
تقترب هدنة الشهرين في اليمن من نهايتها دون اتفاق على تمديدها رغم مساهمتها في خفض العنف وسماحها لليمنيين بالتنقل عبر مطار صنعاء للمرة الأولى منذ 6 سنوات في رحلات تجارية آخرها بين العاصمة اليمنية والقاهرة الأربعاء.
وكانت الهدنة دخلت حيّز التنفيذ في 2 أبريل الماضي بوساطة من الأمم المتحدة، على أن تنتهي الخميس 2 يونيو.
وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، ما مثل بارقة أمل وسط الصراع المستمر منذ سنوات.
وبينما أعلنت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي عدم الممانعة في تمديد الهدنة، إلا أن الفشل في تنفيذ كامل بنود الهدنة الأولى وخصوصاً رفع حصار الحوثيين عن مدينة تعز جنوب غربي البلاد، يحول دون التوصل إلى اتفاق جديد، حسبما أفاد مسؤول بالحكومة اليمنية.
شروط الحكومة الشرعية
وأبلغ مقربون من الرئاسة اليمنية "الشرق" بأن عقبات عدّة تقف أمام تمديد الهدنة أهمها أن الحكومة اليمنية تعتبر أن المبعوث الأممي هانس جروندبرج فشل خلال زيارته الأخيرة إلى عدن في الحصول على موافقة السلطات على تمديد الهدنة لأن شرط مجلس القيادة اليمني، كان استكمال بنود الهدنة الحالية.
وتشمل بنود الهدنة الحالية فتح الحوثيين لكافة الطرق الرئيسية في تعز ودفع رواتب الموظفين العموميين من عائدات مشتقات الوقود التي تم إدخالها عبر ميناء الحديدة خلال فترة الهدنة.
لكن الحوثيون يقولون إن عائدات النفط ليست كافية وأن لديهم مطالب مقابل رفع الحصار عن تعز.
من جانب آخر، أكد مصدر حكومي رفيع لـ"الشرق"، فضّل عدم الإفصاح عن اسمه، موافقة الأطراف اليمنية على تمديد الهدنة لشهرين قادمين مبدئياً.
موافقة مبدئية
وأبلغ رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، عدداً من سفراء الاتحاد الأوروبي زاروا مدينة عدن الثلاثاء، موافقة حكومته على استمرار الهدنة الإنسانية الحالية المقرر انتهائها الخميس.
واشترط العليمي مقابل ذلك إلزام الأمم المتحدة لجماعة الحوثي بفتح الطرق المغلقة في مدينة تعز وتسليم مرتبات الموظفين من عائدات المشتقات النفطية.
وعلمت "الشرق" من مصادر مقربة من جماعة الحوثي، موافقتها أيضاً على تمديد الهدنة واضعة عدداً من الشروط بينها تسيير رحلات غير محدودة من وإلى مطار صنعاء، وإدخال المزيد من سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة.
وتضغط الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على الأطراف اليمنية لإعلان الموافقة على تمديد الهدنة الأربعاء أو الخميس، وتأجيل القضايا الخلافية إلى مفاوضات لاحقة في عمان لحلها برعاية أممية.
و حتى الإعلان عن تمديد الهدنة الذي ينتظر أن يكون في مؤتمر صحافي دعت إليه الرئاسة اليمينة في وقت لاحق من ظهر الأربعاء، يبقى التركيز على الاشتراطات المتعلقة بتعز ودفع الرواتب، كونها الكفيلة بإفشال تمديد الهدنة أو إنجاحه.
تطبيق كامل بنود الهدنة
وقال مسؤول يمني لوكالة "فرانس برس"، إن مجلس القيادة الرئاسي اليمني أبلغ المبعوث الأممي بأن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً "تطالب بتطبيق كامل بنود الهدنة، بما في ذلك رفع الحصار عن تعز، للموافقة على تمديدها".
وفي اتصال بين رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، دعا المسؤول اليمني إلى "مضاعفة الضغط على جماعة الحوثي للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الهدنة، وفي المقدمة فتح معابر تعز"، حسب ما أفادت وكالة الأنباء الحكومية "سبأ".
وحذّرت واشنطن الثلاثاء، مما سمته "صعوبات تواجه محادثات حول تمديد الهدنة".
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، إن المحادثات الرامية إلى تمديد وقف إطلاق النار "لم تنته بعد لكن يبدو أنها تواجه بعض الصعوبات".
وأشارت جرينفيلد في تصريح للصحافيين إلى أن بلادها تعتبر وصول المحادثات إلى مأزق مشكلة، قائلة: "أشجع الفرقاء في الجانبين على مواصلة تلك الجهود وعلى إيجاد سبيل سلمي لتوفير المساعدات الإنسانية للشعب اليمني".
رحلات بين القاهرة وصنعاء
والأربعاء نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية عشرات المسافرين من صنعاء إلى القاهرة في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016.
وأفاد المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي لليمن وكالة "فرانس برس"، بأن 77 شخصاً استقلوا الطائرة التي أقلعت صباحاً من المطار المغلق أمام الرحلات التجارية منذ نحو 6 سنوات.
وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة. والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمّان في الأردن ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين.
وكذلك، أقلعت من مطار القاهرة الأربعاء، أول رحلة للخطوط اليمنية من القاهرة، وتحمل 130 راكباً غالبيتهم من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في مصر.
وغادرت الرحلة القاهرة في طريقها إلى صنعاء ومن المتوقع وصولها مساء الأربعاء، وستقلع رحلة العودة من صنعاء إلى القاهرة مساء الأربعاء أيضاً وعلى متنها نفس العدد تقريباً من الركاب ومعظمهم من المرضى الساعين للعلاج ومرافقيهم.
عقبات جوازات السفر
وواجهت الرحلة عقبات بسبب وجود نحو 20 مسافراً من صنعاء يحملون جوازات سفر صادرة من الحوثيين تحمل أرقاماً متطابقة مع أرقام جوازات سفر منحتها الحكومة الشرعية في وقت سابق لمواطنين يمنيين آخرين.
وقالت تقارير صحافية إن المبعوث الأممي هانس جروندبرج، تدخل الثلاثاء مع الحكومة اليمنية الشرعية والسلطات المصريةوتجاوزوا عقبة الجوازات ذات الأرقام المكررة وتمت الموافقة علي تسيير الرحلة ومنحت التصريح قبل ساعات من موعد انطلاقها.
ويأتي تسيير الرحلات بين صنعاء والقاهرة عملياً قبل يوم واحد من موعد انتهاء الهدنة الأممية الإنسانية التي أعلنها المبعوث الأممي.
وبموجب اتفاق الهدنة، كان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من صنعاء أسبوعياً، لكن خلافات بشأن مصادر جوازات السفر قلصت أعداد هذه الرحلات حسبما ذكرت "فرانس برس".
حل أزمة جوازات السفر
وقال مسؤول بالسفارة اليمنية في القاهرة، لـ"الشرق"، إن الحكومة اليمينة متمسكة بعدم سفر أي مواطنين لم تصدر جوازات سفرهم من الحكومة الشرعية، لأنها تخشى حدوث أزمات.
وأضاف أن الحكومة اقترحت خيارين، إما أن يتم إرسال كافة الجوازات للمسافرين عبر مكتب المبعوث الأممي من صنعاء إلى عدن ويتم الرد عليها خلال 24 ساعة بعد مراجعتها، أو وضع مكاتب في المطارات اليمنية على أن يتم ربط تلك المكاتب بكافة المطارات الدولية الأخرى لمراجعة بيانات جوازات السفر قبل إقلاع الرحلات.
لكن لم يتم البت في تلك المقترحات حتى الآن.
وأضاف المسئول أن الأردن وافق على استقبال جوازات السفر الصادرة عن الحوثيين لذلك لم تكن هناك مشكلة في الرحلات السابقة، لكن الآن ومع تمسك الحكومة الشرعية بأن تكون كافة جوازات السفر صادرة عنها، وبعد أزمة القاهرة ستتم مراجعة جوازات السفر عبر مكتب المبعوث الأممي.