الموت يعصف بالصوماليين بعيداً عن أنظار العالم

time reading iconدقائق القراءة - 5
قبر الشقيقتين التوأم إيبلا وعبديا اللتين ماتتا جوعاً في مخيم كاكساري للنازحين داخلياً في دولو بمنطقة جيدو بالصومال. 24 مايو 2022 - REUTERS
قبر الشقيقتين التوأم إيبلا وعبديا اللتين ماتتا جوعاً في مخيم كاكساري للنازحين داخلياً في دولو بمنطقة جيدو بالصومال. 24 مايو 2022 - REUTERS
دولو (الصومال)- رويترز

يعاني الصوماليون من الجوع والفقر والأمراض، إضافة لاضطراب الوضع الأمني في البلاد، والذي أودى بحياة الكثيرين خلال السنوات الماضية.

وفي الوقت الذي انصرف فيه الاهتمام العالمي بعيداً عن الصومال إلى أوكرانيا، تسعى وكالات الإغاثة والأمم المتحدة لتسليط الأضواء على كارثة في طور التكوين؛ يقول الجميع إنها ستكون مشابهة لمجاعة عام 2011. وحصدت تلك المجاعة أرواح أكثر من ربع مليون شخص، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة.

وتوفيت طفلتان توأم هما إيبلا وعبديا، حفيدتا حليمة حسن عبد الله، بعد يوم واحد من ولادتهما، بعد أن أصاب الجوع أمهما بالهزال، فوضعتهما قبل شهر من موعد الولادة، وكان قد مضى 8 أسابيع فقط من دخول أسرتهما المنهكة إلى مخيم النازحين في بلدة دولو الصومالية.

وقالت حليمة في مخيم كاكساري الذي أُنشئ في يناير، وأصبح يؤوي الآن نحو 13 ألف شخص "كانت (الأم) تعاني من سوء التغذية وتوفيت طفلتاها بسبب الجوع".

وهؤلاء ليسوا سوى أسرة واحدة من بين أكثر من 6 ملايين صومالي، يحتاجون إلى المساعدات للبقاء على قيد الحياة، وفق وكالة "فرانس برس".

أسوأ موجة جفاف

ولم تسقط الأمطار لأربعة مواسم متتالية، وأدت أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً إلى ذبول محاصيل الفاصوليا والذرة، فيما نفقت الماعز والحمير وانتشرت جيفها فوق الأرض شحيحة العشب.

ولا توجد سيولة نقدية تكفي سوى نحو نصف سكان مخيم كاكساري. لكن عائلة حليمة ليست من الأسر المحظوظة.

لم ترَ حليمة شيئاً كهذا منذ أوائل التسعينيات، عندما تحولت المجاعة إلى عامل من عوامل إطلاق عملية تدخل عسكري أميركي في الصومال، انتهى بإسقاط المروحية بلاك هوك. وقالت حليمة إن عائلتها لم تضطر قط إلى مغادرة أرضهم قبل الآن.

وفي أيام الرخاء، تستطيع حليمة توفير القوت لأفراد عائلتها البالغ عددهم 13، عندما تجد فرصة للعمل في غسل الملابس في المدينة، إذ تحصل على حوالي 1.50 دولار يومياً. ويتيح ذلك لكل فرد في الأسرة الحصول على حفنة واحدة من عصيدة الذرة.

لكن هذا ليس كافياً أيضاً. فزوجة ابنها تحتاج إلى دواء لعلاج التيفود الذي يكلفها عشرة أمثال أجرها اليومي.

ويُعد التدخل المبكر إجراء حاسماً لدرء مجاعة تلوح في الأفق في 6 مناطق بالصومال، يعيش فيها حوالي 15 مليون نسمة في منطقة شديدة الحساسية والتأثر بعوامل التغير المناخي.

وكان توفير الطعام بسرعة سبباً في تخفيف عواقب موجة جفاف في سنة 2017، كانت أسوأ من الجفاف الذي تسبب في مجاعة عام 2011، أودت بحياة نحو ألف شخص.

ولم يتم توفير سوى 15% فقط من التمويل الذي تحتاجة خطة الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الطارئة. وحصل نحو 2.8 مليون شخص على مساعدات حتى الآن. ويمكن مساعدة قرابة 3 ملايين آخرين إذا توافر المزيد من المال.

أما الباقون فالوصول إليهم صعب المنال، لأنهم يقيمون في المناطق النائية الجافة الخاصعة لسيطرة تمرد مسلح.

بانتظار المساعدة

وقالت رقية يعقوب، نائبة مدير برنامج الغذاء العالمي لشرق إفريقيا "نحتاج إلى السيولة لتجنب مخاطر المجاعة".

وفي المخيم، يصنع الناس البيوت من القماش المشمع برتقالي اللون وبقايا القماش والبلاستيك الذي يضعونه فوق قباب محبوكة من العصي.

ويُسمع صوت المطارق التي يستخدمها عمال الإغاثة لحفر المراحيض. ويتجمع وافدون جدد حول الخيام حيث يخبرهم موظفو الإغاثة بعدم وجود مساعدات في الوقت الحالي.

وينتهي الأمر بكثير من العائلات إلى التسول للحصول على أقل الطعام أو مبلغ زهيد من المال من سكان المخيم الأفضل حالاً، وهم من وصلوا في وقت مبكر بما سمح لهم بالتسجيل والحصول على المساعدة.

في معظم الأحيان يصيب الجوع الأطفال بالضعف قبل أن يصبحوا صيداً سهلاً للأمراض.

وقبل شهر، فقدت عائشة علي عثمان (25 عاماً) طفليها، أحدهما كان في الثالثة من عمره والآخر في الرابعة بسبب الحصبة.

وتحضن الآن أصغر أبنائها، وهي طفلة رضيعة، وتحسب الأيام وتعد الليالي بانتظار اليوم الذي تحصل فيه على التطعيم.

وقالت بصوت حزين "أشعر بألم شديد لأنني لا أستطيع حتى إرضاعها.. عندما يكون أطفالي جائعين، أطلب بعض الماء المحلى بالسكر من الجيران. أو أحياناً نستلقي معاً على الأرض ونبكي".

تصنيفات