يستقبل ميناء روتردام، الأكبر في أوروبا، ملايين الحاويات سنوياً، إلا أنه يستقبل في السنوات الأخيرة كميات متزايدة من مادة الكوكايين.
ويوضح خير شيرينجا، وهو مسؤول في السلطات الجمركية للميناء الهولندي الذي يُعتبر إلى جانب ميناء أنتويرب في بلجيكا بين أبرز مداخل "المسحوق الأبيض" إلى أوروبا، أنّ المشكلة "كَبُرت خلال السنوات الأخيرة".
وفي عام 2021، ضُبطت كمية قياسية (نحو 70 طنّاً) من الكوكايين في ميناء روتردام، مع زيادة بنسبة 74% عن العام السابق، بحسب شيرينجا.
وعادة ما تُخبأ المخدرات داخل حاويات، وأحياناً تحت خط ماء السفن في فتحات يسحب الغواصون المواد منها.
ارتفاع عمليات مصادرة المخدرات
ويرى شيرينجا أنّ تفسير سبب تزايد عمليات مصادرة المخدرات هو "مسألة صعبة، إذ يبدو أنّ هناك عدداً كبيراً من المستهلكين في أوروبا"، مضيفاً: "إذا وُجد الطلب على الكوكايين فسيجري تأمينه".
ويشير شيرينجا إلى تدابير عدة اتُخذت للحدّ من تهريب الكوكايين، أبرزها تشديد عمليات الرقابة والتفتيش.
إلا أنّ المسؤول الهولندي لا يتوقّع أن يُحطَّم عام 2022 الرقم القياسي المُسجّل في هذا الخصوص، لافتاً إلى عدم إدراكه "ما إذا كان هناك حل فعلي للمشكلة"، طالما أن الكوكايين يجد من يستهلكه.
وكان رئيس بلدية روتردام أحمد أبو طالب، أكد في الصيف الماضي أنّ مدينته "تغرق في الكوكايين"، مستنكراً العنف المرتبط بتهريب هذه المادة. واقترح إخضاع كل الحاويات الآتية من أميركا اللاتينية إلى فحص بالمسح الضوئي.
ويشير شيرينجا إلى أنّ "التحدي الأكبر يتمثل في إيجاد توازن بين السرعة المرتبطة بالخطوات اللوجستية ومراقبة كل ما ترغب السلطات به".
ويلجأ المجرمون إلى أساليب معقّدة لإيصال الكوكايين إلى الميناء ثم استرداده، إذ غالباً ما يعتمدون على معلومات داخلية، بحسب المتخصصة في المخدرات لدى شرطة الميناء روميلدا شاف.
وتشير شاف خلال عرضها على جهاز الكمبيوتر الحجم الكبير للمنطقة المسؤولة عنها، والتي تتراكم فيها عشرات الآلاف من الحاويات، إلى أنّ تحديد مكان الكوكايين يتطلب معلومات دقيقة.
وتقول إنّ "الأمر يشبه البحث عن إبرة في كومة قش".
ويمضي بعض الضالعين في عمليات التهريب هذه، وهم في الغالب بحسب المدّعين العامين شبّان من جنوب روتردام، ليالٍ عدة أحياناً في "حاويات سكنية" مجهزة بالطعام والبطانيات قرب المكان الذي يُتوقع وجود حاوية تحتوي على الكوكايين فيه. ثم ينقلون الكوكايين إلى حاوية أخرى أقل احتمالاً للتفتيش.
وأُوقف 70 شخصاً في الميناء منذ بداية هذا العام لارتكابهم جرائم مرتبطة بالمخدرات، أو كونهم أعضاء في منظمات إجرامية أو موظفين في الميناء، بحسب شيرينجا.
وفي أوائل ديسمبر، أُوقفت موظفة في الجمارك بتهمة الفساد والتورط في عملية تهريب كبيرة للمخدرات.
وتقول شاف: "إذا وافق الشخص مرة واحدة على الانخراط بعملية تهريب، فلن يستطيع أن يرفض في المرات المقبلة".
ولمواجهة هذه المشكلة، تتواصل السلطات الجمركية مع الدول التي تخرج منها المخدرات، بالإضافة إلى توعية الموظفين على الفساد، وفرضها عقوبات أشد على مَن يتواجد بصورة غير قانونية في الميناء، وغير ذلك من إجراءات الرقابة.
وتُتخذ هذه الإجراءات بناءً على تقييم للمخاطر المحتملة، فبعض الحاويات التي تُصنّف مشبوهة استناداً إلى معلومات تصل إلى السلطات من الخارج مثلاً، يجري فحصها بالمسح الضوئي ثم تُفرَّغ وتُفتَّش بمساعدة كلاب متخصصة. وتتولى مجموعات من الغواصين فحص بعض السفن.
واغتيل محام وصحافي شهير كانا مضطلعين بمحاكمة قائد شبكة لتهريب المخدرات عامي 2019 و2021، ما أحدث صدمة في هولندا، ودفع السلطات إلى اعتماد مزيد من التدابير لمكافحة تهريب المخدرات.
اقرأ أيضاً: