بعد طلب أميركي.. بريطانيا تحقق في استحواذ بكين على مصنع رقائق

time reading iconدقائق القراءة - 6
شرائح إلكترونية معروضة بمعهد أشباه الموصلات البحثي التايواني TSRI - REUTERS
شرائح إلكترونية معروضة بمعهد أشباه الموصلات البحثي التايواني TSRI - REUTERS
دبي -الشرق

بدأت المملكة المتحدة تحقيقاً قد يؤدي إلى إلغاء صفقة حصلت بموجبها شركة صينية، على مصنع للرقائق في لندن، العام الماضي، وذلك بعدما أعلنت واشنطن معارضتها للعملية، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة على مجريات الصفقة لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته الجمعة، إن وزير الأعمال والطاقة الإستراتيجية الصناعية البريطاني كواسي كوارتنج أطلق، الأسبوع الماضي، مراجعة للصفقة الصينية تتعلق بالأمن الوطني للبلاد، والتي اشترت بموجبها شركة هولندية فرعية تابعة لشركة صينية لتصنيع الرقائق، مصنعاً لإنتاج أشباه الموصلات في ويلز يوليو الماضي.

وذكرت الصحيفة أن دبلوماسي في السفارة الأميركية في لندن أخبر المسؤولين البريطانيين، بصفة غير رسمية، خلال الأسابيع الأخيرة، أنه في حال عودة ملكية المصنع إلى المملكة المتحدة، فذلك سيمكن لندن أن تصبح مركزاً لتصنيع رقائق رئيسة تستخدم في السيارات الكهربائية، وفقاً لمصادر الصحيفة.

وأوردت الصحيفة نقلاً عن المصادر، أن الدبلوماسي الأميركي الذي طلب مراجعة الصفقة، لم يطلب من المسؤولين البريطانيين إلغاءها، ولكنه أكد أن الولايات المتحدة تفضل ذلك.

حرب تكنولوجية باردة 

وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أن المراجعة التي تجريها المملكة المتحدة للصفقة، تعد واحدة من أولى التحقيقات المهمة التي تتم بموجب قوانين وضعتها بريطانيا أخيراً، والتي تسمح بالتحقيق في عمليات الاستحواذ الأجنبية على أسس تتعلق بالأمن القومي، وذلك حتى لو كان الأمر بأثر رجعي.

ويعد التواصل الأميركي - البريطاني الفترة الماضية، بشأن الصفقة، جزءاً من الدبلوماسية السرية التي يتم إجراؤها وسط الحرب التكنولوجية الباردة بين واشنطن وبكين، إذ أصبح الضغط على الحلفاء لاحتواء الطموحات التكنولوجية للصين، التي تضخ الأموال في صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها، أولوية للحزبين (الديمقراطي والجمهوري).

وكانت إدارتا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والحالي جو بايدن، طالبت الحكومة الهولندية لمنع شركة  "ASML Holding NV"، التي تصنع معدات متطورة لصنع الرقائق، من بيع منتجاتها إلى الصين، كما استخدمت واشنطن أيضاً الدبلوماسية وضوابط التصدير لتعطيل أعمال لشركة "هواوي" الصينية للهواتف المحمولة، حسب الصحيفة.

كما نقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من إدارة بايدن، لم تكشف عن هويته، قوله إن "هدف الإدارة، إجراء محادثات لمواءمة موقف الولايات المتحدة مع حلفائها بشأن المنافسة التكنولوجية، ولكنها لا تطلب من الدول الأخرى اتخاذ إجراءات محددة".

"واشنطن تنتهك قواعد التجارة"

من جانبها، امتنعت متحدثة باسم الحكومة البريطانية عن التعليق على المناقشات مع المسؤولين الأميركيين، قائلة: "ملتزمون تجاه قطاع أشباه الموصلات والدور الحيوي الذي يلعبه في اقتصاد المملكة المتحدة.."، فيما قال متحدث باسم السفارة الصينية في بريطانيا إنه "يجب ألا تخضع الأنشطة التجارية لمثل هذا التدخل الأميركي"، معتبراً أن "واشنطن تنتهك قواعد التجارة الدولية".

وتركز الجهود الدبلوماسية الأميركية في المملكة المتحدة على مصنع "Newport Wafer Fab"، الذي يقع في ويلز، حيث يأتي في منتصف سلسلة توريد أشباه الموصلات التي تحول السيليكون إلى أشكال دائرية يتم تقطيعها في النهاية إلى رقائق، وكان يواجه صعوبات مالية حتى بات مديناً للحكومة المحلية، عندما اتخذ مالك مصنع "Nexperia" قراراً بالاستحواذ عليه بشكل كامل في يوليو الماضي بحوالى 80 مليون دولار.

ووفقاً لمصدر مقرب من الشركة، فإن "Nexperia" هي شركة هولندية تابعة لشركة "Wingtech Technology"، التي يقع مقرها في مقاطعة تشيانج بالصين قرب شنغهاي، إذ تعد أحد أكبر متعهدي التصنيع الذين يتعاملون مع عمالقة الإلكترونيات بما في ذلك شركتي "هواوي" و"سامسونج".

وتتمتع "Wingtech Technology" بعلاقات مع الدولة الصينية، كما تعود ملكية حوالى 22% منها للكيانات الحكومية الصينية أو لشركات مملوكة للدولة، وذلك وفقاً لشركة "Datenna"، وهي شركة بحثية متخصصة في البيانات الصناعية الصينية.

توترات جيوسياسية

ونقلت الصحيفة الأميركية، عن وسائل إعلام صينية، أن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج زار موقع إنتاج "Wingtech Technology"  في الصين مايو الماضي، وأشاد باستراتيجية الشركة العالمية، فيما يقول الرئيس التنفيذي للشركة زانج تشوزنج إن المؤسسة ستواصل السعي إلى إجراء عمليات الاندماج والاستحواذ في الخارج، رغم التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وأنها ستصبح نموذجاً جديداً للشركات الصينية الخاصة التي تنتقل إلى العالمية.

من جانبها، تقول "Nexperia"، التابعة لـ"Wingtech"، إنها اشترت مصنع "Newport Wafer Fab" لتعزيز القدرة الإنتاجية العالمية، ويقول متحدث باسم "Nexperia" إنه "منذ شراء المصنع، سددت الشركة ديونها للحكومة المحلية، وأعلنت التزامها باستثمار حوالي 100 مليون دولار في المصنع، وتم توظيف 50 شخصاً، ورفعت عدد الموظفين إلى 500"، مشيراً إلى أن "المصنع لا يمثل خطراً على الأمن القومي لأنه في الغالب يصنع رقائق لمجففات الشعر والأجهزة الشائعة الأخرى".

فيما يقول مقربون من "Newport Wafer Fab" وبعض المشرعين البريطانيين، إن الأمر يفتقد إلى نقطة مهمة للغاية، إذ يوضحون أن المصنع بدأ في التحول إلى صنع شيء يسمى أشباه الموصلات المركبة، أو الرقائق التي تستخدم مواد غير السيليكون التقليدي.

وأعرب بعض المشرعين في بريطانيا، عن قلقهم كون المصنع جزءاً من مجموعة من المصانع ومراكز الأبحاث التي تسيطر عليها المملكة المتحدة في ويلز، بهدف أن تصبح مركزاً رائداً عالمياً لأشباه الموصلات المركبة، وهي المخاوف التي تشاركهم فيها الولايات المتحدة حيث تخشى أن تفقد بريطانيا السيطرة على أحد المصانع الرئيسية في تلك المجموعة، بحسب ما ذكرت مصادر للصحيفة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات