
أعربت المستشارة الاقتصادية للرئيس الأميركي جو بايدن، سيسيليا روز،الثلاثاء، عن قلق البيت الأبيض إزاء مخاطر حدوث ركود في الولايات المتحدة، لكنه يعتقد أن أساسيات الاقتصاد ما زالت قوية بما فيه الكافية للتعامل معها.
وذكرت روز لشبكة "سي إن بي سي"، أنّه "من الواضح أن ذلك يشكل مصدر قلق، لكن العمود الفقري لاقتصادنا ما زال قوياً"، لافتةً إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي الذي سُجّل في الربع الأول، وشدّدت على أنّه نتج عن ضعف الصادرات.
وأضافت: "إذا نظرتم إلى المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير، كانت في الواقع قوية جداً من حيث الإنفاق الاستهلاكي.. ما زال سوق العمل قوياً"، مشيرة إلى أن "النمو مستمر".
والأحد، اعتبرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أن الركود ليس "حتمياً" في الولايات المتحدة، متوقعة لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية "تباطؤ الاقتصاد" في خضمّ انتقاله إلى "نمو بطيء ومستقر".
من جهة أخرى، قالت لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، الأحد، إن مخاطر ركود "الاقتصادي الأميركي" تتزايد، وسيستغرق الأمر عدة أعوام للعودة إلى هدف التضخم للبنك المركزي البالغ 2%.
وتعافى الاقتصاد الأميركي بشكل كبير منذ الإغلاق في فترة تفشي فيروس كورونا، لكن تسجيل أعلى معدل تضخم في 4 عقود والمشاكل المرتبطة بسلاسل الإمداد يشيع جواً من التشاؤم.
وقال توماس باركين، رئيس مكتب ريتشموند الإقليمي للبنك المركزي خلال كلمة ألقاها في ريتشموند بولاية فيرجينيا: "ما زالت البيانات الاقتصادية اليوم تبدو جيدة نسبياً"، موضحاً أن "العودة إلى الوضع الطبيعي لن تمر بالضرورة في حالة ركود، حتى لو كان الخطر موجوداً".
ورجح خبراء الاقتصاد في مجموعة "نومورا هولدينجز" المالية، أن يعاني الاقتصادي الأميركي من ركود معتدل بحلول نهاية 2022، وسط رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في محاولة لترويض التضخم المتنامي.
وتحذّر "نومورا هولدينجز" من إمكانية تشديد الظروف المالية أكثر، وتدهور معنويات المستهلكين، وتفاقم اختلالات إمدادات الطاقة والغذاء، وتدهور آفاق النمو العالمي.
وكتب الاقتصاديان في "نومورا" أيشي أميميا وروبرت دينت في مذكرة الاثنين: "مع التباطؤ السريع لزخم النمو والتزام الاحتياطي الفيدرالي باستعادة استقرار الأسعار، نعتقد أنَّ الركود المعتدل بدءاً من الربع الرابع لهذا العام أصبح أكثر احتمالاً الآن".
وقال الاقتصاديان إنَّ المدخرات الفائضة وميزانيات المستهلكين ستساعد في الحد من سرعة الانكماش الاقتصادي، لكنَّ ارتفاع التضخم سيقيّد السياسة النقدية والمالية.
تزايد التحذيرات
من جهة ثانية، حذّر الملياردير الأميركي إيلون ماسك، والخبير الاقتصادي نورييل روبيني، ومجموعة "جولدمان ساكس" للخدمات المصرفية، من تزايد احتمالات انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى مرحلة من الكساد.
وذكرت "بلومبرغ" في تقرير، الثلاثاء، أنّ هذه التوقعات تثير مخاوف من حدوث هبوط حاد لأكبر اقتصاد في العالم، في الوقت الذي يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) أسعار الفائدة لمواجهة أسرع وتيرة تضخم منذ عقود.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك، الثلاثاء، في مداخلة عبر الفيديو مع رئيس تحرير وكالة "بلومبرغ" على هامش "منتدى قطر الاقتصادي" في الدوحة"، إن حدوث كساد في الولايات المتحدة يبدو مرجحاً في المستقبل القريب.
وأضاف: "حدوث ركود مسألة حتمية في مرحلة ما، وفيما يتعلق بما إذا كان هناك ركود في المدى القريب، لست واثقاً من هذا"، لافتاً إلى أنّ "هذا ليس أمراً مؤكداً، لكنه يبدو محتملاً".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخطر أغنى رجل في العالم المديرين التنفيذيين لشركة "تسلا" أنه يراوده "شعور سيء للغاية" بشأن الاقتصاد، وفقاً لرسالة بريد إلكتروني داخلية اطلعت عليها وكالة "رويترز".
خفض توقعات النمو
وخفض خبراء الاقتصاد في "جولدمان ساكس"، توقعاتهم للنمو في الولايات المتحدة، وحذّروا في مذكرة بحثية أصدروها، الاثنين، من أن مخاطر الركود آخذة في الارتفاع.
وتوقع فريق البنك أن ثمة احتمال بنسبة 30% للدخول في مرحلة ركود خلال العام المقبل، ارتفاعاً من 15% سابقاً، واحتمالاً مشروطاً بنسبة 25% للدخول في ركود في العام الثاني في حال تجنبه في العام الأول، وهذا يعني وجود احتمال تراكمي بنسبة 48% في العامين المقبلين مقابل 35% سابقاً.
وكتب الاقتصاديون بقيادة يان هاتزيوس: "نحن نرى الآن مخاطر حدوث ركود أعلى، الأسباب الرئيسة هي أن مسار النمو الأساسي لدينا الآن أقل، ونحن قلقون بشكل متزايد من أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى الاستجابة بقوة لمعدل التضخم الإجمالي المرتفع، وتوقعات تضخم الأسعار الاستهلاكية إذا ارتفعت أسعار الطاقة أكثر، حتى لو تباطأ النشاط بشكل حاد".
"قريبون للغاية"
وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة "روبيني ماركو وشركاه" نورييل روبيني، حدوث ركود في الولايات المتحدة بحلول نهاية العام.
وأوضح في تصريحات لتلفزيون "بلومبرغ"، أنّ مقاييس ثقة المستهلك، ومبيعات التجزئة ونشاط التصنيع والإسكان تتباطأ جميعها بشكل حاد في حين أن التضخم مرتفع، مضيفاً: "أصبحا قريبين للغاية".
وبهدف التخفيف من ارتفاع تكاليف المعيشة، سرّع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، وتيرة حملته لتشديد السياسة النقدية بأكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ عام 1994.
وأدى ذلك إلى خسائر جديدة في بورصة "وول ستريت"، وزاد من احتمالات حدوث ركود، ما زاد الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن.
والاثنين، قال بايدن إنّ الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة ليس "أمراً حتمياً" بعد محادثة مع وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سمرز، الذي يرى أن هناك احتمالاً كبيراً بأن تجد البلاد نفسها تعاني الركود التضخمي.