
انتهت أزمة احتجاز رهائن داخل فرع "فدرال بنك" في منطقة الحمرا بالعاصمة اللبنانية بيروت، الخميس، بتحرير المسلح لجميع الرهائن وتسليم نفسه، بعد مأساة دامت أكثر من سبع ساعات.
وقال مصدر أمني لـ"الشرق"، إن "المسلح بسام الشيخ حسين حصل على مبلغ قدره 35 ألف دولار" من أصل وديعته البالغة نحو 200 ألف دولار، مقابل "تسليم نفسه للقوى الأمنية وترك الرهائن". وأضاف المصدر أن "القضية ستأخذ مسارها القضائي-القانوني".
وأظهرت مقاطع فيديو شخصاً يدعى بسام الشيخ حسين، وهو يحمل سلاحاً نارياً داخل مبنى المصرف ويحتجز عدداً من الرهائن، كما أطلق عدة طلقات.
وقال أحد الرهائن في اتصال مع "الشرق" قبل إطلاق سراحهم، إن "المسلح كان يحتجز 5 موظفين ومتعاملاً واحداً"، مشيراً إلى إطلاق سراح رهينة في وقت سابق.
وبسؤاله عما إذا كان المحتجز "هدد باستخدام السلاح"، أجاب الرهينة: "إنه يحمل بندقية ويقف أمامنا في انتظار تأمين أمواله كي يسير الأمر كما يرام"، مشيراً إلى أن قوى الأمن استمرت في التفاوض معه.
وكان المسلح أطلق سراح أحد الرهائن كبار السن، في وقت سابق، وأفادت مراسلة "الشرق" بوجود عدد من المتضامنين مع المسلح حول مقر البنك.
ونقلت الشرق عن مصادر إن "التعليمات أُعطيت للأجهزة الأمنية لحل قضية حجز الرهائن بالمفاوضات لمنع إراقة الدماء، ولكن الحل النهائي يخضع لتقدير الأجهزة الأمنية".
ونقلت "الشرق"، عن أحد المسؤولين في المصرف، أن المسلح "تهجم سابقاً على فروع أخرى بدون سلاح، وأقدم على قذف وشتم الموظفين مطالباً بالحصول على وديعة مالية له".
"المودعين اللبنانيين": الحادث مسؤولية السلطات
وحضر رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية مع أعضاء من الجمعية، في محاولة منهم لإقناع المودع المسلح وثنيه عن القيام بأي عمل مؤذٍ.
وقال مغنية لـ"الشرق": "حذرنا من الوصول إلى هذه المرحلة مراراً وتكراراً (...) استمرار تجاهل السلطة لحقوق المواطنين وأموالهم المحتجزة في المصارف، يؤدي إلى مثل هذه التصرفات".
وأضاف أن المسلح الذي كانت بحوزته مواد مشتعلة "طالب بإعادة أمواله المقدرة بـ210 آلاف دولار".
أسوأ أزمة مالية
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية خانقة منذ خريف 2019 صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، حوادث مماثلة مع فرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع خصوصاً بالدولار.
وجعلت قيود السحب المودعين عاجزين عن التصرّف بأموالهم خصوصاً بالدولار، بينما فقدت الودائع بالعملة المحلية قيمتها مع تراجع الليرة أكثر من 90% أمام الدولار.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف خلال العامين الماضيين، إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين بتعليمات إداراتهم.
وفي ظل انقسام سياسي يحول دون اتخاذ خطوات بناءة لوقف الانهيار الذي لم توفّر تداعياته أي قطاع أو شريحة اجتماعية، يصدر مصرف لبنان بين الحين والآخر تعاميم لامتصاص نقمة المودعين، تسمح لهم بسحب جزء من ودائعهم بالدولار ضمن سقف معين.
"شعارات تعارض الواقع"
اتهم البنك الدولي في تقرير الأسبوع الماضي، السياسيين اللبنانيين بالقسوة لتأكيدهم على أن الودائع في القطاع المصرفي المنهار في البلاد مقدسة، قائلاً إن مثل هذه الشعارات "تتعارض بشكل صارخ مع الواقع".
ويعيش لبنان الآن في ثالث سنة من الانهيار المالي، الذي خلف 8 من كل 10 أشخاص فقراء، والذي يقول البنك الدولي إنه متعمد وقد يكون واحداً من أسوأ 3 انهيارات مالية في العصر الحديث.
ويمثل التقرير الجديد ثاني مرة هذا العام يوبخ فيها البنك الدولي السياسيين الذين يمثلون النخبة الحاكمة في لبنان بعد أن اتهمهم في يناير الماضي، "بتدبير" الانهيار الاقتصادي الكارثي للبلاد من خلال قبضتهم الاستغلالية على الموارد.
وقال البنك الدولي في التقرير: "الشعارات السياسية عن قدسية الودائع جوفاء وانتهازية. في الواقع، فإن إساءة استخدام السياسيين لهذا المصطلح أمر قاس".
وأضاف التقرير: "المصطلح لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ فحسب، بل إنه يمنع إيجاد حلول لحماية معظم -إن لم يكن كل- أصحاب الودائع الصغار والمتوسطين بالدولار والنقد".
وعادة ما يقول السياسيون اللبنانيون إنه يجب الحفاظ على حقوق المودعين في أي خطة لمعالجة خسائر تقدر بنحو 70 مليار دولار في النظام المالي حتى لو فقدت مدخراتهم نحو 80% من قيمتها بسبب الانهيار.
وأضاف البنك الدولي: "ينبغي لمساهمي البنوك وكبار الدائنين، الذين استفادوا بشكل كبير خلال الثلاثين عاماً الماضية من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية، قبول الخسائر وتحملها".