
أعاد خفض شحنات الغاز الروسي مسألة الطاقة النووية إلى طاولة النقاش في ألمانيا، مع ارتفاع أصوات تدعو إلى تمديد الاعتماد عليها، رغم الخطط التي وضعتها برلين سابقاً للتخلص من هذه الطاقة بشكل نهائي.
وأعلنت الحكومة الألمانية، الاثنين، أنها ستقرر "في الأسابيع المقبلة" إمكانية تمديد العمل في المحطات النووية الأخيرة الموجودة في البلاد، والتي كان من المقرر إيقافها في نهاية العام الحالي، وأفاد المتحدث باسمها أنها تنتظر "نتيجة اختبار التحمل الجاري حالياً، لمعرفة مستوى السلامة في هذه المحطات"، ولتتمكن من تحديد موقفها النهائي بناء عليه.
وجاء هذا بعد أن خلُص الاختبار الأول في مارس إلى أن محطات الطاقة النووية الثلاث التي لا تزال تعمل في ألمانيا، لم تكن ضرورية لضمان أمن الطاقة في أكبر اقتصاد أوروبي.
إرث ميركل
المستشارة المحافظة السابقة أنجيلا ميركل هي التي ألزمت ألمانيا بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية، تحت ضغط الرأي العام بعد كارثة فوكوشيما في عام 2011.
ولكن منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ساء الوضع في البلاد على مستوى الطاقة، ودفع ارتفاع أسعار الطاقة والخشية من نقص الغاز الروسي فريق ميركل السياسي إلى إعادة النظر في محرمات الطاقة النووية. وصار يطالب ببقاء محطات الطاقة الأخيرة قيد الاستعمال لفترة أطول من المخطط له.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي (الحزب الذي تنتمي إليه ميركل) فريدريك ميرز: "أولئك الذين قرروا البقاء في مجال الطاقة النووية مثل فرنسا، ليسوا بالضرورة أكثر غباءً من الألمان".
وأضاف: "يمكنني أن أتوقع، سترون أن محطات الطاقة النووية سيتم تمديد العمل فيها في نهاية العام".
ويتصاعد الضغط ضمن إطار الائتلاف الحكومي نفسه، خصوصاً من قبل الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي. وقال المسؤول في هذا الحزب اليميني مايكل كروز لصحيفة "بيلد" الثلاثاء: "يجب تمديد عمر المحطات النووية إلى ربيع 2024. إنها الفترة التي قد نواجه خلالها نقصاً في الطاقة".
وحتى على مستوى حزب الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين، باتت التعليقات حول الطاقة النووية أقل تشدداً.
الخضر أقل تشدداً
أعلنت نائبة رئيس البرلمان الألماني "البوندستاج" كاترين غورينج إيكاردت، العضو في حزب الخضر التي تتمتع بنفوذ قوي، أن فكرة إطالة عمر محطات الطاقة النووية التي لا تزال في الخدمة، ستظل خياراً في حال حدوث حالة طوارئ حقيقية.
وأشارت إلى أن بعض المؤسسات المهمة، مثل المستشفيات، ستواجه صعوبات في العمل في حال عدم اللجوء إلى هذا الخيار.
وألمح ممثلو الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر في ميونخ وساكسونيا السفلى، إلى هذا الاحتمال أيضاً، بالرغم من من أن هاتين المدينتين تضمان المحطتين النوويتين "إيسار 2" و"أمسلاند".
وأشار عمدة ميونخ دييتر ريتر، إلى أنه من الممكن استخدام "إيسار 2" حتى منتصف العام المقبل أو أكثر من ذلك، ما يسمح بتحسين إمداد سكان ميونخ، في حال تفاقم الوضع في أوكرانيا.
وحتى وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك التي تنتمي إلى حزب الخضر، اعتبرت أن "حالة الطوارئ" التي تواجهها ألمانيا تقتضي "التفكير في حلول".
وإذا قررت الحكومة تمديد عمر محطات الطاقة المتبقية، سيُشكل ذلك تحولاً جديداً في مجال الطاقة مع تداعيات سياسية قوية.
إقرأ أيضاً: