مياه صالحة للاستعمال الآدمي، ليضرب الجفاف والعطش 30 حياً وضاحية.

وفيما يغتسل رواد شواطئ كايب تاون الرائعة بالمياه لإزالة الرمل عن أقدامهم، يعبّر شادراك موجريس عن امتعاضه وهو يملأ برميله بالماء، إذ لا مياه في مراحيض منزله.

وفي انتظار أن يمتلئ برميله، تروي مرشات تلقائية الكروم الواقعة على التلال، وتتدفق المياه من الصنابير، لكن ليس في الأماكن كلّها.

معاناة أكبر البلدات

لا تصل المياه إلى بلدة خاييليتشا، وهي إحدى أكبر بلدات جنوب إفريقيا، إلا بشكل متقطع، وغالباً ما يكون ضغطها ضعيفاً فيما تنقلها أنابيب متقادمة.

يستيقظ شادراك موجريس (56 عاماً) باكراً في الصباح ليملأ خزانه طالما أنّ المياه تصل. أما الكمية المجموعة في الخزان، فبالكاد تكفي العائلة المؤلفة من 6 أفراد لتقضي حاجاتها اليومية من شرب وغسيل.

ويوفر الوالد يومياً كمية قليلة من المياه لاستعمالها في المراحيض، إذ لا يستخدم الشفاط إلا مرة واحدة في نهاية اليوم. ويقول "إنّ الأمر بمثابة إهانة يومية".

وأوضح قائلا: "في منزلنا حمامات ومراحيض لكننا لا نستطيع استخدامها". وفي بعض الأحيان، يذهب أطفاله إلى المدرسة من دون شرب أي قطرة ماء.

"من سيئٍ إلى أسوأ"

حاول موجريس الاتصال بالجهات المعنية لكنه لم ينجح بالتواصل معها، فيما تنقل صهاريج تابعة للبلدية ومن وقت إلى آخر كميات غير كبيرة من المياه إلى المنازل، لكن ليس بصورة دائمة.

ويقول سانديل زاتو (45 عاماً) الذي يعيش في منزل مجاور "ليس أمامنا خيار إلا بالاستيقاظ صباحاً لملء خزاننا قدر الإمكان بالمياه".

أما في حدائق الأحياء الراقية في شبه جزيرة كايب تاون، فالمسابح ممتلئة طوال السنة.

لكن خلف المناظر المذهلة والتلال الخضراء التي تنتشر على سفوحها رمال بيضاء، لا تصل مياه الشرب إلى حوالى 30 حياً، فيما تُحرَم من هذه المادة الحيوية كذلك ضواح وأحياء تقطنها الطبقة الوسطى.

وخلال فترة الجفاف، بُذل مجهود جماعي، إذ كان كل شخص يدير كمية المياه المستهلكة في منزله، وحدّ من ريّ المزروعات واعتاد أن يقود سيارة متّسخة.

إصلاح البنية التحتية

ويقول موجريس "في ذلك الوقت، كنّا ندرك جميعنا المشكلة، أما اليوم فالمياه متوافرة ونحن نعلم ذلك، ما يمثّل أمراً أسوأ".

وتؤكد البلدية لوكالة فرانس برس أنها توظف مبالغ كبيرة لإصلاح البنية التحتية المتداعية. وأتاحت حالة الطوارئ التي أُعلنت جراء كوفيد-19 الحصول على أموال إضافية لتوفير المياه للسكان.

ويقدّم المسؤول عن إدارة المياه في البلدية زاهد بدروديان حججاً تتعلق بانعدام الأمن في بعض الأحياء، ويقول إنّ "شاحناتنا تُستهدف فيما يتعرض موظفينا لعمليات سطو تكون مسلحة أحياناً". ويعتبر بدروديان أنّ موجة جفاف جديدة ستصل "حتماً".

عدم المساواة

وفُرضت خلال السنوات الفائتة قيود على استهلاك المياه من وقت إلى آخر في مدن كثيرة من جنوب إفريقيا الذي صنّفه البنك الدولي أخيراً أكثر بلد تسوده عدم المساواة في العالم.

وترى الخبيرة في المياه في جامعة ستيلينبوش يو بارنس أنّ كيب تاون لا تخطط للكارثة المقبلة كما يجب.

وتقول لوكالة فرانس برس إنّ "عدم التخطيط لمواجهة الجفاف المقبل الذي قد يكون وشيكاً يمثّل عملية انتحارية"، وفي ظل الارتفاع المستمر في عدد السكان "نتّجه إلى كارثة لن نُنقذ منها إلّا إذا فعلنا شيئاً سحرياً".